أتَحْلِفُ لا تُكَلّفُني مَسِيراً | إلى بَلَدٍ أُحَاوِلُ فيهِ مَالا |
وَأنْتَ مُكَلِّفي أنْبَى مَكَاناً | وَأبْعَدَ شُقّةً وَأشَدّ حَالا |
إذا سِرْنَا عَنِ الفُسْطاطِ يَوْماً | فَلَقّنيَ الفَوَارِسَ وَالرّجَالا |
لتَعْلَمَ قَدْرَ مَنْ فارَقْتَ منّي | وَأنّكَ رُمْتَ من ضَيمي مُحَالا |
لا خيل عندك تهديها ولا مال
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهديها ولا مالُ | فَليُسعدِ النُّطْقُ إن لم تُسعدِ الحال |
وَاجز الأميرَ الذي نُعْماهُ فاجئة | بغيرِ قَولٍ وَنعْمى النّاسِ أقْوال |
فَرُبمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ | خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسال |
وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشكلِ تمنَعُني | ظُهُورَ جَريٍ فلي فيهِن تَصْهال |
وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني | سِيّانِ عِنْديَ إكْثَار وَإقْلال |
لَكِنْ رَأيْتُ قَبيحاً أنْ يُجَادَ لَنَا | وَأنّنَا بِقَضَاءِ الحَقّ بُخّال |
فكُنْتُ مَنبِتَ رَوْضِ الحَزْنِ باكرَهُ | غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأرْضِ هَطّال |
غَيْثٌ يُبَيِّنُ للنُّظّارِ مَوْقِعُهُ | أنّ الغُيُوثَ بِمَا تَأتيهِ جُهّال |
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ | لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّال |
لا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ ما وَهَبَتْ | وَلا كَسُوبٌ بغَيرِ السّيفِ سَأْآل |
قالَ الزّمانُ لَهُ قَوْلاً فَأفْهَمَهُ | إنّ الزّمَانَ على الإمْساكِ عَذّال |
تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ | أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَال |
كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الكَافِ مَنقَصَةٌ | كالشمسِ قُلتُ وَما للشمسِ أمثَال |
ألقائِدِ الأُسْدَ غَذّتْهَا بَرَاثِنُهُ | بمِثْلِهَا مِنْ عِداهُ وَهْيَ أشْبَال |
ألقاتِلِ السّيفَ في جِسْمِ القَتيلِ بِهِ | وَللسّيُوفِ كمَا للنّاسِ آجَال |
تُغِيرُ عَنْهُ على الغارَاتِ هَيْبَتُهُ | وَمَالُهُ بأقَاصِي الأرْضِ أهْمَال |
لَهُ منَ الوَحشِ ما اختارَتْ أسِنّتُهُ | عَيرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيّال |
تُمْسِي الضّيُوفُ مُشَهّاةً بِعَقْوَتِهِ | كأنّ أوْقاتَهَا في الطّيبِ آصَال |
لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قارِيهَا لَبَادَرَهَا | خَرَادِلٌ مِنهُ في الشِّيزَى وَأوْصَال |
لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ | إلاّ إذا حَفَزَ الضِّيفَانَ تَرْحَال |
يُروي صَدى الأرض من فَضْلات ما شربوا | محْضُ اللّقاحِ وَصَافي اللّوْنِ سلسال |
تَقرِي صَوَارِمُهُ السّاعاتِ عَبْطَ دَمٍ | كَأنّمَا السّاعُ نُزّالٌ وَقُفّال |
تَجْرِي النّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً | مِنهَا عُداةٌ وَأغْنَامٌ وَآبَال |
لا يَحْرِمُ البُعْدُ أهْلَ البُعْدِ نائِلَهُ | وغَيرُ عاجِزَةٍ عَنْهُ الأُطَيْفَال |
