| صِلَةُ الهَجْرِ لي وهَجرُ الوِصالِ | نَكَساني في السُّقمِ نُكسَ الهِلالِ |
| فَغَدا الجِسْمُ ناقِصاً والذي يَنْـ | ـقُصُ مِنْهُ يَزيدُ في بَلْبَالي |
| قِفْ على الدِّمْنَتَينِ بِالدَّوِّ من رَيّـ | ـا كَخالٍ في وجنةٍ جنبَ خالِ |
| بطُلُولٍ كأنّهُنّ نُجُومٌ | في عِراصٍ كأنّهُنّ لَيَالِ |
| وَنُؤيٍّ كأنّهُنّ عَلَيْهِـ | ـنّ خِدامٌ خُرْسٌ بسُوقٍ خِدالِ |
| لا تَلُمْني فإنّني أعْشَقُ العُشّـ | ـاقِ فيها يا أعْذَلَ العُذّالِ |
| ما تُريدُ النّوَى منَ الحَيّةِ الذوّ | اقِ حَرَّ الفَلا وبَرْدَ الظّلالِ |
| فهوَ أمضَى في الرّوْعِ من مَلَكِ الموْ | تِ وأسرَى في ظُلمةٍ من خيالِ |
| ولحَتْفٍ في العِزّ يَدْنُو مُحِبٌّ | ولعُمْرٍ يَطُولُ في الذّلّ قالِ |
| نحنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ في زيّ ناسٍ | فوْقَ طَيرٍ لها شخوصُ الجِمالِ |
| من بَناتِ الجَديلِ تَمشي بنا في الـ | ـبيدِ مَشْيَ الأيّامِ في الآجالِ |
| كُلُّ هَوْجاءَ للدّياميمِ فيها | أثَرُ النّارِ في سَليطِ الذُّبَالِ |
| عامِداتٍ للبَدْرِ والبَحْرِ والضِّرْ | غامَةِ ابنِ المُبارَكِ المِفْضالِ |
| مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمانَ في الملْـ | ـكِ جَلالاً ويُوسُفاً في الجَمَالِ |
| ورَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ | زَهَرَ الشّكْرِ من رِياضِ المَعالي |
| نَفَحَتْنَا منهُ الصَّبَا بنَسيمٍ | رَدّ روحاً في مَيّتِ الآمَالِ |
| هَمُّ عَبدِ الرّحم?نِ نَفعُ المَوالي | وبَوارُ الأعْداءِ والأمْوالِ |
| أكبرُ العَيبِ عندَهُ البُخلُ والطّعْـ | ـنُ عَلَيْهِ التّشْبيهُ بالرّئْبَالِ |
| والجِراحاتُ عِندَهُ نِعَمَاتٌ | سُبِقَتْ قَبلَ سَيْبِهِ بِسُؤالِ |
| ذا السّراجُ المُنِيرُ هذا النّقيُّ الـ | ـجَيْبِ هذا بَقِيّةُ الأبْدالِ |
| فَخُذا ماءَ رِجْلِهِ وانْضِحا في الـ | ـمُدْنِ تأمَنْ بَوائِقَ الزّلْزَالِ |
| وامْسَحَا ثَوْبَهُ البَقيرَ على دا | ئِكُما تُشْفَيَا مِنَ الإعْلالِ |
| مالِئاً مِنْ نَوالِهِ الشّرْقَ والغَرْ | بَ ومن خَوْفِهِ قُلوبَ الرّجالِ |
| قابِضاً كَفّهُ اليَمينَ على الدّنْـ | ـيَا ولَوْ شاءَ حازَها بالشّمالِ |
| نَفْسُهُ جَيْشُهُ وتَدْبيرُهُ النّصْـ | ـرُ وألحاظُهُ الظُّبَى والعَوالي |
| ولَهُ في جَماجِمِ المالِ ضَرْبٌ | وَقْعُهُ في جَماجِمِ الأبْطالِ |
| فَهُمُ لاتّقائِهِ الدّهْرَ في يَوْ | مِ نِزالٍ ولَيسَ يَوْمُ نِزالِ |
| رَجُلٌ طِينُهُ منَ العَنبَرِ الوَرْ | دِ وطينُ العِبادِ مِنْ صَلْصَالِ |
| فَبَقِيّاتُ طِينِهِ لاقَتِ المَا | ءَ فَصارَتْ عُذوبَةً في الزُّلالِ |
| وبَقايا وقارِهِ عافَتِ النّا | سَ فصارَتْ رَكانَةً في الجِبالِ |
| لَستُ ممّنْ يَغُرّهُ حُبُّكَ السِّلْـ | ـمَ وأنْ لا تَرَى شُهودَ القِتالِ |
| ذاكَ شيءٌ كَفاكَهُ عَيشُ شانيـ | ـكَ ذَليلاً وقِلّةُ الأشْكالِ |
| واغْتِفارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخطُ منْهُ | جُعِلَتْ هامُهُمْ نِعالَ النّعالِ |
| لجِيادٍ يَدْخُلْنَ في الحَرْبِ أعرا | ءً ويخرُجنَ مِن دَمٍ في جِلالِ |
| واسْتَعارَ الحَديدُ لَوْناً وألْقَى | لَوْنَهُ في ذَوائِبِ الأطْفالِ |
| أنتَ طَوراً أمَرُّ مِنْ ناقِعِ السّمّ | وطَوْراً أحْلى مِنَ السّلْسالِ |
| إنّما النّاسُ حَيثُ أنْتَ وما النّا | سُ بناسٍ في مَوْضِعٍ منكَ خالِ |
ومنزل ليس لنا بمنزل
| ومَنْزِلٍ لَيسَ لَنَا بمَنْزِلِ | ولا لغَيرِ الغَادِياتِ الهُطَّلِ |
