لكل امرىءٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوّدَا | وعادَةُ سيفِ الدّوْلةِ الطعنُ في العدى |
وَإنْ يُكذِبَ الإرْجافَ عنهُ بضِدّهِ | وَيُمْسِي بمَا تَنوي أعاديهِ أسْعَدَا |
وَرُبّ مُريدٍ ضَرَّهُ ضَرَّ نَفْسَهُ | وَهادٍ إلَيهِ الجيشَ أهدى وما هَدى |
وَمُستَكْبِرٍ لم يَعرِفِ الله ساعَةً | رَأى سَيْفَهُ في كَفّهِ فتَشَهّدَا |
هُوَ البَحْرُ غُصْ فيهِ إذا كانَ ساكناً | على الدُّرّ وَاحذَرْهُ إذا كان مُزْبِدَا |
فإنّي رَأيتُ البحرَ يَعثُرُ بالفتى | وَهذا الذي يأتي الفتى مُتَعَمِّدَا |
تَظَلّ مُلُوكُ الأرْض خاشعَةً لَهُ | تُفارِقُهُ هَلْكَى وَتَلقاهُ سُجّدَا |
وَتُحْيي لَهُ المَالَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا | وَيَقْتُلُ ما تحيي التّبَسّمُ وَالجَدَا |
ذَكِيٌّ تَظَنّيهِ طَليعَةُ عَيْنِهِ | يَرَى قَلبُهُ في يَوْمِهِ ما ترَى غَدَا |
وَصُولٌ إلى المُسْتَصْعَباتِ بخَيْلِهِ | فلَوْ كانَ قَرْنُ الشّمسِ ماءً لأوْرَدَا |
لذلك سَمّى ابنُ الدُّمُستُقِ يَوْمَهُ | مَمَاتاً وَسَمّاهُ الدُّمُستُقُ موْلِدَا |
سَرَيْتَ إلى جَيحانَ من أرْضِ آمِدٍ | ثَلاثاً، لقد أدناكَ رَكضٌ وَأبْعَدَا |
فَوَلّى وَأعطاكَ ابْنَهُ وَجُيُوشَهُ | جَميعاً وَلم يُعطِ الجَميعَ ليُحْمَدَا |
عَرَضْتَ لَهُ دونَ الحَياةِ وَطَرْفِهِ | وَأبصَرَ سَيفَ الله منكَ مُجَرَّدَا |
وَما طَلَبَتْ زُرْقُ الأسِنّةِ غَيرَهُ | وَلكِنّ قُسطَنطينَ كانَ لَهُ الفِدَى |
فأصْبَحَ يَجْتابُ المُسوحَ مَخَافَةً | وَقد كانَ يجتابُ الدِّلاصَ المُسرَّدَا |
وَيَمْشِي بهِ العُكّازُ في الدّيرِ تائِباً | وَما كانَ يَرْضَى مشيَ أشقَرَ أجرَدَا |
وَما تابَ حتى غادَرَ الكَرُّ وَجْهَهُ | جَريحاً وَخَلّى جَفْنَهُ النّقعُ أرْمَدَا |
فَلَوْ كانَ يُنْجي من عَليٍّ تَرَهُّبٌ | تَرَهّبَتِ الأمْلاكُ مَثْنَى وَمَوْحَدَا |
وكلُّ امرىءٍ في الشّرْقِ وَالغَرْبِ بعده | يُعِدّ لَهُ ثَوْباً مِنَ الشَّعْرِ أسْوَدَا |
هَنيئاً لكَ العيدُ الذي أنتَ عيدُهُ | وَعِيدٌ لمَنْ سَمّى وَضَحّى وَعَيّدَا |
وَلا زَالَتِ الأعْيادُ لُبْسَكَ بَعْدَهُ | تُسَلِّمُ مَخرُوقاً وَتُعْطَى مُجدَّدَا |
فَذا اليَوْمُ في الأيّامِ مثلُكَ في الوَرَى | كمَا كنتَ فيهِمْ أوْحداً كانَ أوْحَدَا |
هوَ الجَدّ حتى تَفْضُلُ العَينُ أُختَهَا | وَحتى يكونُ اليَوْمُ لليَوْمِ سَيّدَا |
فَيَا عَجَباً مِنْ دائِلٍ أنْتَ سَيفُهُ | أمَا يَتَوَقّى شَفْرَتَيْ مَا تَقَلّدَا |
وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازاً لِصَيدِهِ | تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا |
رَأيتُكَ محْضَ الحِلْمِ في محْضِ قُدرَةٍ | وَلوْ شئتَ كانَ الحِلمُ منكَ المُهنّدَا |
وَما قَتَلَ الأحرارَ كالعَفوِ عَنهُمُ | وَمَنْ لكَ بالحُرّ الذي يحفَظُ اليَدَا |
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ | وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا |
وَوَضْعُ النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى | مضرٌّ كوضْع السيفِ في موضع النّدى |
وَلكنْ تَفُوقُ النّاسَ رَأياً وَحِكمةً | كما فُقتَهمْ حالاً وَنَفساً وَمحْتِدَا |
يَدِقّ على الأفكارِ ما أنْتَ فاعِلٌ | فيُترَكُ ما يخفَى وَيُؤخَذُ ما بَدَا |
أزِلْ حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بكَبتِهمْ | فأنتَ الذي صَيّرْتَهُمْ ليَ حُسّدَا |
إذا شَدّ زَنْدي حُسنُ رَأيكَ فيهِمُ | ضرَبْتُ بسَيفٍ يَقطَعُ الهَامَ مُغمَدَا |
وَمَا أنَا إلاّ سَمْهَرِيٌّ حَمَلْتَهُ | فزَيّنَ مَعْرُوضاً وَرَاعَ مُسَدَّدَا |
وَمَا الدّهْرُ إلاّ مِنْ رُواةِ قَصائِدي | إذا قُلتُ شِعراً أصْبَحَ الدّهرُ مُنشِدَا |
فَسَارَ بهِ مَنْ لا يَسيرُ مُشَمِّراً | وَغَنّى بهِ مَنْ لا يُغَنّي مُغَرِّدَا |
أجِزْني إذا أُنْشِدْتَ شِعراً فإنّمَا | بشِعري أتَاكَ المادِحونَ مُرَدَّدَا |
وَدَعْ كلّ صَوْتٍ غَيرَ صَوْتي فإنّني | أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى |
تَرَكْتُ السُّرَى خَلفي لمَنْ قَلّ مالُه | وَأنعَلْتُ أفراسي بنُعْماكَ عَسجَدَا |
وَقَيّدْتُ نَفْسِي في ذَرَاكَ مَحَبّةً | وَمَنْ وَجَدَ الإحْسانَ قَيْداً تَقَيّدَا |
إذا سَألَ الإنْسَانُ أيّامَهُ الغِنى | وَكنتَ على بُعْدٍ جَعَلْنَكَ موْعِدَا |
فَارَقْتُكُمْ فإذا ما كانَ عِندكُمُ
فَارَقْتُكُمْ فإذا ما كانَ عِندكُمُ | قَبلَ الفِراقِ أذًى بَعدَ الفراقِ يَدُ |
إذا تَذكّرْتُ ما بَيني وَبَيْنَكُمُ | أعانَ قَلبي على الشّوْقِ الذي أجِدُ |
أهلاً بدارٍ سباك أغْيدُها
أهلاً بدارٍ سباك أغْيدُها | أبعد ما بان عنك خُرَّدُها |
ظِلْتَ بِهَا تَنْطَوِي عَلى كَبِدٍ | نَضِيجَةٍ فَوْقَ خِلْبِهَا يَدُهَا |
يَا حَادِيَيْ عيسِهَا وَأحْسَبُني | أُوجَدُ مَيْتاً قُبَيْلَ أفْقِدُهَا |
قِفَا قَليلاً بها عَليّ فَلا | أقَلّ مِنْ نَظْرَةٍ أُزَوَّدُهَا |
فَفي فُؤادِ المُحِبّ نَارُ جَوًى | أحَرُّ نَارِ الجَحيمِ أبْرَدُهَا |
شَابَ مِنَ الهَجْرِ فَرْقُ لِمّتِهِ | فَصَارَ مِثْلَ الدّمَقْسِ أسْوَدُهَا |
يَا عَاذِلَ العَاشِقِينَ دَعْ فِئَةً | أضَلّهَا الله كَيفَ تُرْشِدُهَا |
لَيْسَ يُحِيكُ المَلامُ في هِمَمٍ | أقْرَبُهَا مِنْكَ عَنْكَ أبْعَدُهَا |