أمضَى الفَرِيقَينِ في أقْرَانِهِ ظُبَةً | وَالبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلاّل |
يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أضْعَافَ مَنظَرِهِ | بَينَ الرّجالِ وَفيها المَاءُ وَالآل |
وَقَدْ يُلَقّبُهُ المَجْنُونَ حَاسِدُهُ | إذا اختَلَطْنَ وَبَعضُ العقلِ عُقّال |
يَرْمي بهَا الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَهَا | من شَقّهِ وَلوَ کنّ الجَيشَ أجبَال |
إذا العِدَى نَشِبَتْ فيهِمْ مَخالِبُهُ | لم يَجْتَمِع لهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَال |
يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أبَداً | مُجاهِرٌ وَصُرُوفُ الدّهرِ تَغتال |
أنَالَهُ الشّرَفَ الأعْلى تَقَدُّمُهُ | فَمَا الذي بتَوَقّي مَا أتَى نَالُوا |
إذا المُلُوكُ تَحَلّتْ كانَ حِلْيَتَهُ | مُهَنَّدٌ وَأصَمُّ الكَعْبِ عَسّال |
أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً | هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَال |
تَمَلّكَ الحَمْدَ حتى ما لِمُفْتَخِرٍ | في الحَمْدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دال |
عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابيلٌ مُضَاعَفَةٌ | وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الماذِيِّ سِرْبَال |
وَكَيْفَ أسْتُرُ ما أوْلَيْتَ من حَسَنٍ | وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالاً أيّهَا النّال |
لَطّفْتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكْرِمَتي | إنّ الكَريمَ على العَلْياءِ يَحْتَال |
حتى غَدَوْتَ وَللأخْبَارِ تَجْوَالٌ | وَللكَوَاكِبِ في كَفّيْكَ آمَال |
وَقَدْ أطَالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ | إنّ الثّنَاءَ عَلى التِّنْبَالِ تِنْبَال |
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ | فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَال |
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا | إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَال |
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا | إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّال |
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ | ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّال |
وَإنّمَا يَبْلُغُ الإنْسانُ طَاقَتَهُ | مَا كُلّ ماشِيَةٍ بالرّحْلِ شِمْلال |
إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بهِ | من أكثرِ النّاسِ إحْسانٌ وَإجْمال |
ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ | مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَال |
كدعواك كل يدعي صحة العقل
كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ | وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ |
لَهِنّكِ أوْلَى لائِمٍ بِمَلامَةٍ | وَأحْوَجُ ممّنْ تَعذُلِينَ إلى العَذلِ |