| نَدِيْ الخُزامَى أذْفَرِ القَرَنْفُلِ | مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لم يُحَلَّلِ |
| عَنّ لَنا فيهِ مُراعي مُغْزِلِ | مُحَيَّنُ النّفسِ بَعيدُ المَوْئِلِ |
| أغناهُ حُسنُ الجيدِ عن لُبسِ الحلي | وعادَةُ العُرْيِ عَنِ التّفَضّلِ |
| كأنّهُ مُضَمَّخٌ بصَنْدَلِ | مُعْتَرِضاً بمِثْلِ قَرْنِ الأيّلِ |
| يَحُولُ بَينَ الكَلْبِ والتأمّلِ | فَحَلَّ كَلاّبي وِثَاقَ الأحْبُلِ |
| عَن أشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلسَلِ | أقَبَّ ساطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ |
| مِنْها إذا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ | مُؤجَّدِ الفِقْرَةِ رِخْوِ المَفْصِلِ |
| لَهُ إذا أدْبَرَ لَحْظُ المُقْبِلِ | كأنّما يَنظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ |
| يَعْدو إذا أحْزَنَ عَدْوَ المُسْهِلِ | إذا تَلا جَاءَ المَدى وقَدْ تُلي |
| يُقْعي جُلُوسَ البَدَويّ المُصْطَلي | بأرْبَعٍ مَجْدولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ |
| فُتْلِ الأيادي رَبِذاتِ الأرْجُلِ | آثارُها أمْثالُها في الجَنْدَلِ |
| يَكادُ في الوَثْبِ مِنَ التّفَتّلِ | يَجْمَعُ بينَ مَتْنِهِ والكَلْكَلِ |
| وبَينَ أعْلاهُ وبَينَ الأسْفَلِ | شَبيهُ وسْميّ الحِضارِ بالوَلي |
| كأنّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ | مُوَثَّقٌ على رِماحٍ ذُبّلِ |
| ذي ذَنَبٍ أجْرَدَ غَيرِ أعْزَلِ | يخطّ في الأرْضِ حسابَ الجُمّلِ |
| كأنّهُ مِنْ جِسْمِهِ بمَعْزِلِ | لوْ كانَ يُبلي السّوْطَ تحريكٌ بَلي |
| نَيلُ المُنى وحُكمُ نَفسِ المُرْسِلِ | وعُقْلَةُ الظّبي وحَتفُ التَّتفُلِ |
| فانْبَرَيا فَذيّنِ تحتَ القَسطَلِ | قَد ضَمِنَ الآخِرُ قَتلَ الأوّلِ |
| في هَبوَةٍ كِلاهُما لم يَذْهَلِ | لا يأتَلي في تَرْكِ أنْ لا يأتَلي |
| مُقْتَحِماً على المَكانِ الأهْوَلِ | يخالُ طُولَ البحرِ عَرْض الجدولِ |
| حتى إذا قِيلَ لهُ نِلْتَ افْعَلِ | إفْتَرّ عن مَذرُوبَةٍ كالأنْصُلِ |
| لا تَعْرِفُ العَهدَ بصَقلِ الصّيقلِ | مُرَكَّباتٍ في العَذابِ المُنْزَلِ |
| كأنّها من سُرْعَةٍ في الشّمْألِ | كأنّها مِنْ ثِقَلٍ في يَذْبُلِ |
| كأنّها مِن سَعَةٍ في هَوْجَلِ | كأنّهُ مِنْ عِلْمِهِ بالمَقتَلِ |
| عَلّمَ بُقْراطَ فِصادَ الأكْحَلِ | فَحالَ ما للقَفْزِ للتَجَدّلِ |
| وصارَ ما في جِلْدِهِ في المِرْجَلِ، | فلم يَضِرْنا مَعْهُ فَقدُ الأجدَلِ |
| إذا بَقيتَ سالماً أبَا عَلي | فالمُلْكُ لله العَزيزِ ثُمّ لي |
أبعد نأي المليحة البخل
| أبْعَدُ نأيِ المَليحَةِ البَخَلُ | في البُعْدِ ما لا تُكَلَّفُ الإبلُ |
| مَلُولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها | مِنْ مَلَلٍ دائِمٍ بهَا مَلَلُ |
| كأنّمَا قَدُّها إذا انْفَتَلَتْ | سكرانُ من خمرِ طَرْفِها ثَمِلُ |
| بي حَرُّ شَوْقٍ إلى تَرَشّفِها | يَنفَصِلُ الصّبرُ حينَ يَتّصِلُ |
| ألثّغْرُ والنّحْرُ والمُخَلْخَلُ والـ | ـمِعْصَمُ دائي والفاحِمُ الرّجِلُ |
| ومَهْمَهٍ جُبْتُهُ على قَدَمي | تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُّلُلُ |
| بصارِمي مُرْتَدٍ، بمَخْبُرَتي | مُجْتَزِىءٌ، بالظلامِ مُشْتَمِلُ |
| إذا صَديقٌ نَكِرْتُ جانِبَهُ | لم تُعْيِنِي في فِراقِهِ الحِيَلُ |
| في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضْطَرَبٌ | وفي بِلادٍ مِنْ أُخْتِها بَدَلُ |
| وفي اعْتِمارِ الأميرِ بَدْرِ بنِ عَمّـ | ـارٍ عَنِ الشّغلِ بالوَرَى شُغُلُ |
