ألا أذّن فَمَا أذكَرتَ نَاسِي | وَلا لَيّنْتَ قَلْباً وَهْوَ قَاسِ |
وَلا شُغِلَ الأميرُ عَنِ المَعَالي | وَلا عَن حَقّ خالِقِهِ بكَاسِ |
أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَسِ
أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَسِ | لمّا غَدَوْتُ بجَدٍّ في الهوَى تَعِسِ |
وَلا سَقَيْتُ الثّرَى وَالمُزْنُ مُخلِفَةٌ | دَمْعاً يُنَشّفُهُ من لَوْعةٍ نَفَسِي |
وَلا وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَةٍ | ذي أرْسُمٍ دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ |
صَريعَ مُقْلَتِها سأآلَ دِمْنَتِهَا | قَتيلَ تَكسيرِ ذاكَ الجفنِ وَاللَّعَسِ |
خَريدةٌ لوْ رَأتها الشّمسُ ما طَلَعَتْ | وَلوْ رآها قَضيبُ البَانِ لم يَمِسِ |
ما ضَاقَ قَبلكِ خَلخالٌ على رَشَإٍ | وَلا سَمِعْتُ بديباجٍ على كُنُسِ |
إن تَرْمني نَكَباتُ الدّهرِ عن كَثَبٍ | تَرْمِ امرَأً غيرَ رِعْديدٍ وَلا نَكِسِ |
يَفْدي بَنيكَ عُبَيْدَ الله حَاسِدُهم | بجَبهَةِ العَيرِ يُفدى حافرُ الفَرَسِ |
أبَا الغَطَارِفَةِ الحَامِينَ جَارَهُمُ | وَتارِكي اللّيثِ كَلباً غيرَ مُفترِسِ |
مِن كُلّ أبْيَضَ وَضّاحٍ عِمامَتُهُ | كأنّمَا اشْتَمَلَتْ نُوراً عَلى قَبَسِ |
دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ مُبغِضٍ بَهِجٍ | أغَرَّ حُلْوٍ مُمِرٍّ لَيّنٍ شَرِسِ |
نَدٍ أبيٍّ غَرٍ وَافٍ أخي ثِقَةٍ | جَعْدٍ سرِيٍّ نَهٍ ندبٍ رَضٍ ندُسِ |
لوْ كانَ فَيضُ يَدَيْهِ ماءَ غادِيَةٍ | عزّ القَطا في الفَيافي موْضعُ اليبَسِ |
أكارِمٌ حَسَدَ الأرْضَ السّمَاءُ بهِمْ | وَقَصّرَتْ كلُّ مصرٍ عن طَرَابُلُسِ |
أيّ المُلوكِ وَهُمْ قَصْدي أُحاذِرُهُ | وَأيّ قِرْنٍ وَهُم سَيْفي وهم تُرُسي |
ألَذُّ مِنَ المُدامِ الخَنْدَرِيسِ
ألَذُّ مِنَ المُدامِ الخَنْدَرِيسِ | وأحْلى مِنْ مُعاطاةِ الكُؤوسِ |
مُعاطاةُ الصّفائِحِ والعَوَالي | وإقْحامي خَميساً في خَميسِي |
فَمَوْتي في الوَغَى عَيشي لأنّي | رَأيتُ العَيشَ في أرَبِ النّفُوسِ |
ولَوْ سُقّيتُها بيَدَيْ نَديمٍ | أُسَرُّ بهِ لكَانَ أبا ضَبيسِ |
هَذِي بَرَزْتِ لَنَا فَهِجْتِ رَسِيسَا
هَذِي بَرَزْتِ لَنَا فَهِجْتِ رَسِيسَا | ثمّ انْثَنَيْتِ وما شَفَيْتِ نَسيسَا |
وَجعلتِ حظّي منكِ حظّي في الكَرَى | وَتَرَكْتِني للفَرْقَدَينِ جَلِيسَا |
قَطّعْتِ ذَيّاكِ الخُمارَ بسَكْرَةٍ | وأدَرْتِ من خَمرِ الفِراقِ كُؤوسَا |
إنْ كُنْتِ ظاعِنَةً فإنّ مَدامعي | تَكفي مَزادَكُمُ وتُرْوي العِيسَا |
حاشَى لِمثْلِكِ أنْ تكونَ بَخيلَةً | ولمِثْلِ وَجهِكِ أن يكونَ عَبُوسَا |
ولمِثْلِ وَصْلِكِ أنْ يكونُ مُمَنَّعاً | ولمِثْلِ نَيْلِكِ أنْ يكونَ خَسيسَا |
خَوْدٌ جَنَتْ بَيني وبَينَ عَوَاذِلي | حَرْباً وغادَرَتِ الفُؤادَ وطِيسَا |
بَيْضاءُ يَمْنَعُهَا تَكَلَّمَ دَلُّها | تِيهاً ويَمْنَعُهَا الحَياءُ تَميسَا |
لمّا وَجَدْتُ دَواءَ دائي عِندَها | هانَتْ عليّ صِفاتُ جالينُوسَا |