تَقُولِينَ ما في النّاسِ مِثلَكَ عاشِقٌ | جِدي مثلَ مَن أحبَبْتُهُ تجدي مِثلي |
مُحِبٌّ كَنى بالبِيضِ عن مُرْهَفَاتِهِ | وَبالحُسنِ في أجسامِهِنّ عن الصّقلِ |
وَبالسُّمْرِ عن سُمرِ القَنَا غَيرَ أنّني | جَنَاهَا أحِبّائي وَأطْرَافُها رُسْلي |
عَدِمْتُ فُؤاداً لم تَبِتْ فيهِ فَضْلَةٌ | لغَيرِ الثّنَايَا الغُرّ وَالحَدَقِ النُّجلِ |
فَمَا حَرَمَتْ حَسْناءُ بالهَجرِ غِبْطةً | وَلا بَلّغَتْها مَن شكا الهَجرَ بالوَصْلِ |
ذَرِيني أنَلْ ما لا يُنَالُ مِنَ العُلَى | فصَعْبُ العلى في الصّعب وَالسهلُ في السهلِ |
تُريدينَ لُقيانَ المَعَالي رَخيصَةً | وَلا بُدّ دونَ الشّهدِ من إبَرِ النّحلِ |
حَذِرْتِ عَلَينَا المَوْتَ وَالخَيلُ تدَّعي | وَلم تَعلَمي عن أيّ عاقِبَةٍ تُجْلي |
وَلَسْتُ غَبِيناً لَوْ شَرِبْتُ مَنِيّتي | بإكْرَامِ دِلّيرَ بنِ لَشْكَرَوَزٍّ لي |
تَمَرُّ الأنَابِيبُ الخَوَاطِرُ بَيْنَنَا | وَنَذْكُرُ إقْبالَ الأمِيرِ فَتَحْلَوْلي |
وَلَوْ كُنتُ أدرِي أنّهَا سَبَبٌ لَهُ | لَزَادَ سُرُوري بالزّيادَةِ في القَتْلِ |
فَلا عَدِمَتْ أرْضُ العِراقَينِ فِتْنَةً | دعَتكَ إليها كاشفَ البأس وَالمَحلِ |
ظَلِلْنَا إذا أنْبَى الحَديدُ نِصَالَنَا | نجرّدُ ذكراً منك أمضَى من النّصْلِ |
وَنَرْمي نَوَاصِيها منِ اسمكَ في الوَغى | بأنْفَذَ مِن نُشّابِنا وَمِنَ النَّبْلِ |
فإنْ تَكُ منْ بَعدِ القِتالِ أتَيْتَنَا | فَقَدْ هَزَمَ الأعْداءَ ذِكرُك من قَبلِ |
وَما زِلْتُ أطوي القلبَ قبل اجتِماعِنا | على حاجَةٍ بَينَ السّنابِكِ وَالسُّبْلِ |
وَلَوْ لم تَسِرْ سِرْنَا إلَيكَ بأنْفُسٍ | غَرَائِبَ يُؤثِرْنَ الجِيادَ على الأهلِ |
وَخَيْلٍ إذا مَرّتْ بوَحْشٍ وَرَوْضَةٍ | أبَتْ رَعْيَها إلاّ وَمِرْجَلُنَا يَغلي |
وَلكنْ رأيتَ القَصْدَ في الفضْلِ شِركةً | فكانَ لكَ الفضْلانِ بالقصْدِ وَالفضْلِ |
وَلَيسَ الذي يَتّبَّعُ الوَبْلَ رَائِداً | كمَنْ جاءَهُ في دارِهِ رَائِدُ الوَبْلِ |
وَمَا أنَا مِمّنْ يَدّعي الشّوْقَ قَلبُهُ | وَيَحْتَجّ في تَرْكِ الزّيارَةِ بالشّغلِ |
أرَادَتْ كِلابٌ أنْ تَفُوزَ بدَوْلَةٍ | لمن ترَكتْ رَعْيَ الشُّوَيهاتِ وَالإبْلِ |
أبَى رَبُّها أنْ يترُكَ الوَحشَ وَحْدَها | وَأن يُؤمِنَ الضّبَّ الخبيثَ من الأكلِ |
وَقَادَ لهَا دِلّيرُ كُلَّ طِمِرّةٍ | تُنيفُ بخَدّيهَا سَحُوقٌ من النّخلِ |
وَكلَّ جَوَادٍ تَلْطِمُ الأرْضَ كَفُّهُ | بأغنى عنِ النّعْلِ الحَديد من النّعلِ |
فَوَلّتْ تُريغُ الغَيثَ والغَيْثَ خَلّفَتْ | وَتَطلُبُ ما قَد كانَ في اليَدِ بِالرِّجْلِ |
تُحاذِرُ هُزْلَ المَالِ وَهْيَ ذَليلَةٌ | وَأشْهَدُ أنّ الذّلّ شرٌّ من الهُزْلِ |
وَأهْدَتْ إلَيْنَا غَيرَ قاصِدَةٍ بِهِ | كَريمَ السّجايَا يَسبِقُ القوْلَ بالفعلِ |
تَتَبَّعَ آثَارَ الرّزَايَا بجُودِهِ | تَتَبُّعَ آثَارِ الأسِنّةِ بالفُتْلِ |
شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيْفُهُ وَنَوَالُهُ | منَ الدّاءِ حتى الثّاكِلاتِ من الثكلِ |
عفيفٌ تَروقُ الشمسَ صُورَةُ وَجهِه | فَلَوْ نَزَلَتْ شَوْقاً لحَادَ إلى الظّلِّ |
شُجاعٌ كأنّ الحَرْبَ عاشِقَةٌ لَهُ | إذا زَارَهَا فَدّتْهُ بالخَيْلِ وَالرَّجْلِ |
وَرَيّانُ لا تَصْدَى إلى الخمرِ نَفْسُهُ | وَصَدْيانُ لا تَرْوَي يَداهُ من البَذلِ |
فتَمْليكُ دِلّيرٍ وَتَعْظيمُ قَدْرِهِ | شَهيدٌ بوَحْدانِيّةِ الله وَالعَدْلِ |
وَمَا دامَ دِلّيرٌ يَهُزّ حُسَامَهُ | فَلا نَابَ في الدّنْيَا للَيثٍ وَلا شِبلِ |
وَمَا دامَ دِلّيرٌ يُقَلّبُ كَفَّهُ | فَلا خلقَ من دعوَى المكارِم في حِلِّ |
فَتًى لا يُرَجّي أنْ تَتِمّ طَهَارَةٌ | لمَنْ لم يُطَهّرْ رَاحَتَيْهِ من البُخلِ |
فَلا قَطَعَ الرّحْم?نُ أصْلاً أتَى بهِ | فإنّي رَأيتُ الطّيّبَ الطّيّبَ الأصْلِ |
ما أجدر الأيام والليالي
مَا أجْدَرَ الأيّامَ وَاللّيَالي | بأنْ تَقُولَ مَا لَهُ وَمَا لي |
لا أنْ يكونَ هكَذا مَقَالي | فَتىً بنِيرانِ الحُروبِ صَالِ |
مِنْهَا شَرَابي وَبهَا اغْتِسَالي | لا تَخطُرُ الفَحشاءُ لي ببَالِ |
لَوْ جَذَبَ الزّرّادُ مِنْ أذْيَالي | مُخَيِّراً لي صَنْعَتَيْ سِرْبَالِ |
مَا سُمْتُهُ زَرْدَ سِوَى سِرْوَالِ | وَكَيفَ لا وَإنّمَا إدْلالي |
بِفارِسِ المَجْرُوحِ وَالشَّمَالِ | أبي شُجاعٍ قاتِلِ الأبطالِ |
سَاقي كُؤوسِ المَوْتِ وَالجِرْيالِ | لمّا أصَارَ القُفْصَ أمْسِ الخالي |
وَقَتّلَ الكُرْدَ عَنِ القِتالِ | حتى اتّقَتْ بالفَرِّ وَالإجْفَالِ |
فَهَالِكٌ وَطائِعٌ وَجَالِ | وَاقْتَنَصَ الفُرْسانَ بالعَوَالي |
وَالعُتُقِ المُحْدَثَةِ الصّقالِ | سَارَ لصَيدِ الوَحشِ في الجِبالِ |
وَفي رَقَاقِ الأرْضِ وَالرّمَالِ | على دِمَاءِ الإنْسِ وَالأوْصَالِ |
مُنْفَرِدَ المُهْرِ عَنِ الرّعَالِ | مِنْ عِظَمِ الهِمّةِ لا المَلالِ |
وَشِدّةِ الضِّنّ لا الاسْتِبْدالِ | ما يَتَحرَّكْنَ سِوَى انْسِلالِ |
فَهُنّ يُضرَبنَ على التَّصْهَالِ | كُلُّ عَليلٍ فَوْقَهَا مُخْتَالِ |
يُمْسِكُ فَاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ | من مَطلِعِ الشّمسِ إلى الزّوالِ |
فَلَمْ يَئِلْ ما طارَ غَيرَ آلِ | وَمَا عَدا فانغَلّ في الأدْغالِ |
وَمَا احتَمَى بالماءِ وَالدِّحَالِ | مِنَ الحَرَامِ اللّحْمِ وَالحَلالِ |
إنّ النّفُوسَ عَدَدُ الآجَالِ | سَقْياً لدَشْتِ الأرْزَنِ الطُّوَالِ |
بَينَ المُرُوجِ الفِيحِ وَالأغْيَالِ | مُجاوِرِ الخِنْزِيرِ للرّئْبَالِ |
داني الخَنانيصِ مِنَ الأشْبَالِ | مُشْتَرِفِ الدّبّ عَلى الغَزَالِ |
مُجتمِعِ الأضْدادِ وَالأشكالِ | كَأنّ فَنّاخُسْرَ ذا الإفْضَالِ |
خَافَ عَلَيْهَا عَوَزَ الكَمَالِ | فَجَاءَهَا بالفِيلِ وَالفَيّالِ |
فَقِيدَتِ الأيّلُ في الحِبَالِ | طَوْعَ وُهُوقِ الخَيلِ وَالرّجالِ |
تَسيرُ سَيرَ النَّعَمِ الأرْسَالِ | مُعْتَمّةً بيَبِسِ الأجْذالِ |
وُلِدْنَ تحتَ أثْقَلِ الأحْمَالِ | قَدْ مَنَعَتْهُنّ مِنَ التّفَالي |
لا تَشْرَكُ الأجْسامَ في الهُزالِ | إذا تَلَفّتنَ إلى الأظْلالِ |
أرَيْنَهُنّ أشْنَعَ الأمْثَالِ | كَأنّمَا خُلِقْنَ لِلإذْلالِ |
زِيادَةً في سُبّةِ الجُهّالِ | وَالعُضْوُ لَيسَ نافِعاً في حَالِ |
لِسَائِرِ الجِسْمِ مِنَ الخَبَالِ | وَأوْفَتِ الفُدْرُ مِنَ الأوْعَالِ |
مُرْتَدِياتٍ بِقِسِيِّ الضّالِ | نَوَاخِسَ الأطْرَافِ لِلأكفَالِ |
يَكَدْنَ يَنْفُذْنَ منَ الآطالِ | لهَا لِحىً سُودٌ بِلا سِبَالِ |
يَصْلُحنَ للإضْحاكِ لا الإجْلالِ | كُلُّ أثِيثٍ نَبْتُهَا مِتْفَالِ |
لم تُغْذَ بالمِسْكِ وَلا الغَوَالي | تَرْضَى من الأدْهانِ بالأبْوَالِ |
وَمِنْ ذَكيّ الطّيبِ بالدَّمَالِ | لَوْ سُرّحَتْ في عارِضَيْ مُحتالِ |
لَعَدّهَا مِنْ شبكاتِ المَالِ | بَينَ قُضَاةِ السّوْءِ وَالأطفَالِ |
شَبيهَةِ الإدْبَارِ بالإقْبَالِ | لا تُؤثِرُ الوَجهَ على القَذَالِ |
فاخْتَلَفَتْ في وَابِلَيْ نِبَالِ | مِنْ أسْفَلِ الطّوْدِ وَمن مُعَالِ |
قَدْ أوْدَعَتْهَا عَتَلُ الرّجَالِ | في كلّ كِبْدٍ كَبِدَيْ نِصَالِ |
فَهُنّ يَهْوِينَ مِنَ القِلالِ | مَقْلُوبَةَ الأظْلافِ وَالإرْقالِ |
يُرْقِلْنَ في الجَوّ على المَحَالِ | في طُرُقٍ سَرِيعَةِ الإيصالِ |
يَنَمْنَ فيهَا نِيمَةَ المِكسَالِ | على القُفِيّ أعْجَلَ العِجالِ |
لا يَتَشَكّينَ مِنَ الكَلالِ | وَلا يُحاذِرْنَ مِنَ الضّلالِ |
فكانَ عَنهَا سَبَبَ التّرْحالِ | تَشْوِيقُ إكْثَارٍ إلى إقْلالِ |
فَوَحْشُ نَجْدٍ منْهُ في بَلْبَالِ | يَخَفْنَ في سَلمى وَفي قِيَالِ |
نَوَافِرَ الضِّبَابِ وَالأوْرَالِ، | وَالخاضِبَاتِ الرُّبْدِ وَالرِّئَالِ |
وَالظّبيِ وَالخَنْسَاءِ وَالذَّيّالِ | يَسْمَعْنَ من أخبارِهِ الأزْوَالِ |
ما يَبعَثُ الخُرْسَ على السّؤالِ | فَحُولُهَا وَالعُوذُ وَالمَتَالي |
تَوَدّ لَوْ يُتْحِفُهَا بِوَالِ | يَرْكَبُهَا بالخُطْمِ وَالرّحالِ |
يُؤمِنُهَا مِنْ هَذِهِ الأهْوَالِ | وَيَخْمُسُ العُشْبَ وَلا تُبَالي |
وَمَاءَ كُلِّ مُسْبِلٍ هَطّالِ | يا أقْدَرَ السُّفّارِ وَالقُفّالِ |
لوْ شِئتَ صِدتَ الأُسدَ بالثّعالي | أوْ شِئتَ غرّقتَ العِدَى بالآلِ |
وَلَوْ جَعَلْتَ مَوْضِعَ الإلالِ | لآلِئاً قَتَلْتَ بِاللآّلي |
لم يَبْقَ إلاّ طَرَدُ السّعَالي | في الظُّلَمِ الغَائِبَةِ الهِلالِ |
على ظُهُورِ الإبِلِ الأُبّالِ | فَقَدْ بَلَغْتَ غايَةَ الآمَالِ |
فلَمْ تَدَعْ منها سِوَى المُحالِ | في لا مَكانٍ عِندَ لا مَنَالِ |
يا عَضُدَ الدّوْلَةِ وَالمَعَالي | ألنّسَبُ الحَلْيُ وأنْتَ الحالي |
بالأبِ لا بالشَّنْفِ وَالخَلْخالِ | حَلْياً تَحَلّى مِنْكَ بالجَمَالِ |
وَرُبّ قُبْحٍ وَحِلًى ثِقَالِ | أحسَنُ منها الحُسنُ في المِعطالِ |
فَخْرُ الفَتى بالنّفسِ وَالأفْعَالِ | مِنْ قَبْلِهِ بالعَمّ وَالأخْوَالِ |
إثلث فإنا أيها الطلل
إثْلِثْ! فإنّا أيّهَا الطّلَلُ | نبْكي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الإبِلُ |
أوْ لا فَلا عَتْبٌ عَلى طَلَلٍ | إنّ الطّلُولَ لمِثْلِهَا فُعُلُ |
لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً | بي غَيرُ ما بكَ أيّهَا الرّجُلُ |
أبكاكَ أنّكَ بَعضُ مَن شَغَفُوا | لم أبكِ أنّي بَعضُ مَن قَتَلُوا |
إنّ الذينَ أقَمْتَ وَارْتَحَلُوا | أيّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ |
الحُسْنُ يَرْحَلُ كُلّمَا رَحلوا | مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيثُمَا نَزَلُوا |
في مُقْلَتيْ رَشَإٍ تُديرُهُمَا | بَدَوِيّةٌ فُتِنَتْ بهَا الحِلَلُ |
تَشكُو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها | وَصُدودَها وَمَنِ الذي تَصِلُ |
ما أسْأرَتْ في القَعْبِ مِن لَبَنٍ | تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ |
قالَتْ ألا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا | أعْلَمْتِني أنّ الهَوَى ثَمَلُ |
لَوْ أنّ فَنّاخُسْرَ صَبّحَكُمْ | وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ |
وَتَفَرّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ | إنّ المِلاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ |
مَا كُنتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ | مَلِكُ المُلُوكِ وَشأنُكِ البَخَلُ |
أتُمَنّعِينَ قِرىً فتَفْتَضِحي | أمْ تَبْذِلينَ لَهُ الذي يَسَلُ |
بَلْ لا يَحِلّ بحَيْثُ حَلّ بِهِ | بُخْلٌ وَلا خَوَرٌ وَلا وَجَلُ |
مَلِكٌ إذا مَا الرُّمحُ أدرَكَهُ | طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ |
إنْ لم يَكُنْ مَن قَبلَهُ عَجَزُوا | عَمّا يَسُوسُ بهِ فَقد غَفَلُوا |
حتى أتَى الدّنْيَا ابنُ بَجدَتِهَا | فَشكَا إلَيْه السّهلُ وَالجَبَلُ |
شكوَى العَليلِ إلى الكَفيلِ لَهُ | أنْ لا تَمُرَّ بجِسْمِهِ العِلَلُ |
قالَتْ فَلا كَذَبَتْ شَجاعَتُهُ | أقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لهَا أجَلُ |
فَهُوَ النّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ | أوْ قيلَ يَوْمَ وَغىً منِ البَطَلُ |
عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدينَ لَهُ | دونَ السّلاحِ الشُّكلُ وَالعُقُلُ |
فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ | وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ |
تُمْسِي على أيْدي مَوَاهِبِهِ | هِيَ أوْ بَقِيّتُهَا أوِ البَدَلُ |
يُشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ | شَوْقاً إلَيْهِ يَنْبُتُ الأسَلُ |
سَبَلٌ تَطُولُ المَكْرُماتُ بِهِ | وَالمَجْدُ لا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ |
وَإلى حَصَى أرْضٍ أقَامَ بهَا | بالنّاسِ مِنْ تَقبيلِهِ يَلَلُ |
إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ | فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ |
في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ | غُرَرٌ هيَ الآيَاتُ وَالرّسُلُ |
فإذا الخَميسُ أبَى السّجودَ لهُ | سَجَدَتْ لَهُ فيهِ القَنَا الذُّبُلُ |
وَإذا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ | رَضِيَتْ بحُكمِ سُيُوفِهِ القُلَلُ |
أرَضِيتَ وَهشُوذانُ ما حكَمَتْ | أمْ تَسْتَزِيدَ لاُِمّكَ الهَبَلُ |
وَرَدَتْ بِلادَكَ غيرَ مُغْمَدَةٍ | وَكَأنّهَا بَينَ القَنَا شُعَلُ |
وَالقَوْمُ في أعيانِهِمْ خَزَرٌ | وَالخَيْلُ في أعيانِهَا قَبَلُ |