| أصْبَحَ مالٌ كَمالِهِ لِذَوي الـ | ـحاجَةِ لا يُبْتَدَا ولا يُسَلُ |
| هَانَ عَلى قَلْبِهِ الزّمانُ فَما | يَبينُ فيهِ غَمٌّ ولا جَذَلُ |
| يَكادُ مِنْ طاعَةِ الحِمامِ لَهُ | يَقْتُلُ من مَا دَنَا لَهُ الأجَلُ |
| يَكادُ مِنْ صِحّةِ العَزيمَةِ مَا | يَفْعَلُ قَبْلَ الفِعالِ يَنْفَعِلُ |
| تُعْرَفُ في عَيْنِهِ حَقائِقُهُ | كأنّهُ بالذّكاءِ مُكْتَحِلُ |
| أُشْفِقُ عِندَ اتّقادِ فِكرَتِهِ | عَلَيْهِ مِنها أخافُ يَشْتَعِلُ |
| أغَرُّ، أعْداؤهُ إذا سَلِمُوا | بالهَرَبِ استَكبَرُوا الذي فَعَلُوا |
| يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كُلّ سابحَةٍ | أرْبَعُها قَبلَ طَرْفِها تَصِلُ |
| جَرْداءَ مِلْءِ الحِزامِ مُجْفِرَةٍ | تكونُ مِثْلَيْ عَسيبِها الخُصَلُ |
| إنْ أدْبَرَتْ قُلتَ لا تَليلَ لها | أو أقبَلَتْ قلتَ ما لها كَفَلُ |
| والطّعنُ شَزْرٌ والأرْضُ واجفةٌ | كأنّما في فُؤادِها وَهَلُ |
| قَدْ صَبَغَتْ خَدَّها الدّماءُ كمَا | يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ |
| والخَيْلُ تَبكي جُلُودُها عَرَقاً | بأدْمُعٍ ما تَسُحّها مُقَلُ |
| سارٍ ولا قَفْرَ مِنْ مَواكِبِهِ | كأنّما كلّ سَبْسَبٍ جَبَلُ |
| يَمْنَعُهَا أن يُصِيبَها مَطَرٌ | شِدّةُ ما قَدْ تَضايَقَ الأسَلُ |
| يا بَدْرُ يا بحْرُ يا غَمامَةُ يا | لَيثَ الشّرَى يا حِمامُ يا رَجُلُ |
| إنّ البَنَانَ الذي تُقَلّبُهُ | عِندَكَ في كلّ مَوْضِعٍ مَثَلُ |
| إنّكَ مِنْ مَعشَرٍ إذا وَهَبُوا | ما دونَ أعمارِهمْ فَقد بخِلُوا |
| قُلُوبُهُمْ في مَضاءِ ما امتَشَقُوا | قاماتُهُمْ في تَمامِ ما اعْتَقَلُوا |
| أنتَ نَقيضُ اسمِهِ إذا اختَلَفتْ | قَواضِبُ الهِنْدِ والقَنَا الذُّبُلُ |
| أنتَ لَعَمري البَدْرُ المُنيرُ ولكِـ | ـنّكَ في حَوْمَةِ الوَغى زُحَلُ |
| كَتيبَةٌ لَسْتَ رَبَّها نَفَلٌ | وبَلْدَةٌ لَستَ حَلْيَها عُطُلُ |
| قُصِدْتَ مِنْ شَرْقِها ومَغْرِبِها | حتى اشتَكَتْكَ الرّكابُ والسُّبُلُ |
| لم تُبْقِ إلاّ قَليلَ عافِيَةٍ | قد وَفَدَتْ تَجتَديكَهَا العِلَلُ |
| عُذْرُ المَلُومَينِ فيكَ أنّهُمَا | آسٍ جَبَانٌ ومبْضَعٌ بَطَلُ |
| مَدَدْتَ في راحَةِ الطّبيبِ يَداً | فَما درَى كيفَ يُقطَعُ الأمَلُ |
| إنْ يَكُنِ البَضْعُ ضَرّ باطِنَهَا | فَرُبّما ضَرّ ظَهْرَها القُبَلُ |
| يَشُقّ في عِرْقِها الفِصادُ ولا | يَشقّ في عِرْقِ جُودِها العَذَلُ |
| خامَرَهُ إذ مَدَدْتَها جَزَعٌ | كأنّهُ مِنْ حَذاقَةٍ عَجِلُ |
| جازَ حُدودَ اجتِهادِهِ فأتَى | غَيرَ اجتِهادٍ، لأمّهِ الهَبَلُ |
| أبْلَغُ ما يُطْلَبُ النّجاحُ به الـ | ـطّبْعُ وعندَ التّعَمّقِ الزّلَلُ |
| إرْثِ لهَا إنّها بمَا مَلَكَتْ | وبالذي قَدْ أسَلْتَ تَنْهَمِلُ |
| مِثْلُكَ يا بَدْرُ لا يَكونُ ولا | تَصْلُحُ إلاّ لِمثْلِكَ الدّوَلُ |
بقائي شاء ليس هم ارتحالا
| بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا | وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا |
| تَوَلّوْا بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً | تَهَيّبَني فَفاجأني اغْتِيالا |
| فكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً | وسَيْرُ الدّمْعِ إثْرَهُمُ انهِمالا |
| كأنّ العِيسَ كانَتْ فَوْقَ جفني | مُناخاتٍ فَلَمّا ثُرْنَ سَالا |
| وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني | فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا |
| لَبِسْنَ الوَشْيَ لا مُتَجَمّلاتٍ | ولكِنْ كَيْ يصنّ بهِ الجَمَالا |
| وضَفّرْنَ الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ | ولكنْ خِفنَ في الشّعَرِ الضّلالا |
| بِجِسْمي مَنْ بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ | وِشاحي ثَقْبَ لُؤلُؤةٍ لجَالا |
| ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ | لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا |
| بَدَتْ قَمَراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ | وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَت غَزالا |
| وجارَتْ في الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ | لَنا من حُسنِ قامَتِها اعتِدالا |
| كأنّ الحُزْنَ مَشْغُوفٌ بقَلبي | فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا |
| كَذا الدّنْيا على مَن كانَ قَبْلي | صُروفٌ لم يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا |
| أشَدُّ الغَمّ عِنْدي في سُرورٍ | تَيَقّنَ عَنهُ صاحِبُهُ انْتِقالا |
| ألِفْتُ تَرَحّلي وجَعَلْتُ أرضي | قُتُودي والغُرَيْرِيَّ الجُلالا |
| فَما حاوَلْتُ في أرْضٍ مُقاماً | ولا أزْمَعْتُ عَن أرْضٍ زَوالا |
| على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي | أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً |
| إلى البَدْرِ بنِ عَمّارَ الذي لَمْ | يكُنْ في غُرّةِ الشّهْرِ الهِلالا |
| ولم يَعْظُمْ لنَقْصٍ كانَ فيهِ | ولم يَزَلِ الأميرَ ولَنْ يَزالا |
| بلا مِثْلٍ وإنْ أبْصَرْتَ فيهِ | لكُلّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالا |
| حُسَامٌ لابنِ رائِقٍ المُرَجّى | حُسامِ المُتّقي أيّامَ صالا |
| سِنانٌ في قَناةِ بَني مَعَدٍّ | بَني أسَدٍ إذا دَعَوا النّزالا |
| أعَزُّ مُغالِبٍ كَفّاً وسَيْفاً | ومَقْدِرَةً ومَحْمِيَّةً وآلا |
| وأشرَفُ فاخِرٍ نَفْساً وقَوْماً | وأكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمّاً وخالا |
| يكونُ أخَفُّ إثْنَاءٍ عَلَيْهِ | على الدّنْيا وأهْليها مُحَالا |
| ويَبْقَى ضِعْفُ ما قَد قيلَ فيهِ | إذا لم يَتَّرِكْ أحَدٌ مَقَالا |
| فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ | مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا |
| ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ | منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا |
| أرَى المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي | ومَن ذا يَحمَدُ الدّاءَ العُضالا |
| ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ | يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا |
| وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ الثّرَيّا؟ | فقُلت نَعَمْ إذا شئتُ استِفالا |
| هوَ المُفني المَذاكي والأعادي | وبِيضَ الهِنْدِ والسُّمْرَ الطّوالا |
| وقائِدُها مُسَوَّمَةً خِفافاً | على حَيٍّ تُصَبّحُهُ ثِقَالا |
| جَوائِلَ بالقُنيّ مُثَقَّفاتٍ | كأنّ على عَوامِلِها ذُبَالا |
| إذا وَطِئَتْ بأيْديها صُخُوراً | يَفِئْنَ لوَطْءِ أرْجُلِها رِمَالا |
| جَوابُ مُسائِلي ألَهُ نَظِيرٌ؟ | ولا لكَ في سُؤالكَ لا ألاَ لا |
| لَقَد أمِنَتْ بكَ الإعدامَ نَفْسٌ | تَعُدّ رَجاءَها إيّاكَ مَالا |
| وقد وَجِلَتْ قُلُوبٌ منكَ حتى | غَدَتْ أوجالُها فيها وِجَالا |
| سُرورُكَ أنْ تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً | تُعَلّمُهُمْ عَلَيْكَ بهِ الدّلالا |
| إذا سألُوا شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ | وإنْ سكَتُوا سألْتَهُمُ السّؤالا |