بِئْسَ اللّيَالي سَهِدْتُ مِنْ طَرَبٍ | شَوْقاً إلى مَنْ يَبِيتُ يَرْقُدُهَا |
أحْيَيْتُهَا وَالدّمُوعُ تُنْجِدُني | شُؤونُهَا وَالظّلامُ يُنْجِدُهَا |
لا نَاقَتي تَقْبَلُ الرّدِيفَ وَلا | بالسّوْطِ يَوْمَ الرّهَانِ أُجْهِدُهَا |
شِرَاكُهَا كُورُهَا وَمِشْفَرُهَا | زِمَامُهَا وَالشُّسُوعُ مِقْوَدُهَا |
أشَدُّ عَصْفِ الرّيَاحِ يَسْبُقُهُ | تَحْتيَ مِنْ خَطْوِهَا تَأوّدُهَا |
في مِثْلِ ظَهْرِ المِجَنّ مُتّصِلٍ | بمِثْلِ بَطْنِ المِجَنّ قَرْدَدُهَا |
مُرْتَمِياتٌ بِنَا إلى ابنِ عُبَيْـ | ـدِ الله غِيطَانُهَا وَفَدْفَدُهَا |
إلى فَتًى يُصْدِرُ الرّمَاحَ وَقَدْ | أنْهَلَهَا في القُلُوبِ مُورِدُهَا |
لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ | أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا |
يُعْطي فَلا مَطْلَةٌ يُكَدّرُهَا | بِهَا وَلا مَنّةٌ يُنَكّدُهَا |
خَيْرُ قُرَيْشٍ أباً وَأمْجَدُهَا | أكثَرُهَا نَائِلاً وَأجْوَدُهَا |
أطْعَنُهَا بالقَنَاةِ أضْرَبُهَا | بالسّيْفِ جَحْجاحُهَا مُسَوَّدُهَا |
أفْرَسُهَا فَارِساً وَأطْوَلُهَا | بَاعاً وَمِغْوَارُهَا وَسَيّدُهَا |
تَاجُ لُؤيّ بنِ غَالِبٍ وَبِهِ | سَمَا لَهَا فَرْعُهَا وَمَحْتِدُهَا |
شَمْسُ ضُحَاهَا هِلالُ لَيلَتِهَا | دُرُّ تَقَاصِيرِهَا زَبَرْجَدُهَا |
يَا لَيْتَ بي ضَرْبَةً أُتيحَ لهَا | كمَا أُتِيحَتْ لَهُ مُحَمّدُهَا |
أثّرَ فِيهَا وَفي الحَدِيدِ ومَا | أثّرَ في وَجْهِهِ مُهَنّدُهَا |
فَاغْتَبَطَتْ إذْ رَأتْ تَزَيّنَهَا | بِمِثْلِهِ وَالجِرَاحُ تَحْسُدُهَا |
وَأيْقَنَ النّاسُ أنّ زَارِعَهَا | بالمَكْرِ في قَلْبِهِ سَيَحْصِدُهَا |
أصْبَحَ حُسّادُهُ وَأنْفُسُهُمْ | يُحْدِرُهَا خَوْفُهُ وَيُصْعِدُهَا |
تَبْكي علَى الأنْصُلِ الغُمُودُ إذَا | أنْذَرَهَا أنّهُ يُجَرِّدُهَا |
لِعِلْمِهَا أنّهَا تَصِيرُ دَماً | وَأنّهُ في الرّقَابِ يُغْمِدُهَا |
أطْلَقَهَا فَالعَدُوّ مِنْ جَزَعٍ | يَذُمّهَا وَالصّدِيقُ يَحْمَدُهَا |
تَنْقَدِحُ النّارُ مِنْ مَضارِبِهَا | وَصَبُّ مَاءِ الرّقابِ يُخْمِدُهَا |
إذَا أضَلّ الهُمَامُ مُهْجَتَهُ | يَوْماً فَأطْرَافُهُنّ تَنْشُدُهَا |
قَدْ أجْمَعَتْ هَذِهِ الخَلِيقَةُ لي | أنّكَ يا ابنَ النّبيّ أوْحَدُهَا |
وأنّكَ بالأمْسِ كُنْتَ مُحْتَلِماً | شَيْخَ مَعَدٍّ وَأنْتَ أمْرَدُهَا |
وَكَمْ وَكَمْ نِعْمَةٍ مُجَلِّلَةٍ | رَبّيْتَهَا كانَ مِنْكَ مَوْلِدُهَا |
وَكَمْ وَكَمْ حَاجَةٍ سَمَحْتَ بهَا | أقْرَبُ منّي إليّ مَوْعِدُهَا |
وَمَكْرُمَاتٍ مَشَتْ علَى قَدَمِ الْـ | ـبِرّ إلى مَنْزِلي تُرَدّدُهَا |