فأتَوْكَ لَيسَ بمَنْ أتَوْا قِبَلٌ | بهِمِ وَلَيسَ بمَنْ نَأوْا خَلَلُ |
لم يَدْرِ مَنْ بالرّيّ أنّهُمُ | فَصَلُوا وَلا يَدري إذا قَفَلُوا |
وَأتَيْتَ مُعْتَزِماً وَلا أسَدٌ | وَمَضَيْتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ |
تُعْطي سِلاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ | مَا لمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ |
أسخَى المُلُوكِ بِنَقْلِ مَملَكَةٍ | مَنْ كادَ عَنْهُ الرّأسُ يَنتَقِلُ |
لَوْلا الجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلى | قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنّمَا تَفَلُوا |
لا أقْبَلُوا سِرّاً وَلا ظَفِرُوا | غَدْراً وَلا نَصَرَتْهُمُ الغِيَلُ |
لا تَلْقَ أفرَسَ منكَ تَعْرِفُهُ | إلاّ إذا ما ضاقَتِ الحِيَلُ |
لا يَسْتَحي أحَدٌ يُقَالُ لَهُ | نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا |
قَدَرُوا عَفَوْا وَعدوا وَفَوْا سُئلوا | أغنَوْا عَلَوْا أعْلَوْا وَلُوا عَدَلوا |
فَوْقَ السّمَاءِ وَفَوْقَ ما طلَبوا | فإذا أرادوا غايَةً نَزَلُوا |
قَطَعَتْ مكارِمُهُمْ صَوَارِمَهمْ | فإذا تَعَذّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا |
لا يَشْهَرُونَ عَلى مُخالِفِهِمْ | سَيْفاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ |
فأبُو عَليٍّ مَنْ بهِ قَهَرُوا | أبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كمَلُوا |
حَلَفَتْ لِذا بَرَكاتُ غُرّةِ ذا | في المَهْدِ أنْ لا فَاتَهُ أمَلُ |
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه | بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ |
وما أنَا إلاّ عاشِقٌ كلُّ عَاشِقٍ | أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ |
وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ | ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ |
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها | وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ |
كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوَى | كمَا يَتَوَقّى رَيّضَ الخَيلِ حازِمُهْ |
قِفي تَغرَمِ الأولى من اللّحظِ مُهجتي | بثانِيَةٍ والمُتْلِفُ الشّيْءَ غارِمُهْ |
سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا | على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ |
وما حاجةُ الأظعانِ حَوْلَكِ في الدّجى | إلى قَمَرٍ ما واجدٌ لكِ عادِمُهْ |
إذا ظَفِرَتْ منكِ العُيونُ بنَظرَةٍ | أثابَ بها مُعيي المَطيّ ورازِمُهْ |
حَبيبٌ كأنّ الحُسنَ كانَ يُحِبّهُ | فآثَرَهُ أوْ جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ |
تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دونَ سِبائِهِ | وتُسبَى لَهُ منْ كلّ حَيٍّ كرائِمُهْ |
وَيُضْحي غُبارُ الخَيلِ أدنَى سُتُورِهِ | وآخِرُها نَشْرُ الكِباءِ المُلازِمُهْ |