أبْقَى زُرَيْقٌ للثّغُورِ مُحَمّداً | أبْقَى نَفِيسٌ للنّفيسِ نَفيسَا |
إنْ حَلّ فارَقَتِ الخَزائِنُ مَالَهُ | أوْ سارَ فارَقَتِ الجُسُومُ الرُّوسَا |
مَلِكٌ إذا عادَيْتَ نَفسَكَ عادِهِ | ورَضِيتَ أوحَشَ ما كَرِهتَ أنيسَا |
الخائِضَ الغَمَراتِ غيرَ مُدافَعٍ | والشِّمَّرِيَّ المِطْعَنَ الدِّعّيسَا |
كَشّفْتُ جَمْهَرَةَ العِبادِ فلمْ أجدْ | إلاّ مَسُوداً جَنْبَهُ مَرْؤوسَا |
بَشَرٌ تَصَوّرَ غايَةً في آيَةٍ | تَنْفي الظّنُونَ وتُفْسِدُ التّقْيِيسَا |
وبهِ يُضَنّ على البَرِيّةِ لا بِها | وعَلَيْهِ منها لا علَيها يُوسَى |
لوْ كانَ ذو القَرْنَينِ أعْمَلَ رأيَهُ | لمّا أتَى الظُّلماتِ صِرْنَ شُمُوسَا |
أو كانَ صادَفَ رأسَ عازَرَ سَيفُهُ | في يوْمِ مَعرَكَةٍ لأعْيا عيسَى |
أوْ كانَ لُجُّ البَحْرِ مِثْلَ يَمينِهِ | ما انْشَقّ حتى جازَ فيهِ مُوسَى |
أوْ كانَ للنّيرانِ ضَوْءُ جَبينِهِ | عُبِدَتْ فكانَ العالَمونَ مَجوسَا |
لمّا سَمِعْتُ بهِ سَمِعْتُ بواحِدٍ | ورَأيْتُهُ فرَأيْتُ منْهُ خَمِيسَا |
ولحظْتُ أُنْمُلَهُ فَسِلْنَ مَوَاهِباً | ولمَسْتُ مُنْصُلَهُ فَسَالَ نُفُوسَا |
يا مَنْ نَلُوذُ مِنَ الزّمانِ بِظِلِّهِ | أبداً ونَطْرُدُ باسْمِهِ إبْلِيسَا |
صَدَقَ المُخبِّرُ عنكَ دونَكَ وَصْفُهُ | مَن في العراقِ يراكَ في طَرَسُوسَا |
بَلَدٌ أقَمْتَ بهِ وذِكْرُكَ سائِرٌ | يَشْنا المَقيلَ ويَكْرَهُ التّعرِيسَا |
فإذا طَلَبْتَ فَريسَةً فارَقْتَهُ | وإذا خَدِرْتَ تَخِذْتَهُ عِرّيسا |
إنّي نَثَرْتُ عَلَيكَ دُرّاً فانتَقِدْ | كَثُرَ المُدَلِّسُ فاحْذَرِ التّدليسَا |
حَجّبْتُها عَنْ أهلِ إنْطاكِيّةٍ | وجَلَوْتُها لكَ فاجتَلَيتَ عَرُوسَا |
خيرُ الطّيورِ على القُصورِ وشَرُّها | يَأوِي الخَرابَ ويَسكُنُ النّاوُوسَا |
لوْ جادَتِ الدّنْيا فَدَتْكَ بِأهْلِها | أو جاهَدَتْ كُتبَتْ عليك حبيسا |
يَقِلّ لَهُ القِيامُ على الرّؤوسِ
يَقِلّ لَهُ القِيامُ على الرّؤوسِ | وَبَذْلُ المُكْرَماتِ منَ النّفوسِ |
إذا خانَتْهُ في يَوْمٍ ضَحُوكٍ | فكَيفَ تكُونُ في يوْمٍ عَبُوسِ |
أنْوَكُ مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ عِرْسِهِ
أنْوَكُ مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ عِرْسِهِ | مَنْ حَكّمَ العَبدَ على نَفسِهِ |
وَإنّمَا يُظْهِرُ تَحْكِيمُهُ | تَحَكُّمَ الإفْسَادِ في حِسّهِ |
مَا مَنْ يَرَى أنّكَ في وَعْدِهِ | كَمَنْ يَرَى أنّكَ في حَبْسِهِ |
لا يُنْجِزُ الميعادَ في يَوْمِهِ | ولا يَعي مَا قالَ في أمْسِهِ |
وَإنّمَا تَحْتَالُ في جَذْبِهِ | كَأنّكَ المَلاّحُ في قَلْسِهِ |
فَلا تَرَجَّ الخَيرَ عندَ امْرِىءٍ | مَرّتْ يَدُ النّخّاسِ في رَأسِهِ |
وَإنْ عَرَاكَ الشّكُّ في نَفْسِهِ | بحَالِهِ فانْظُرْ إلى جِنْسِهِ |
فَقَلّ ما يَلْؤمُ في ثَوْبِهِ | إلاّ الذي يَلْؤمُ في غِرْسِهِ |
مَنْ وَجَدَ المَذْهَبَ عَنْ قَدْرِهِ | لم يَجِدِ المَذهَبَ عَن قَنْسِهِ |