| لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي | وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي |
| وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه | وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ |
| وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى | مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ |
| وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ | وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي |
| وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى | شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ |
| وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ | سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي |
| وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني | فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ |
| وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا | عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي |
| سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا | وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ |
| إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ | تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ |
| وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ | بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ |
| أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا | مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ |
| عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا | وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ |
| نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ | قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ |
| قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها | إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ |
| هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا | تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي |
| تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ | وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ |
| يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ | وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ |
| وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا | يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ |
| فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ | شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ |
| ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ | لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ |
| كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً | كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ |
| لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ | وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ |
| رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى | فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ |
| وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً | لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ |
| وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا | قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ |
| وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ | فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ |
| فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ | شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ |
| وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى | إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي |
| ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ | بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ |
| وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ | كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ |
| فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ | وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ |
| وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ | حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ |
| لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا | وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ |
| بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً | أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ |
| إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ | أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ |
| وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ | وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ |
| وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ | وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ |
| وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ | إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ |
| فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ | وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ |
| وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترىءْ | ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ |
| إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ | سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ |
| وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى | إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ |
تَذَكّرْتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبَارِقِ
| تَذَكّرْتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبَارِقِ | مَجَرَّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السّوَابِقِ |
| وَصُحْبَةَ قَوْمٍ يَذبَحُونَ قَنيصَهُمْ | بفَضْلَةِ ما قد كَسّرُوا في المَفارِقِ |
| وَلَيْلاً تَوَسَّدْنَا الثَّوِيّةَ تَحْتَهُ | كأنّ ثَرَاهَا عَنْبَرٌ في المَرَافِقِ |
| بِلادٌ إذا زارَ الحِسانَ بغَيرِهَا | حَصَى تُرْبِهَا ثَقّبْنَهُ للمَخانِقِ |
| سَقَتْني بهَا القُطْرُبُّليَّ مَليحَةٌ | على كاذِبٍ منْ وَعدِها ضَوْءُ صَادقِ |
| سُهادٌ لأجفانٍ وَشَمْسٌ لِنَاظِرٍ | وَسُقْمٌ لأبدانٍ وَمِسْكٌ لِناشِقِ |
| وَأغْيَدُ يَهْوَى نَفْسَهُ كلُّ عاقِلٍ | عَفيفٍ وَيَهوَى جسمَهُ كلُّ فاسِقِ |
| أدِيبٌ إذا ما جَسّ أوْتَارَ مِزْهَرٍ | بلا كُلَّ سَمْعٍ عن سِواها بعائِقِ |
| يُحَدِّثُ عَمّا بَينَ عادٍ وَبَيْنَهُ | وَصُدْغاهُ في خَدّيْ غُلامٍ مُراهِقِ |
| وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفتى شَرَفاً لَهُ | إذا لم يكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلائِقِ |
| وَمَا بَلَدُ الإنْسانِ غَيرُ المُوافِقِ | وَلا أهْلُهُ الأدْنَوْنَ غَيرُ الأصادِقِ |
| وَجائِزَةٌ دَعْوَى المَحَبّةِ وَالهَوَى | وَإنْ كانَ لا يخفَى كَلامُ المُنافِقِ |
| برَأيِ مَنِ انْقادَتْ عُقيلٌ إلى الرّدَى | وَإشماتِ مَخلُوقٍ وَإسخاطِ خالِقِ |
| أرَادوا عَلِيّاً بالذي يُعجِزُ الوَرَى | وَيُوسِعُ قَتلَ الجحفَلِ المُتَضايِقِ |
| فَمَا بَسَطُوا كَفّاً إلى غَيرِ قَاطِعٍ | وَلا حَمَلُوا رَأساً إلى غَيرِ فَالِقِ |
| لَقَد أقدَمُوا لَوْ صادَفُوا غيرَ آخِذٍ | وَقد هرَبوا لوْ صَادَفوا غيرَ لاحِقِ |
| وَلَمَّا كَسَا كَعْباً ثِياباً طَغَوْا بِهَا | رَمَى كلَّ ثَوْبٍ مِنْ سِنانٍ بخارِقِ |
| وَلمّا سَقَى الغَيْثَ الذي كَفَرُوا بِهِ | سَقَى غَيرَهُ في غَيرِ تلكَ البَوَارِقِ |
| وَما يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ حارِمٍ | كمَا يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ رازِقِ |
| أتَاهُمْ بهَا حَشْوَ العَجَاجَةِ وَالقَنَا | سَنَابِكُهَا تحشُو بُطُونَ الحَمالِقِ |
| عَوَابِسَ حَلّى يَابِسُ الماءِ حُزْمَها | فَهُنّ على أوْساطِها كالمَنَاطِقِ |
| فَلَيْتَ أبَا الهَيْجا يرَى خَلْفَ تَدْمُرٍ | طِوَالَ العَوالي في طِوال السَّمالِقِ |
| وَسَوْقَ عَليٍّ مِنْ مَعَدٍّ وَغَيرِها | قَبَائِلَ لا تُعْطي القُفِيَّ لِسَائِقِ |
| قُشَيرٌ وَبَلْعَجْلانِ فيها خَفِيّةٌ | كَرَاءَينِ في ألْفاظِ ألثَغَ نَاطِقِ |
| تُخَلّيهِمِ النّسْوانُ غَيرَ فَوَارِكٍ | وَهُمْ خَلّوُا النّسْوانَ غَيرَ طَوَالِقِ |
| يُفَرِّقُ ما بَينَ الكُماةِ وَبَيْنَهَا | بطَعْنٍ يُسَلّي حَرُّهُ كلَّ عاشِقِ |
| أتَى الظُّعْنَ حتى ما تَطيرُ رَشاشَةٌ | منَ الخَيلِ إلاّ في نُحُورِ العَوَاتِقِ |
| بكُلّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإنْسَ أرْضُهَا | ظعائنُ حُمْرُ الحَليِ حمرُ الأيانِقِ |
| وَمَلْمُومَةٌ سَيْفِيّةٌ رَبَعِيّةٌ | تَصيحُ الحَصَى فيها صِياحَ اللّقالِقِ |
| بَعيدَةُ أطْرَافِ القَنا مِنْ أُصُولِهِ | قَريبَةُ بَينَ البَيضِ غُبرُ اليَلامِقِ |
| نَهَاهَا وَأغْنَاهَا عَنِ النّهْبِ جُودُه | فَمَا تَبْتَغي إلاّ حُماةَ الحَقائِقِ |
| تَوَهّمَهَا الأعرابُ سَوْرَةَ مُترَفٍ | تُذَكّرُهُ البَيْداءُ ظِلَّ السُّرادِقِ |
| فَذَكّرْتَهُمْ بالمَاءِ ساعَةَ غَبّرَتْ | سَماوَةُ كَلبٍ في أُنوفِ الحَزَائِقِ |
| وكانُوا يَرُوعونَ المُلُوكَ بأنْ بدَوْا | وَأنْ نَبَتَتْ في المَاءِ نَبْتَ الغَلافِقِ |
| فهاجُوكَ أهْدَى في الفَلا من نُجُومه | وَأبْدَى بُيُوتاً من أداحي النّقانِقِ |
| وَأصْبَرَ عَن أمْوَاهِهِ من ضِبابِهِ | وَآلَفَ منْها مُقْلَةً للوَدائِقِ |
| وَكانَ هَديراً مِنْ فُحُولٍ تَرَكتَها | مُهَلَّبَةَ الأذنابِ خُرْسَ الشّقاشِقِ |
| فَما حَرَمُوا بالرّكضِ خَيلَكَ رَاحةً | وَلَكِنْ كَفَاهَا البَرُّ قَطعَ الشّوَاهقِ |
| وَلا شَغَلُوا صُمّ القَنَا بِقُلُوبِهِم | عنِ الرَّكْزِ لكِنْ عن قلوبِ الدماسقِ |
| ألمْ يحذَروا مَسْخَ الذي يَمسَخُ العِدى | ويجعَلُ أيدي الأُسدِ أيدي الخرانِقِ |
| وَقد عايَنُوه في سِواهُمْ وَرُبّمَا | أرَى مارِقاً في الحَرْبِ مصرَعَ مارِقِ |
| تَعَوّدَ أنْ لا تَقْضَمَ الحَبَّ خَيْلُهُ | إذا الهَامُ لم تَرْفَعْ جُنُوبَ العَلائِقِ |
| وَلا تَرِدَ الغُدْرانَ إلاّ وَمَاؤهَا | منَ الدّمِ كالرّيحَانِ فَوْقَ الشّقائقِ |
| لَوَفْدُ نُمَيرٍ كانَ أرْشَدَ منْهُمُ | وقد طَرَدوا الأظْعانَ طَرْدَ الوَسائقِ |
| أعَدّوا رِماحاً مِنْ خُضُوعٍ فطاعَنُوا | بهَا الجَيشَ حتى رَدّ غَرْبَ الفَيالِقِ |
| فَلَمْ أرَ أرْمَى منهُ غَيرَ مُخاتِلٍ | وَأسرَى إلى الأعداءِ غَيرَ مُسارِقِ |
| تُصِيبُ المَجانيقُ العِظامُ بكَفّهِ | دَقائِقَ قد أعْيَتْ قِسِيَّ البَنَادِقِ |
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ
| أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ | وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ |
| جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى | عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ |
| مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ | إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ |
| جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي | نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ |
| وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ | فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ |
| وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني | عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا |
| أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ | أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ |
| نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ | جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا |
| أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى | كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا |
| من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ | حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ |
| خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا | أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ |
| فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ | وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ |
| وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ | وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ |
| وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي | مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ |
| حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ | حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ |
| أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى | فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ |
| كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَتْ | منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ |
| وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ | من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ |
| وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ | لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ |
| مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا | وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ |
| أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا | لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ |
| لم يَخْلُقِ الرّحْم?نُ مثلَ مُحَمّدٍ | أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ |
| يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ | أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ |
| أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً | وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ |
| كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ | ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ |
أيَّ مَحَلٍّ أرْتَقي
| أيَّ مَحَلٍّ أرْتَقي | أيَّ عَظيمٍ أتّقي |
| وَكُلّ مَا قَدْ خَلَقَ اللّـ | ـهُ وَما لَمْ يُخْلَقِ |
| مُحْتَقَرٌ في هِمّتي | كَشَعْرَةٍ في مَفْرِقي |
هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ
| هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ | ويا قَلْبُ حتى أنْتَ مِمّن أُفارِقُ |
| وَقَفْنا ومِمّا زادَ بَثّاً وُقُوفُنَا | فَرِيقَيْ هَوًى منّا مَشُوقٌ وشائِقُ |
| وقد صارَتِ الأجفانُ قَرْحى منَ البُكا | وصارَتْ بهاراً في الخدودِ الشّقائقُ |
| على ذا مضَى النّاسُ اجتماعٌ وفُرْقَةٌ | ومَيْتٌ ومَوْلُودٌ وقالٍ ووامِقُ |
| تَغَيّرَ حَالي واللّيالي بحالِها | وشِبْتُ وما شابَ الزّمانُ الغُرانِقُ |
| سَلِ البِيدَ أينَ الجِنّ منّا بجَوْزِها | وعن ذي المَهاري أينَ منها النَّقانِقُ |
| ولَيْلٍ دَجوجيٍّ كَأنّا جَلَتْ لَنا | مُحَيّاكَ فيهِ فاهْتَدَيْنا السَّمالِقُ |
| فما زالَ لَوْلا نُورُ وَجهِكَ جِنحُهُ | ولا جابهَا الرُّكْبانُ لوْلا الأيانِقُ |
| وهَزٌّ أطارَ النّوْمَ حتى كَأنّني | من السُّكرِ في الغَرْزَينِ ثوْبٌ شُبارِقُ |
| شدَوْا بابنِ إسحقَ الحُسينِ فصافحتْ | ذَفارِيَها كِيرانُها والنَّمارِقُ |
| بمَنْ تَقشَعرّ الأرْضُ خوفاً إذا مشَى | عليها وتَرْتَجّ الجبالُ الشّواهِقُ |
| فتًى كالسّحابِ الجونِ يُخشَى ويُرْتَجى | يُرَجّى الحَيا منها وتُخشَى الصّواعقُ |
| ولَكِنّها تَمْضِي وهذا مُخَيِّمٌ | وتَكذبُ أحياناً وذا الدّهرَ صادِقُ |
| تَخَلّى منَ الدّنْيا ليُنْسَى فَما خلتْ | مَغارِبُها مِنْ ذِكْرِهِ وَالمَشارِقُ |
| غَذا الهِنْدُوانيّاتِ بالهَامِ والطُّلَى | فَهُنّ مَدارِيها وهُنّ المَخانِقُ |
| تَشَقَّقُ مِنهُنّ الجُيوبُ إذا غَزا | وتُخضَبُ منهنّ اللّحَى والمَفارِقُ |
| يُجَنَّبُها مَنْ حَتْفُهُ عنهُ غافِلٌ | ويَصلى بها مَن نَفسُهُ منهُ طالِقُ |
| يُحاجَى به ما ناطِقٌ وهْوَ ساكِتٌ | يُرَى ساكتاً والسّيفُ عن فيه ناطِقُ |
| نَكِرْتُكَ حتى طالَ منكَ تَعَجّبي | ولا عَجَبٌ من حُسنِ ما الله خالِقُ |
| كأنّكَ في الإعطاءِ للمَالِ مُبغِضٌ | وفي كلّ حَرْبٍ للمَنيّةِ عَاشِقُ |
| ألا قَلّما تَبْقَى علَى ما بَدا لَهَا | وحَلّ بهَا مِنْكَ القَنَا والسّوابِقُ |
| خَفِ الله وَاسْتُرْ ذا الجَمالَ ببُرْقعٍ | فإنْ لُحتَ ذابتْ في الخدورِ العواتقُ |
| سَيُحيي بكَ السُّمّارُ ما لاحَ كوْكبٌ | ويَحدو بكَ السُّفّارُ ما ذرّ شارِقُ |
| فَما تَرْزُقُ الأقدارُ من أنتَ حارِمٌ | ولا تَحْرِمُ الأقدارُ مَن أنتَ رازِقُ |
| ولا تَفْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ راتِقٌ | ولا تَرْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ فاتِقُ |
| لكَ الخَيرُ غَيري رامَ من غيرك الغنى | وغَيري بغَيرِ اللاذِقيّةِ لاحِقُ |
| هيَ الغَرضُ الأقصَى ورُؤيَتُكَ المنى | ومَنزِلُكَ الدّنْيا وأنْتَ الخَلائِقُ |
وجدت المدامة غلابة
| وَجَدْتُ المُدامَةَ غَلاّبَةً | تُهَيّجُ للقَلْبِ أشْواقَهُ |
| تُسِيءُ مِنَ المَرْءِ تأديبَهُ | ولَكِنْ تُحَسّنُ أخْلاقَهُ |
| وأنْفَسُ ما للفَتى لُبّهُ | وذو اللّبّ يَكْرَهُ إنْفاقَهُ |
| وقَدْ مُتُّ أمْسِ بها مَوْتَةً | ولا يَشْتَهي المَوْتَ مَنْ ذاقَهُ |