أقضيه فى الأشواق إلا أقله

أقضيه فى الأشواق إلا أقلهبطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله
و ليس اشتياقى عن غرام بشادنو لكنه شوق امرئ فات أهله
فيا لك من ليل أعرت نجومهتوقد أنفاسي و عانيت مثله
و مل كلانا من أخيه و هكذاإذا طال عهد المرء بالشئ مله
أبيات الشاعر حافظ إبراهيم

سينية

اختلاف النهار والليل ينسياذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وصفا لي ملاوة من شبابصورت من تصورات ومس
عصفت كالصبا اللعوب ومرتسنة حـلوة ولذة خلس
وسلا مصر: هل سلا القلب عنهاأو أسا جرحه الزمان المؤسي
كلما مرت الـليالـي عليهرق، والعهد فـي الليالي تقسي
مستطار إذا البواخر رنتأول الليل، أو عوت بعد جرس
راهب في الضلوع للسفن فطنكلما ثرن شاعهن بنقس
يا ابنة اليم، ما أبـوك بـخيلماله مولعاً بمنع وحبس
أحرام على بلابـله الدوححلال للطير من كل جنس؟
كل دار أحق بالأهل إلافي خبيث من المذاهب رجس
نفسي مرجل، وقلبي شراعبهما في الدموع سيري وأرسي
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراكيـد (الثغر) بـين (رمل) و(مكس)
وطـني لو شغلت بالخلد عنهنازعتني إليه في الخلد نفسي
وهـفا بالفؤاد في سلسبيلظمأ للسواد مـن (عين شمس)
شهد الله لم يغب عن جـفونيشخصه ساعة ولم يخل حسي
يا فؤادي لكل أمر قرارفيه يبدو وينجلي بعد لبس
عقلت لجة الأمور عقولاًطالت الحوت طول سبح وغس
غرقت حيث لا يصاح بطافأو غريق، ولا يصاخ لحس
فلـك يكسف الشموس نـهـاراًويسوم البدور ليلة وكس
ومواقيت للأمور إذا مابلغتها الأمور صارت لعكس
دول كالرجال مرتهنـاتبقيام من الجدود وتعس
وليال من كل ذات سوارلطمت كل رب (روم) و(فرس)
سددت بالهلال قوساً وسلتخنجراً ينفذان من كل ترس
حكمت في القرون (خوفو) و(دارا)وعفت (وائلاً) وألوت (بعبس)
أين (مروان) في المشارق عرشأموي وفي الـمغارب كرسي؟
سقمت شمسهم فرد عليهانورها كل ثاقب الرأي نطس
ثم غابت وكل شمس سوى هاتيكتبلى، وتنطوي تحت رمس
وعظ (البحتري) إيـوان (كسرى)شفتني القصور من (عبد شمس)
رب ليل سريت والبرق طرفيوبساط طويت والريح عنسي
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالغربوأطوي البلاد حزنـاً لدهس
في ديار من الخلائف درسومـنار من الطوائف طمس
وربى كالجنان في كنف الزيتونخضر، وفي ذرا الكرم طلس
لم يرعـني سوى ثرى قرطبيلمست فيه عبرة الدهر خمسي
يا وقى الله ما أصبح منهوسقى صفوت الحيا ما أمسي
قرية لا تعد في الأرض كنتتمسك الأرض أن تميد وترسي
غشيت ساحل المحيط وغطتلجة الروم من شراع وقلس
ركب الدهر خاطري في ثراهافأتى ذلك الحمى بــعد حدس
فتجلت لي القصور ومن فيهامن العز في منازل قعس
سنة من كرى وطيف أمـانوصحا القلب مـن ضلال وهجس
وإذا الدار ما بها من أنيسوإذا القوم ما لهم من محس
ورقيق من البيوت عتيقجاوز الألف غير مذموم حرس
أثر من (محمد) وتراثصار (للروح) ذي الولاء الأمس
بلغ النجم ذروة وتناهىبين (ثهلان) في الأساس و(قدس)
مرمر تسبح النواظر فيهويطول المدى عليها فترسي
وسوار كأنها في استواءألفات الوزير في عرض طرس
فترة الدهر قد كست سطريهاما اكتسى الهدب من فتور ونعس
ويحها! كم تزينت لعليمواحد الدهر واستعدت لخمس
وكأن الرفيف في مسرح العينملاء مدنرات الدمقس
ومكان الكتاب يغريك رياًورده غائباً فتدنو للمس
صنعة (الداخل) المبارك فيالغرب وآل له ميامين شمس
من (لحمراء) جللت بغبارالدهر كالجرح بين بـرء ونكس
كسنا البرق لو محا الضوء لحظاًلمحتها العيون من طول قبس
حصن (غرناطة) ودار بني الأحمرمن غافل ويقظان ندس
جلل الثلج دونها رأس (شيرى)فبدا منه في عـصائب برس
سرمد شيبه، ولم أر شيئاًقبله يـرجى البقاء وينسي
مشت الحادثات في غرف (الحمراء)مشي النعي في دار عرس
هتكت عزة الحجاب وفضتسدة الباب من سمير وأنسي
عرصات تخلت الخيل عنهاواستراحت من احتراس وعس
ومغان على الليالي وضاءلم تجد للعشي تكرار مس
لا ترى غير وافدين على التاريخساعين في خشوع ونكس
نقلوا الطـرف في نضارة آسمن نقوش، وفي عصارة ورس
وقباب من لازورد وتبركالربى الشم بين ظل وشمس
وخطوط تكفلت للمعانيولألفاظها بأزيـن لبس
وترى مجلس السباع خلاءمقفر القاع من ظباء وخنس
لا (الثريا) ولا جواري الثريايتنزلن فيه أقمار إنس
مرمر قامت الأسود عليهكلة الظفر لينات المجس
تنثر الماء في الحياض جماناًيـتنزى على ترائب ملس
آخر العهد بالجزيرة كانتبعد عرك من الزمان وضرس
فتراها تقول: راية جيشباد بالأمس بـين أسر وحـس
ومفاتيحها مقاليد ملكباعها الوارث المضـيع ببخس
خرج القوم في كتائب صمعن حفاظ كموكب الدفن خرس
ركبوا بالبحار نعشاً وكانتتحت آبائهم هي العرش أمس
رب بان لهادم، وجموعلمشت ومحسن لمخس
إمرة الناس همة لا تأنىلجبــان ولا تسنى لجبس
يا دياراً نزلت كالخلد ظلاًوجـنى دانياً وسلسال أنس
محسنات الفصول لا نـاجر فيهابقيظ ولا جمادى بـقرس
لا تحش العيون فوق ربــاهاغير حور حو المراشف لعس
كسيت أفرخي بظلك ريشاًوربا في رباك واشتد غرسي
هم بنو مصر لا الجميل لديهمبمضاع ولا الصنيع بمنسي
من لسان على ثنائك وقفوجنان على ولائك حبس
حسبهم هذه الطلول عظاتمن جديد على الدهور ودرس
وإذا فاتك التفات إلى الماضيفقد غاب عنك وجه التأسي
قصيدة مشهورة لأمير الشعراء أحمد شوقي

شيعت أحلامي بقلب باك

شَيَّعتُ أَحلامي بِقَلبٍ باكِوَلَمَمتُ مِن طُرُقِ المِلاحِ شِباكي
وَرَجَعتُ أَدراجَ الشَبابِ وَوَردِهِأَمشي مَكانَهُما عَلى الأَشواكِ
وَبِجانِبي واهٍ كَأنَّ خُفوقَهُلَمّا تَلَفَّتَ جَهشَةُ المُتَباكي
شاكي السِلاحِ إِذا خَلا بِضُلوعِهِفَإِذا أُهيبَ بِهِ فَلَيسَ بِشاكِ
قَد راعَهُ أَنّي طَوَيتُ حَبائِليمِن بَعدِ طولِ تَناوُلٍ وَفِكاكِ
وَيحَ اِبنِ جَنبي كُلُّ غايَةِ لَذَّةٍبَعدَ الشَبابِ عَزيزَةُ الإِدراكِ
لَم تُبقِ مِنّا يا فُؤادُ بَقِيَّةًلِفُتُوَّةٍ أَو فَضلَةٌ لِعِراكِ
كُنّا إِذا صَفَّقتَ نَستَبِقُ الهَوىوَنَشُدُّ شَدَّ العُصبَةِ الفُتّاكِ
وَاليَومَ تَبعَثُ فِيَّ حينَ تَهَزُّنيما يَبعَثُ الناقوسُ في النُسّاكِ
يا جارَةَ الوادي طَرِبتُ وَعادَنيما يُشبِهُ الأَحلامَ مِن ذِكراكِ
مَثَّلتُ في الذِكرى هَواكِ وَفي الكَرىوَالذِكرَياتُ صَدى السِنينِ الحاكي
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى الرِياضِ بِرَبوَةٍغَنّاءَ كُنتُ حِيالَها أَلقاكِ
ضَحِكَت إِلَيَّ وُجوهُها وَعُيونُهاوَوَجَدتُ في أَنفاسِها رَيّاكِ
فَذَهبتُ في الأَيّامِ أَذكُرُ رَفرَفاًبَينَ الجَداوِلِ وَالعُيونِ حَواكِ
أَذَكَرتِ هَروَلَةَ الصَبابَةِ وَالهَوىلَمّا خَطَرتِ يُقَبِّلانِ خُطاكِ
لَم أَدرِ ماطيبُ العِناقِ عَلى الهَوىحَتّى تَرَفَّقَ ساعِدي فَطواكِ
وَتَأَوَّدَت أَعطافُ بانِكِ في يَديوَاِحمَرَّ مِن خَفرَيهِما خَدّاكِ
وَدَخَلتُ في لَيلَينِ فَرعِكِ وَالدُجىوَلَثَمتُ كَالصُبحِ المُنَوِّرِ فاكِ
وَوَجدتُ في كُنهِ الجَوانِحِ نَشوَةًمِن طيبِ فيكِ وَمِن سُلافِ لَماكِ
وَتَعَطَّلَت لُغَةُ الكَلامِ وَخاطَبَتعَينَيَّ في لُغَةِ الهَوى عَيناكِ
وَمَحَوتُ كُلَّ لُبانَةٍ مِن خاطِريوَنَسيتُ كُلَّ تَعاتُبٍ وَتَشاكي
لا أَمسَ مِن عُمرِ الزَمانِ وَلا غَدٌجُمِعَ الزَمانُ فَكانَ يَومَ رِضاكِ
لُبنانُ رَدَّتني إِلَيكَ مِنَ النَوىأَقدارُ سَيرٍ لِلحَياةِ دَراكِ
جَمَعَت نَزيلَي ظَهرِها مِن فُرقَةٍكُرَةٌ وَراءَ صَوالِجِ الأَفلاكِ
نَمشي عَلَيها فَوقَ كُلِّ فُجاءَةٍكَالطَيرِ فَوقَ مَكامِنِ الأَشراكِ
وَلَو أَنَّ بِالشَوقُ المَزارُ وَجَدتَنيمُلقى الرِحالِ عَلى ثَراكِ الذاكي
بِنتَ البِقاعِ وَأُمَّ بَردونِيَّهاطيبي كَجِلَّقَ وَاِسكُبي بَرداكِ
وَدِمَشقُ جَنّاتُ النَعيمِ وَإِنَّماأَلفَيتُ سُدَّةَ عَدنِهِنَّ رُباكِ
قَسَماً لَوِ اِنتَمَتِ الجَداوِلُ وَالرُبالَتَهَلَّلَ الفِردَوسُ ثُمَّ نَماكِ
مَرآكِ مَرآهُ وَعَينُكِ عَينُهُلِم يا زُحَيلَةُ لا يَكونُ أَباكِ
تِلكَ الكُرومُ بَقِيَّةٌ مِن بابِلٍهَيهاتَ نَسيَ البابِلِيِّ جَناكِ
تُبدي كَوَشيِ الفُرسِ أَفتَنَ صِبغَةٍلِلناظِرينَ إِلى أَلَذِّ حِياكِ
خَرَزاتِ مِسكٍ أَو عُقودَ الكَهرَباأودِعنَ كافوراً مِنَ الأَسلاكِ
فَكَّرتُ في لَبَنِ الجِنانِ وَخَمرِهالَمّا رَأَيتُ الماءَ مَسَّ طِلاكِ
لَم أَنسَ مِن هِبَةِ الزَمانِ عَشِيَّةًسَلَفَت بِظِلِّكِ وَاِنقَضَت بِذَراكِ
كُنتِ العَروسَ عَلى مَنَصَّةِ جِنحِهالُبنانُ في الوَشيِ الكَريمِ جَلاكِ
يَمشي إِلَيكِ اللَحظُ في الديباجِ أَوفي العاجِ مِن أَيِّ الشِعابِ أَتاكِ
ضَمَّت ذِراعَيها الطَبيعَةُ رِقَّةًصِنّينَ وَالحَرَمونَ فَاِحتَضَناكِ
وَالبَدرُ في ثَبَجِ السَماءِ مُنَوِّرٌسالَت حُلاهُ عَلى الثَرى وَحُلاكِ
وَالنَيِّراتُ مِنَ السَحابِ مُطِلَّةٌكَالغيدِ مِن سِترٍ وَمِن شُبّاكِ
وَكَأَنَّ كُلَّ ذُؤابَةٍ مِن شاهِقٍرُكنُ المَجرَّةِ أَو جِدارُ سِماكِ
سَكَنَت نَواحي اللَيلِ إِلّا أَنَّةًفي الأَيكِ أَو وَتَراً شَجِيَ حِراكِ
شَرَفاً عَروسَ الأَرزِ كُلُّ خَريدَةٍتَحتَ السَماءِ مِنَ البِلادِ فِداكِ
رَكَزَ البَيانُ عَلى ذَراكِ لِوائَهُوَمَشى مُلوكُ الشِعرِ في مَغناكِ
أُدَباؤُكِ الزُهرُ الشُموسُ وَلا أَرىأَرضاً تَمَخَّضُ بِالشُموسِ سِواكِ
مِن كُلِّ أَروَعَ عِلمُهُ في شِعرِهِوَيَراعُهُ مِن خُلقِهِ بِمَلاكِ
جَمعَ القَصائِدَ مِن رُباكِ وَرُبَّماسَرَقَ الشَمائِلَ مِن نَسيمِ صَباكِ
موسى بِبابِكِ في المَكارِمِ وَالعُلاوَعَصاهُ في سِحرِ البَيانِ عَصاكِ
أَحلَلتِ شِعري مِنكِ في عُليا الذُراوَجَمَعتِهِ بِرِوايَةِ الأَملاكِ
إِن تُكرِمي يا زَحلُ شِعري إِنَّنيأَنكَرتُ كُلَّ قَصيدَةٍ إِلّاكِ
أَنتِ الخَيالُ بَديعُهُ وَغَريبُهُاللَهُ صاغَكِ وَالزَمانُ رَواكِ
قصيدة أحمد شوقي

ذكر الصبي ومراتع الآرام

ذِكَرُ الصّبَي وَمَرَاتِعِ الآرَامِ جَلَبَتْ حِمامي قَبلَ وَقْتِ حِمامي
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمُومُ عَليّ في عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوّامِ
وَكَأنّ كُلّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بهَا تَبكي بعَيْنيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ
وَلَطَالَمَا أفْنَيْتُ رِيقَ كَعَابِهَا فِيهَا وَأفْنَتْ بالعِتابِ كَلامي
قَد كُنْتَ تَهْزَأُ بالفِراقِ مَجَانَةً وَتَجُرّ ذَيْلَيْ شِرّةٍ وَعُرَامِ
لَيسَ القِبابُ على الرّكَابِ وَإنّمَا هُنّ الحَيَاةُ تَرَحّلَتْ بسَلامِ
ليتَ الذي فَلَقَ النّوَى جعَل الحَصَى لخِفافِهِنّ مَفَاصِلي وَعِظامي
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ مَاءَ شُؤونِنَا حَذَراً مِنَ الرُّقَبَاءِ في الأكْمَامِ
أرْوَاحُنَا انهَمَلَتْ وَعِشْنَا بَعدَهَا من بَعدِ ما قَطَرَتْ على الأقدامِ
لَوْ كُنّ يَوْمَ جرَينَ كُنّ كصَبرِنَا عندَ الرّحيلِ لَكُنّ غَيرَ سِجَامِ
لم يَتْرُكُوا لي صاحِباً إلاّ الأسَى وَذَمِيلَ ذِعْلِبَةٍ كَفَحْلِ نَعَامِ
وَتَعَذُّرُ الأحْرارِ صَيّرَ ظَهْرَهَا إلاّ إلَيْكَ عَليَّ ظَهْرَ حَرَامِ
أنتَ الغَريبَةُ في زَمَانٍ أهْلُهُ وُلِدَتْ مَكارِمُهُمْ لغَيرِ تَمَامِ
أكْثَرْتَ من بَذْلِ النّوَالِ وَلم تزَلْ عَلَماً على الإفْضالِ وَالإنْعَامِ
صَغّرْتَ كلّ كَبيرَةٍ وَكَبُرْتَ عَنْ لَكَأنّهُ وَعَدَدْتَ سِنّ غُلامِ
وَرَفَلْتَ في حُلَلِ الثّنَاءِ وَإنّمَا عَدَمُ الثّنَاءِ نِهَايَةُ الإعْدامِ
عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ
إنْ كانَ مِثْلُكَ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ فَبَرِئْتُ حِينَئِذٍ مِنَ الإسْلامِ
مَلِكٌ زُهَتْ بِمَكَانِهِ أيّامُهُ حتى افتَخَرْنَ بهِ على الأيّامِ
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرَى مِن حِلْمِهِ أحْلامَهُمْ فَهُمُ بِلا أحْلامِ
وَإذا امتَحَنْتَ تَكَشّفَتْ عَزَمَاتُهُ عَن أوْحَدِيّ النّقْضِ وَالإبْرامِ
وَإذا سَألْتَ بَنَانَهُ عَنْ نَيْلِهِ لم يَرْضَ بالدّنْيَا قَضاءَ ذِمَامِ
مَهْلاً ألا لِلّهِ ما صَنَعَ القَنَا في عَمْرِو حَابِ وَضَبّةَ الأغْتَامِ
لمّا تَحَكّمَتِ الأسِنّةُ فِيهِمِ جَارَتْ وَهُنّ يَجُرْنَ في الأحكامِ
فَتَرَكْتَهُمْ خَلَلَ البُيُوتِ كأنّما غَضِبَتْ رُؤوسُهُمُ على الأجْسامِ
أحجارُ ناسٍ فَوْقَ أرْضٍ مِنْ دَمٍ وَنُجُومُ بَيْضٍ في سَمَاءِ قَتَامِ
وَذِراعُ كُلّ أبي فُلانٍ كُنْيَةً حَالَتْ فَصَاحِبُها أبُو الأيْتَامِ
عَهْدي بمَعْرَكَةِ الأميرِ وَخَيْلُهُ في النّقْعِ مُحْجِمَةٌ عنِ الإحجامِ
صَلّى الإل?هُ عَلَيْكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ وَسَقَى ثَرَى أبَوَيْكَ صَوْبَ غَمَامِ
وَكَسَاكَ ثَوْبَ مَهَابَةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأرَاكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمْقَامِ
فَلَقَدْ رَمَى بَلَدَ العَدُوّ بنَفْسِهِ في رَوْقِ أرْعَنَ كالغِطَمّ لُهَامِ
قَوْمٌ تَفَرّسَتِ المَنَايَا فِيكُمُ فرَأتْ لكُمْ في الحرْبِ صَبرَ كِرَامِ
تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ

عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم

عُقْبَى اليَمينِ على عُقبَى الوَغَى ندمُ ماذا يزيدُكَ في إقدامِكَ القَسَمُ
وَفي اليَمينِ عَلى ما أنْتَ وَاعِدُهُ مَا دَلّ أنّكَ في الميعادِ مُتّهَمُ
آلى الفَتى ابنُ شُمُشْقيقٍ فأحنَثَهُ فتًى منَ الضّرْبِ تُنسَى عندَه الكَلِمُ
وَفاعِلٌ ما اشتَهَى يُغنيهِ عن حَلِفٍ على الفِعْلِ حُضُورُ الفعل وَالكَرَمُ
كلُّ السّيوفِ إذا طالَ الضّرَابُ بهَا يَمَسُّهَا غَيرَ سَيفِ الدّوْلَةِ السّأمُ
لَوْ كَلّتِ الخَيْلُ حتى لا تَحَمَّلُهُ تَحَمّلَتْهُ إلى أعْدائِهِ الهِمَمُ
أينَ البَطارِيقُ وَالحَلْفُ الذي حَلَفوا بمَفرِقِ المَلْكِ وَالزّعمُ الذي زَعَموا
وَلّى صَوَارِمَهُ إكْذابَ قَوْلِهِمِ فَهُنّ ألْسِنَةٌ أفْوَاهُها القِمَمُ
نَوَاطِقٌ مُخْبِرَاتٌ في جَمَاجِمِهِمْ عَنهُ بما جَهِلُوا مِنْهُ وَما عَلِمُوا
ألرّاجعُ الخَيلَ مُحْفَاةً مُقَوَّدَةً من كُلّ مثلِ وَبَارٍ أهْلُهَا إرَمُ
كَتَلّ بِطْرِيقٍ المَغرُورِ سَاكِنُهَا بأنّ دَارَكَ قِنِّسْرِينُ وَالأجَمُ
وَظَنّهِمْ أنّكَ المِصْباحُ في حَلَبٍ إذا قَصَدْتَ سِوَاها عادَها الظُّلَمُ
وَالشّمسَ يَعنُونَ إلاّ أنّهم جَهِلُوا وَالمَوْتَ يَدْعُونَ إلاّ أنّهُم وَهَموا
فَلَمْ تُتِمّ سَرُوجٌ فَتحَ نَاظِرِهَا إلاّ وَجَيشُكَ في جَفْنَيْهِ مُزْدَحِمُ
وَالنّقْعُ يأخُذُ حَرّاناً وَبَقْعتَهَا وَالشّمسُ تَسفِرُ أحياناً وَتَلْتَثِمُ
سُحْبٌ تَمُرّ بحصْنِ الرّانِ مُمسِكةً وَمَا بها البُخلُ لَوْلا أنّها نِقَمُ
جَيْشٌ كأنّكَ في أرْضٍ تُطاوِلُهُ فالأرْضُ لا أَمَمٌ وَالجَيشُ لا أمَمُ
إذا مَضَى عَلَمٌ منها بَدا عَلَمٌ وَإنْ مَضَى عَلَمٌ مِنْهُ بَدَا عَلَمُ
وَشُزَّبٌ أحمَتِ الشّعرَى شكائِمَهَا وَوَسّمَتْها على آنَافِها الحَكَمُ
حتى وَرَدْنَ بِسِمْنِينٍ بُحَيرَتَهَا تَنِشُّ بالمَاءِ في أشْداقِهَا اللُّجُمُ
وَأصْبَحَتْ بقُرَى هِنريطَ جَائِلَةً تَرْعَى الظُّبَى في خصِيبٍ نَبتُه
فَمَا تَرَكنَ بها خُلْداً لَهُ بَصَرٌ تَحْتَ التّرَابِ وَلا بازاً لَهُ قَدَمُ
وَلا هِزَبْراً لَهُ مِنْ دِرْعِهِ لِبَد وَلا مَهَاةً لهَا مِنْ شِبْهِهَا حَشَمُ
تَرْمي على شَفَراتِ البَاتِراتِ بهِمْ مكامنُ الأرْضِ وَالغيطانُ وَالأكَمُ
وَجاوَزُوا أرْسَنَاساً مُعصِمِينَ بِهِ وكيفَ يَعصِمُهُمْ ما ليسَ يَنعَصِمُ
وَما يَصُدُّكَ عَنْ بَحرٍ لهمْ سَعَةٌ وَمَا يَرُدُّكَ عن طَوْدٍ لهُمْ شَمَمُ
ضرَبْتَهُ بصُدورِ الخَيْلِ حامِلَةً قَوْماً إذا تَلِفوا قُدماً فقد سَلِمُوا
تَجَفَّلُ المَوْجُ عن لَبّاتِ خَيلِهِمِ كمَا تَجَفَّلُ تحتَ الغارَةِ النَّعَمُ
عَبَرْتَ تَقْدُمُهُمْ فيهِ وَفي بَلَدٍ سُكّانُهُ رِمَمٌ مَسكُونُها حُمَمُ
وَفي أكُفّهِمِ النّارُ التي عُبِدَتْ قبل المَجوس إلى ذا اليوْم تَضْطَرِمُ
هِنْدِيّةٌ إنْ تُصَغّرْ مَعشَراً صَغُرُوا بحَدّها أوْ تُعَظّمْ مَعشراً عَظُمُوا
قَاسَمْتَها تَلّ بِطْرِيقٍ فكانَ لَهَا أبطالُهَا وَلَكَ الأطْفالُ وَالحُرَمُ
تَلْقَى بهِمْ زَبَدَ التّيّارِ مُقْرَبَةٌ على جَحافِلِها من نَضْحِهِ رَثَمُ
دُهْمٌ فَوَارِسُهَا رُكّابُ أبْطُنِها مَكْدودَةٌ وَبِقَوْمٍ لا بها الألَمُ
منَ الجِيادِ التي كِدْتَ العَدُوّ بهَا وَمَا لهَا خِلَقٌ مِنها وَلا شِيَمُ
نِتَاجُ رَأيِكَ في وَقْتٍ عَلى عَجَلٍ كَلَفْظِ حَرْفٍ وَعَاهُ سامعٌ فَهِمُ
وَقَدْ تَمَنّوْا غَداةَ الدّرْبِ في لجَبٍ أنْ يُبصِرُوكَ فَلَمّا أبصرُوكَ عَمُوا
صَدَمْتَهُمْ بخَميسٍ أنْتَ غُرّتُهُ وَسَمْهَرِيّتُهُ في وَجْهِهِ غَمَمُ
فكانَ أثْبَتُ ما فيهِمْ جُسُومَهُمُ يَسقُطْنَ حَوْلَكَ وَالأرْواحُ تَنهَزِمُ
وَالأعوَجيّةُ مِلءُ الطُّرْقِ خَلفَهُمُ وَالمَشرَفِيّةُ مِلءُ اليوْمِ فَوْقَهُمُ
إذا تَوَافَقَتِ الضّرْباتُ صَاعِدَةً تَوَافَقَتْ قُلَلٌ في الجَوّ تَصْطدِمُ
وَأسْلَمَ ابنُ شُمُشْقيقٍ ألِيّتَهُ ألاّ انثنى فَهْوَ يَنْأى وَهيَ تَبتَسِمُ
لا يأمُلُ النّفَسَ الأقصَى لمُهجَتِهِ فيَسْرِقُ النّفَسَ الأدنَى وَيَغتَنِمُ
تَرُدّ عَنْهُ قَنَا الفُرْسان سابِغَةٌ صَوْبُ الأسِنّةِ في أثْنائِها دِيَمُ
تَخُطّ فيها العَوَالي لَيسَ تَنفُذُهَا كأنّ كلّ سِنَانٍ فَوْقَهَا قَلَمُ
فَلا سَقَى الغَيثُ ما وَاراهُ من شجَرٍ لَوْ زَلّ عَنهُ لوَارَتْ شخصَهُ الرّخَمُ
ألهَى المَمَالِكَ عن فَخرٍ قَفَلْتَ بهِ شُرْبُ المُدامةِ وَالأوْتارُ وَالنَّغَمُ
مُقَلَّداً فَوْقَ شكرِ الله ذا شُطَبٍ لا تُستَدامُ بأمضَى منهُما النِّعَمُ