أقَرّ جِلْدي بهَا عَليّ فَلا | أقْدِرُ حَتّى المَمَاتِ أجْحَدُهَا |
فَعُدْ بهَا لا عَدِمْتُهَا أبَداً | خَيْرُ صِلاتِ الكَرِيمِ أعْوَدُهَا |
كمْ قَتيلٍ كمَا قُتِلْتُ شَهيدِ
كمْ قَتيلٍ كمَا قُتِلْتُ شَهيدِ | لِبَياضِ الطُّلَى وَوَرْدِ الخُدودِ |
وَعُيُونِ المَهَا وَلا كَعُيُونٍ | فَتَكَتْ بالمُتَيَّمِ المَعْمُودِ |
دَرَّ دَرُّ الصَّبَاءِ أيّامَ تَجْرِيـ | ـرِ ذُيُولي بدارِ أثْلَةَ عُودِي |
عَمْرَكَ الله! هَلْ رَأيتَ بُدوراً | طَلَعَتْ في بَراقِعٍ وعُقُودِ |
رَامِياتٍ بأسْهُمٍ رِيشُها الهُدْ | بُ تَشُقّ القُلوبَ قبلَ الجُلودِ |
يَتَرَشّفْنَ مِنْ فَمي رَشَفَاتٍ | هُنّ فيهِ أحْلى مِنَ التّوْحيدِ |
كُلُّ خُمْصَانَةٍ أرَقُّ منَ الخَمْـ | ـرِ بقَلْبٍ أقسَى مِنَ الجُلْمُودِ |
ذاتِ فَرْعٍ كأنّما ضُرِبَ العَنْـ | ـبَرُ فيهِ بمَاءِ وَرْدٍ وَعُودِ |
حالِكٍ كالغُدافِ جَثْلٍ دَجُو | جيٍّ أثيثٍ جَعْدٍ بلا تَجْعِيدِ |
تَحْمِلُ المِسْكَ عن غَدائرِها الرّيـ | ـحُ وَتَفْتَرُّ عَن شَنيبٍ بَرُودِ |
جَمَعَتْ بينَ جسْمِ أحمَدَ والسّقْـ | ـمِ وَبَينَ الجُفُونِ وَالتّسْهِيدِ |
هَذِهِ مُهْجَتي لَدَيْكِ لحَيْني | فانْقُصِي مِنْ عَذابِها أوْ فَزيدي |
أهْلُ ما بي منَ الضّنَى بَطَلٌ صِيـ | ـدَ بتَصْفيفِ طُرّةٍ وبجيدِ |
كُلُّ شيءٍ مِنَ الدّماءِ حَرامٌ | شُرْبُهُ مَا خَلا ابْنَةَ العُنْقُودِ |
فاسْقِنيهَا فِدًى لعَيْنَيْكَ نَفسي | مِنْ غَزَالٍ وَطارِفي وَتليدي |
شَيْبُ رَأسِي وَذِلّتي ونُحولي | وَدُمُوعي عَلى هَوَاكَ شُهُودي |
أيّ يَوْمٍ سَرَرْتَني بوِصالٍ | لمْ تَرُعْني ثَلاثَةً بِصُدُودِ |
مَا مُقامي بأرْضِ نَخْلَةَ إلاّ | كمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهُودِ |
مَفْرَشِي صَهْوَةُ الحِصانِ وَلَكِـ | ـنّ قَميصِي مسرُودَةٌ مِنْ حَديدِ |
لأمَةٌ فاضَةٌ أضَاةٌ دِلاصٌ | أحْكَمَتْ نَسْجَها يَدَا داوُدِ |
أينَ فَضْلي إذا قَنِعْتُ منَ الدّهْـ | ـرِ بعَيْشٍ مُعَجَّلِ التّنكيدِ |
ضاقَ صَدري وطالَ في طَلبِ الرّزْ | قِ قيامي وَقَلّ عَنهُ قُعُودِي |
أبَداً أقْطَعُ البِلادَ وَنَجْمي | في نُحُوسٍ وَهِمّتي في سُعُودِ |
وَلَعَلّي مُؤمّلٌ بَعْضَ مَا أبْـ | ـلُغُ باللّطْفِ من عَزيزٍ حَميدِ |
لِسَرِيٍّ لِباسُهُ خَشِنُ القُطْـ | ـنِ وَمَرْوِيّ مَرْوَ لِبْسُ القُرُودِ |
عِشْ عزيزاً أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ | بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ |
فَرُؤوسُ الرّمَاحِ أذْهَبُ للغَيْـ | ـظِ وَأشفَى لِغلّ صَدرِ الحَقُودِ |
لا كَما قد حَيِيتَ غَيرَ حَميدٍ | وإذا مُتَّ مُتَّ غَيْرَ فَقيدِ |