وما اسْتَغْرَبَتْ عَيني فِراقاً رأيْتُهُ | ولا عَلّمَتْني غَيرَ ما القلبُ عالمُهْ |
فَلا يَتَّهِمْني الكاشِحونَ فإنّني | رَعَيتُ الرّدى حتى حَلَتْ لي علاقمُهْ |
مُشِبُّ الذي يَبكي الشّبابَ مُشيبُهُ | فكَيفَ تَوَقّيهِ وبانِيهِ هادِمُهْ |
وتَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ | وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ |
وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ | قَبيحٌ ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُهْ |
وأحسَنُ مِنْ ماءِ الشّبيبَةِ كُلّهِ | حَيَا بارِقٍ في فازَةٍ أنا شائِمُهْ |
عَلَيها رِياضٌ لم تَحُكْها سَحابَةٌ | وأغصانُ دَوْحٍ لمْ تُغَنِّ حَمَائِمُهْ |
وفَوْقَ حَواشي كلّ ثَوْبٍ مُوَجَّهٍ | من الدُّرّ سِمْطٌ لم يُثَقّبْهُ ناظِمُهْ |
تَرَى حَيَوانَ البَرّ مُصْطَلِحاً بِهِ | يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ ويُسالِمُهْ |
إذا ضَرَبَتْهُ الرّيحُ ماجَ كَأنّهُ | تجولُ مَذاكيه وتَدأى ضَراغِمُهْ |
وفي صورةِ الرّوميّ ذي التّاجِ ذِلّةٌ | لأبْلَجَ لا تيجانَ إلاّ عَمائِمُهْ |
تُقَبّلُ أفْواهُ المُلُوكِ بِساطَهُ | ويَكْبُرُ عَنها كُمُّهُ وبَراجِمُهْ |
قِياماً لمَنْ يَشفي مِنَ الدّاءِ كَيُّهُ | ومَن بَينَ أُذْنَيْ كلّ قَرْمٍ مَواسمُهْ |
قَبائِعُها تَحْتَ المَرافِقِ هَيْبَةً | وأنْفَذُ ممّا في الجُفُونِ عَزائِمُهْ |
لَهُ عَسكَرَا خَيْلٍ وطَيرٍ إذا رَمَى | بها عَسكَراً لم يَبقَ إلاّ جَماجمُهْ |
أجِلّتُها مِنْ كلّ طاغٍ ثِيابُهُ | ومَوْطِئُها مِن كلّ باعٍ مَلاغمُهْ |
فَقَدْ مَلّ ضَوْءُ الصّبْحِ ممّا تُغيرُهُ | ومَلّ سَوادُ اللّيلِ ممّا تُزاحِمُهْ |
ومَلّ القَنَا ممّا تَدُقّ صُدورَهُ | ومَلّ حَديدُ الهِنْدِ ممّا تُلاطِمُهْ |
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها | سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ |
سلَكتُ صُروفَ الدّهرِ حتى لقيتُهُ | على ظَهرِ عَزْمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُهْ |
مَهالِكَ لم تَصْحَبْ بها الذئبَ نَفسُه | ولا حَمَلَتْ فيها الغُرابَ قَوادِمُهْ |
فأبصَرْتُ بَدراً لا يَرَى البدرُ مِثْلَهُ | وخاطَبْتُ بحْراً لا يرى العِبرَ عائِمُهْ |
غَضِبْتُ لَهُ لمّا رَأيْتُ صِفاتِهِ | بلا واصِفٍ والشِّعرُ تهذي طَماطِمُهْ |
وكنتُ إذا يَمّمْتُ أرضاً بَعيدَةً | سرَيتُ فكنْتُ السرّ واللّيلُ كاتمُهْ |
لقد سَلّ سيفَ الدّولَةِ المَجدُ مُعلَماً | فلا المَجدُ مخفيه ولا الضّرْبُ ثالمُهْ |
على عاتِقِ المَلْكِ الأغَرِّ نِجادُهُ | وفي يَدِ جَبّارِ السّماواتِ قائِمُهْ |
تُحارِبُهُ الأعداءُ وهْيَ عَبيدُهُ | وتَدّخِرُ الأمْوالَ وهْيَ غَنائِمُهْ |
ويَستَكبرُونَ الدّهرَ والدّهْرُ دونَهُ | ويَستَعظِمونَ المَوتَ والموْتُ خادمُهْ |
وإنّ الذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنْصِفٌ | وإنّ الذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالمُهْ |
وما كلُّ سَيفٍ يَقْطَعُ الهَامَ حَدُّهُ | وتَقْطَعُ لَزْباتِ الزّمانِ مَكارِمُهْ |