| وأسعَدُ مَنْ رأيْنا مُسْتَميحٌ | يُنيلُ المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا |
| يُفارِقُ سَهمُكَ الرّجلَ المُلاقَى | فِراقَ القَوْسِ ما لاقَى الرّجالا |
| فَما تَقِفُ السّهامُ على قَرارٍ | كأنّ الرّيشَ يَطّلِبُ النِّصالا |
| سَبَقْتَ السّابقينَ فَما تُجارَى | وجاوَزْتَ العُلُوّ فَما تُعَالَى |
| وأُقْسِمُ لوْ صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ | لمَا صَلَحَ العِبَادُ لَه شِمَالا |
| أُقَلّبُ مِنكَ طَرْفي في سَمَاءٍ | وإنْ طَلَعَتْ كَواكِبُها خِصالا |
| وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا | وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا |
في الخد أن عزم الخليط رحيلا
| في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا | مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا |
| يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ | في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا |
| كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما | أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا |
| أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً | والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا |
| وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً | وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا |
| حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي | يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا |
| حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها | بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا |
| ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها | والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا |
| مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ | جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا |
| نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ | أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا |
| أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ | ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا |
| وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ | هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا |
| ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً | لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا |
| رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا | يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا |
| أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ | لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا |
| وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ | نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا |
| وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً | وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا |
| مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ | في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا |
| ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا | تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا |
| في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ | لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا |
| يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ | فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا |
| ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ | حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا |
| وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ | عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا |
| قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما | رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا |
| ألْقَى فَريسَتَهُ وبَرْبَرَ دونَهَا | وقَرُبْتَ قُرْباً خالَهُ تَطْفِيلا |
| فتَشابَهَ الخُلُقانِ في إقْدامِهِ | وتَخالَفَا في بَذْلِكَ المأْكُولا |
| أسَدٌ يَرَى عُضْوَيهِ فيكَ كِلَيْهِما | مَتْناً أزَلَّ وساعداً مَفْتُولا |
| في سرْجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرّةٍ | يأبَى تَفَرُّدُها لهَا التّمْثيلا |
| نَيَّالةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلا أنَّهَا | تُعْطي مَكانَ لِجامِها مَا نِيلا |
| تَنْدَى سَوالفُها إذا استَحضَرْتَها | ويُظَنّ عَقْدُ عِنانِها مَحْلُولا |
| ما زالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ في زَوْرِهِ | حتى حَسِبْتَ العَرْضَ منه الطّولا |
| ويَدُقّ بالصّدْرِ الحِجارَ كأنّه | يَبْغي إلى ما في الحَضِيضِ سَبيلا |
| وكأنّهُ غَرّتْهُ عَيْنٌ فادّنَى | لا يُبْصِرُ الخَطْبَ الجَليلَ جَليلا |
| أنَفُ الكَريمِ مِنَ الدّنيئَةِ تارِكٌ | في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا |
| والعارُ مَضّاضٌ ولَيسَ بخائِفٍ | مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خافَ ممّا قِيلا |
| سَبَقَ التِقاءَكَهُ بوَثْبَةِ هاجِمٍ | لَوْ لم تُصادِمْهُ لجازَكَ مِيلا |
| خَذَلَتْهُ قُوّتُهُ وقَدْ كافَحْتَهُ | فاستَنْصَرَ التّسْليمَ والتّجْديلا |
| قَبَضَتْ مَنِيّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ | فَكَأنّما صادَفْتَهُ مَغْلُولا |
| سَمِعَ ابنُ عَمّتِهِ بهِ وبحالِهِ | فنَجا يُهَرْوِلُ أمسِ منكَ مَهُولا |
| وأمَرُّ مِمّا فَرّ مِنْهُ فِرارُهُ | وكَقَتْلِهِ أنْ لا يَمُوتَ قَتيلا |
| تَلَفُ الذي اتّخَذَ الجراءَةَ خُلّةً | وعَظَ الذي اتّخَذَ الفِرارَ خَليلا |
| لَوْ كانَ عِلْمُكَ بالإل?هِ مُقَسَّماً | في النّاسِ ما بَعَثَ الإل?هُ رَسُولا |
| لَوْ كانَ لَفْظُكَ فيهِمُ ما أنزَلَ الـ | ـفُرْقانَ والتّوْراةَ والإنْجيلا |
| لَوْ كانَ ما تُعطيهِمُ من قبلِ أنْ | تُعْطيهِمُ لَمْ يَعرِفُوا التّأمِيلا |
| فلَقَدْ عُرِفْتَ وما عُرِفتَ حَقيقَةً | ولقد جُهِلْتَ وما جُهِلْتَ خُمُولا |
| نَطَقَتْ بسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنّياً | وبما تُجَشّمُها الجِيادُ صَهيلا |
| ما كلّ مَنْ طَلَبَ المَعالي نافِذاً | فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحُولاَ |
أرى حللا مطواة حسانا
| أرَى حُلَلاً مُطَوَّاةً حِسَاناً | عَداني أنْ أراكَ بها اعْتِلالي |
| وهَبْكَ طَوَيتَها وخرَجتَ عنها | أتَطوي ما عَلَيكَ من الجَمالِ |
| وإنّ بها وإنّ بهِ لَنَقْصاً | وأنتَ لها النّهايةُ في الكَمالِ |
| لَقَدْ ظَلّتْ أواخِرُها الأعالي | مَعَ الأُولى بجِسْمِكَ في قِتالِ |
| تُلاحِظُكَ العُيُونُ وأنتَ فيها | كأنّ علَيكَ أفْئِدَةَ الرّجالِ |
| متى أحصَيْتُ فَضلَكَ في كَلامٍ | فقَدْ أحصَيتُ حَبّاتِ الرّمالِ |