فاطْلُبِ العِزّ في لَظَى وَدَعِ الذّ | لّ وَلَوْ كانَ في جِنانِ الخُلُودِ |
يُقْتَلُ العاجِزُ الجَبَانُ وقَدْ يَعـ | ـجِزُ عَن قَطْع بُخْنُقِ المَولودِ |
وَيُوَقَّى الفَتى المِخَشُّ وقَدْ خوّ | ضَ في ماءِ لَبّةِ الصّنْديدِ |
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي | وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي |
وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضّا | دَ وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ |
إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ | لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ |
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي | وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ |
أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـ | ـهُ غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ |
أقْصِرْ فَلَسْتَ بزائِدي وُدّا
أقْصِرْ فَلَسْتَ بزائِدي وُدّا | بَلَغَ المَدَى وَتَجاوَزَ الحَدَّا |
أرْسَلْتَها مَمْلُوءَةً كَرَماً | فَرَدَدْتُها مَمْلُوءَةً حَمْدَا |
جاءَتْكَ تَطْفَحُ وَهيَ فَارِغَةٌ | مَثْنَى بهِ وَتَظُنّهَا فَرْدَا |
تَأبَى خَلائِقُكَ التي شَرُفَتْ | ألاّ تَحِنّ وَتَذْكُرَ العَهْدَا |
لَوْ كُنْتَ عَصراً مُنْبِتاً زَهَراً | كُنْتَ الرّبيعَ وكانَتِ الوَرْدَا |
الْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟
الْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟ | هَيهاتِ ليسَ ليَوْمِ عَهدِكُمُ غَدُ |
ألمَوْتُ أقرَبُ مِخْلَباً من بَيْنِكُمْ | وَالعَيشُ أبعَدُ منكُمُ لا تَبعُدُوا |
إنّ التي سفَكَتْ دَمي بجُفُونِها | لم تَدْرِ أنّ دَمي الذي تَتَقَلّدُ |
قالَتْ وقَد رَأتِ اصْفِراري من بهِ | وَتَنَهّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ |
فَمَضَتْ وقد صَبَغَ الحَياءُ بَياضَهَا | لَوْني كَما صَبَغَ اللُّجَينَ العَسجَدُ |
فرَأيتُ قَرْنَ الشّمسِ في قمرِ الدّجى | مُتَأوّداً غُصْنٌ بِهِ يَتَأوّدُ |
عَدَوِيّةٌ بَدَوِيّةٌ مِنْ دُونِهَا | سَلْبُ النّفُوسِ ونارُ حرْبٍ توقَدُ |
وَهَواجِلٌ وصَواهِلٌ ومَنَاصِلٌ | وذَوابِلٌ وتَوَعّدٌ وتَهَدُّدُ |
أبْلَتْ مَوَدّتَها اللّيالي بَعْدَنَا | ومَشَى عَلَيها الدّهرُ وهوَ مُقَيَّدُ |
بَرّحْتَ يا مَرَضَ الجُفُونِ بِمُمرَضٍ | مَرِضَ الطّبيبُ لهُ وَعِيدَ العُوّدُ |
فَلَهُ بَنُو عَبْدِ العَزيزِ بنِ الرّضَى | ولكُلّ رَكْبٍ عيسُهُمْ والفَدْفَدُ |
مَن في الأنامِ مِنَ الكِرامِ ولا تَقُلْ | مَن فيكِ شأمُ سوَى شجاعٍ يُقصَدُ |