ألقَتْ إلَيكَ دِماءُ الرّومِ طاعَتَهَا فَلَوْ دعَوْتَ بلا ضَرْبٍ أجابَ دَمُ
يُسابِقُ القَتلُ فيهِمْ كلَّ حَادِثَةٍ فَمَا يُصِيبُهُمُ مَوْتٌ وَلا هَرَمُ
نَفَتْ رُقادَ عَليٍّ عَنْ مَحاجِرِهِ نَفْسٌ يُفَرّحُ نَفساً غَيرَها الحُلُمُ
ألقائِمُ المَلِكُ الهادي الذي شَهِدَتْ قِيَامَهُ وَهُداهُ العُرْبُ وَالعَجَمُ
ابنُ المُعَفِّرِ في نَجْدٍ فَوَارِسَهَا بسَيْفِهِ وَلَهُ كُوفانُ وَالحَرَمُ
لا تَطْلُبَنّ كَريماً بَعْدَ رُؤيَتِهِ إنّ الكِرامَ بأسخاهُمْ يَداً خُتِمُوا
وَلا تُبَالِ بِشِعْرٍ بَعْدَ شاعِرِهِ قد أُفْسِدَ القوْلُ حتى أُحمِدَ الصّممُ

فكفي أراني ويك لومك ألوما

فكُفّي! أرَاني، وَيْكِ، لَوْمَكِ ألوَما هَمٌّ أقَامَ عَلى فُؤادٍ أنْجَمَا
وَخيَالُ جِسْمٍ لم يُخَلّ له الهَوَى لَحْماً فَيُنْحِلَهُ السّقامُ وَلا دَمَا
وَخُفوقُ قَلْبٍ لَوْ رَأيتِ لَهِيبَهُ يا جَنّتي لَظَنَنْتِ فيهِ جَهَنّمَا
وَإذا سَحابَةُ صَدّ حِبٍّ أبْرَقَتْ تَرَكَتْ حَلاوَةَ كُلّ حُبٍّ عَلقَمَا
يَا وَجْهَ داهِيَةَ الّذي لَوْلاكَ مَا أكلَ الضّنى جسدي وَرَضّ الأعظُمَا
إنْ كَانَ أغْنَاهَا السُّلُوُّ فإنّني أمْسَيتُ مِنْ كَبِدي وَمنها مُعْدِمَا
غُصْنٌ عَلى نَقَوَيْ فَلاةٍ نَابِتٌ شمسُ النّهارِ تُقِلُّ لَيلاً مُظْلِمَا
لمْ تُجْمَعِ الأضدادُ في مُتَشَابِهٍ إلاّ لتَجْعَلَني لغُرْمي مَغْنَمَا
كَصِفاتِ أوْحَدِنَا أبي الفَضْلِ التي بَهَرَتْ فأنْطَقَ وَاصِفِيهِ وَأفْحَمَا
يُعْطيكَ مُبْتَدِراً فإنْ أعْجَلْتَهُ أعطاكَ مُعْتَذِراً كَمَنْ قد أجرَمَا
وَيَرَى التّعَظّمَ أن يُرَى مُتَواضِعاً وَيَرَى التّواضُعَ أنْ يُرَى مُتَعَظِّمَا
نَصَرَ الفَعالَ عَلى المِطالِ كأنّمَا خَالَ السّؤالَ عَلى النّوالِ مُحَرَّمَا
يا أيّهَا المَلَكُ المُصَفّى جَوْهَراً من ذاتِ ذي المَلكوتِ أسمى من سَمَا
نُورٌ تَظاهَرَ فِيكَ لاهُوتِيُّهُ فتَكادُ تَعْلَمُ عِلْمَ ما لَنْ يُعْلَمَا
وَيَهِمُّ فيكَ إذا نَطَقْتَ فَصاحَةً من كُلّ عُضوٍ مِنكَ أنْ يَتَكَلّمَا
أنَا مُبْصِرٌ وَأظُنّ أنّي نَائِمٌ مَنْ كانَ يَحْلُمُ بالإلَهِ فأحْلُمَا
كَبُرَ العِيَانُ عَليّ حتى إنّهُ صارَ اليَقِينُ مِنَ العِيانِ تَوَهُّمَا
يَا مَنْ لجُودِ يَدَيْهِ في أمْوالِهِ نِقَمٌ تَعُودُ على اليَتَامَى أنْعُمَا
حتى يَقُولُ النّاسُ مَا ذا عَاقِلاً وَيَقولُ بَيْتُ المالِ مَا ذا مُسْلِمَا
إذكارُ مِثْلِكَ تَرْكُ إذكاري لَهُ إذْ لا تُرِيدُ لِمَا أُريدُ مُتَرْجِمَا