أعطى فقُلتُ: لجودِه ما يُقْتَنَى، | وَسَطا فقلتُ: لسَيفِهِ ما يُولَدُ |
وَتَحَيّرَتْ فيهِ الصّفاتُ لأنّهَا | ألْفَتْ طَرائِقَهُ عَلَيها تَبْعُدُ |
في كلّ مُعْتَرَكٍ كُلًى مَفْرِيّةٌ | يَذْمُمْنَ منهُ ما الأسِنّةُ تَحمَدُ |
نِقَمٌ عَلى نِقَمِ الزّمانِ يَصُبّها | نِعَمٌ على النّعَمِ التي لا تُجْحَدُ |
في شَانِهِ ولِسانِهِ وبَنَانِهِ | وَجَنانِهِ عَجَبٌ لمَنْ يَتَفَقّدُ |
أسَدٌ دَمُ الأسَدِ الهِزَبْرِ خِضابُهُ | مَوْتٌ فَريصُ المَوْتِ منهُ يُرْعَدُ |
ما مَنْبِجٌ مُذْ غِبْتَ إلاّ مُقْلَةٌ | سهدتْ وَوَجْهُكَ نوْمُها والإثمِدُ |
فاللّيلُ حينَ قَدِمْتَ فيها أبْيَضٌ | والصّبْحُ مُنذُ رَحَلْتَ عنها أسوَدُ |
ما زِلْتَ تَدنو وهْيَ تَعْلُو عِزّةً | حتى تَوَارَى في ثَراها الفَرْقَدُ |
أرْضٌ لها شَرَفٌ سِواها مِثْلُهَا | لوْ كانَ مثْلُكَ في سِواها يُوجَدُ |
أبْدَى العُداةُ بكَ السّرورَ كأنّهُمْ | فرِحوا وعِندَهُمُ المُقيمُ المُقْعِدُ |
قَطّعْتَهُمْ حَسَداً أراهُمْ ما بهِمْ | فَتَقَطّعُوا حَسَداً لمنْ لا يَحسُدُ |
حتى انْثَنَوْا ولَوْ أنّ حرّ قُلوبهمْ | في قَلْبِ هاجِرَةٍ لَذابَ الجَلْمَدُ |
نَظَرَ العُلُوجُ فلَمْ يَروْا من حَوْلهم | لمّا رَأوْكَ وقيلَ هذا السّيّدُ |
بَقيَتْ جُمُوعُهُمُ كأنّكَ كُلّها | وبَقيتَ بَينَهُمُ كأنّكَ مُفْرَدُ |
لهفَانَ يَستوْبي بكَ الغَضَبَ الوَرَى | لوْ لم يُنَهْنِهْكَ الحِجى والسّؤدُدُ |
كنْ حيثُ شئتَ تَسِرْ إليكَ رِكابُنا | فالأرْضُ واحِدَةٌ وأنتَ الأوْحَدُ |
وَصُنِ الحُسامَ ولا تُذِلْهُ فإنّهُ | يَشكُو يَمينَكَ والجَماجمُ تَشهَدُ |
يَبِسَ النّجيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ | مِنْ غِمْدِهِ وكأنّما هوَ مُغْمَدُ |
رَيّانُ لَوْ قَذَفَ الذي أسْقَيْتَهُ | لجَرَى منَ المُهَجاتِ بَحْرٌ مُزْبدُ |
ما شارَكَتْهُ مَنِيّةٌ في مُهْجَةٍ | إلاّ وشَفْرَتُهُ على يَدِها يَدُ |
إنّ العَطايا والرّزايا والقَنا | حُلَفاءُ طَيٍّ غَوّرُوا أوْ أنجَدُوا |
صِحْ يا لَجُلْهُمَةٍ تُجِبْكَ وإنّما | أشفَارُ عَينِكَ ذابِلٌ ومُهَنّدُ |
من كلّ أكبَرَ مِنْ جِبالِ تِهامَةٍ | قَلْباً ومِنْ جَوْدِ الغَوَادي أجوَدُ |
يَلْقاكَ مُرْتَدِياً بأحْمَرَ مِنْ دَمٍ | ذَهَبَتْ بخُضرَتِهِ الطُّلَى والأكْبُدُ |
حتى يُشارَ إلَيكَ: ذا مَوْلاهُمُ | وَهُمُ المَوَالي والخَليقَةُ أعْبُدُ |
أنّى يَكُونُ أبَا البَرِيّةِ آدَمٌ | وأبوكَ والثّقَلانِ أنْتَ مُحَمّدُ |
يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ | أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ |