إبنانِ ، أمْ شبلانِ ذانِ ؟ فإنني | لأرَى دِمَاءَ الدّارِعِينَ غِذَاهُمَا |
تنبي الفراسة ُ : أنَّ في ثوبيهما | ليثينِ ، تجتنبُ الليوثُ حماهما |
لمَ لا يفوقانِ الأنامَ ، مكارماً ! | والسيدانِ ، كلاهما ، جدَّاهما |
تلقى ” أبا الهيجاءِ” في هيجاهما، | وَيُرِيكَ فَضْلَ أبي العَلاءِ عُلاهُمَا |
زدناهما ، شرفاً رفيعاً سمكهُ ، | ثَبْتَ الدّعائِمِ، إذْ تَخَوّلْنَاهُمَا |
ميزتُ بينهما فلمْ يتفاضلا | كالفرقدينِ تشاكلتْ حالاهما |
إنّي، وَإنْ كَانَ التّعَصّبُ شِيمَتي، | لا أَدْفَعُ الشّرَفَ المُنِيفَ أخاهُمَا! |
أنّى يُقَصِّرُ عَنْ مَكَانٍ في العُلا | وَالمَجدِ، مَن أضْحى أبُوهُ أباهُمَا؟ |
لَكِنْ لِذَينِ بِنَا مَكَانٌ بَاذِخٌ، | لايدعيه، منَ الأنامِ ، سواهما |
أسرتَ فلمْ أذقْ للنومِ طعماً
أسرتَ فلمْ أذقْ للنومِ طعماً ، | ولا حلَّ الطعانُ لنا حزاما |
وَسِرْنَا، مُعْلَمِينَ، إلَيْكَ حَتى | ضربنا ، خلفَ ” خرشنة َ ” الخياما ! |
يَا سَيّديّ! أرَاكُمَا
يَا سَيّديّ! أرَاكُمَا | لاَ تذكرانِ أخاكما ! |
أوجدتما بدلاً بهِ ، | يَبْني سَمَاءَ عُلاكُمَا؟ |
أوجدتما بدلاً بهِ ، | يفري نحورَ عداكما ! ؟ |
ما كانَ بالفعلِ الجميـ | ـلِ ، بمثلهِ ، أولاكما ! |
مَنْ ذَا يُعَابُ، بِمَا لَقِيـ | ـتُ منَ الورى ، إلاَّ كما ؟ |
لا تقعدا بي ، بعدها ، | وسلاَ ” الأميرَ ” ، أباكما ! |
وخذا فدايَ ، جعلتُ منْ | رَيْبِ الزّمَانِ فِدَاكُمَا! |
وَشَادِنٍ قالَ لي، لمّا رَأى سَقَمي
وَشَادِنٍ قالَ لي، لمّا رَأى سَقَمي | وضعفَ جسمي والدمعَ الذي انسجما |
أخذتَ دمعكَ منْ خدي، وجسمكَ من | خصرِي وَسُقمَك من طرْفي الذي سَقُما |
ألا من ْ مبلغٌ سرواتِ قومي
ألا من ْ مبلغٌ سرواتِ قومي | وَسَيْفُ الدّوْلَة ِ المَلِكَ، الهُمَامَا! |
بأني لمْ أدعْ فتياتِ قومي ، | إذا حدَّثنَ ، جمجمنَ الكلاما |
شَرَيْتُ ثَنَاءَهُنّ بِبَذْلِ نَفْسِي، | و نارِ الحربِ تضطرمُ اضطراما |
وَلَمّا لَمْ أجِدْ إلاّ فِرَاراً | أشَدَّ مِنَ المَنِيّة ِ أوْ حِمَامَا |
حَمَلْتُ، عَلى وُرُودِ المَوْتِ، نفسِي | وقلتُ لعصبتي :” موتوا كراما ! “ |
وَلَمْ أبْذُلْ، لِخَوْفِهِمُ، مِجَنّاً، | ولمْ ألبسْ حذارَ الموتِ ، لامــا |
وعذتُ بصارمٍ ، ويدٍ ، وقلبٍ | حماني أنْ ألامَ ، وأنْ أضاما |
ألفهمُ وأنشرهمْ كأني | أُطَرِّدُ مِنْهُمُ الإبَل السَّوامَا |
وَأنْتَقِدُ الفَوَارِسَ، بَيْدَ أنّي | رَأيْتُ اللّوْمَ أنْ أَلْقَى اللِّئامَا |
ومدعوٍ إلى أجابَ لمَّـا | رَأى أنْ قَدْ تَذَمّمَ وَاسْتَلامَا |
عقدتُ على مقلدهِ يميني ، | وأعفيتُ المثقفَ والحساما |
وهلْ عذرٌ ، و” سيفُ الدينِ ركني ، | إذَا لَمْ أرْكَبِ الخُطَطَ العِظامَا؟ |
وأتبعُ فعلهُ ، في كلِّ أمرٍ ، | وأجعلُ فضلهُ ، أبداً ، إماما |
وقدْ أصبحتُ منتسباً إليهِ ، | وحسبي أنْ أكونَ لهُ غلاما |
أرَاني كَيْفَ أكْتَسِبُ المَعَالي، | وَأعْطَاني، عَلى الدّهْرِ، الذّمَامَا |
وَرَبّاني فَفُقْتُ بِهِ البَرَايا، | وَأنْشَأني فَسُدْتُ بِهِ الأنَامَا |
فَعَمَّرَهُ الإلَهُ لَنَا طَوِيلاً، | وَزَادَ الله نِعْمَتَهُ دَوَامَا! |
لمثلها يستعد البأس والكرم
لمثلها يستعد البأسُ والكرمُ | وفي نظائرها تستنفدُ النعمُ |
هِيَ الرّئَاسَة ُ لا تُقْنى جَوَاهِرُهَا | حتى يخاض إليها الموتُ والعدمُ |
تقاعسَ الناسُ عنها فانتدبتَ لها | كالسيفِ ، لا نكلٌ فيهِ ولا سأمُ |
ما زَالَ يَجحَدُها قَوْمٌ، وَيُنكِرُها | حَتى أقَرّوا، وَفي آنَافِهِمْ رَغَمُ |
شكراً فَقَدْ وَفَتِ الأيّامُ ما وَعَدَتْ | أقرَّ ممتنعٌ ؛ وانقادَ معتصمُ |
وَمَا الرّئَاسَة ُ إلاّ مَا تُقِرّ بِهِ | شمسُ الملوكِ ، وتعنو تحتهُ الأممُ |
مَغَارِمُ المَجْدِ يَعْتَدُّ الملوكُ بها | مَغَانِماً في العُلا، في طَيّهَا نِعَمُ |
هذي شيوخُ “بني حمدانَ ” قاطبة ً | لاذوا بدارِكَ عِندَ الخَوفِ وَاعتَصَموا |
حلوا بأكرمِ منْ حلَّ العبادُ بهِ | بحَيثُ حَلّ النّدى وَاستَوثَقَ الكَرَمَ |
فكُنتَ مِنْهُمْ وَإنْ أصْبَحتَ سيّدَهم | تواضعُ الملكِ في أصحابهِ عظمُ |
شيخوخة ٌ سبقتْ ، لا فضلَ يتبعها | وَلَيْسَ يَفضُلُ فِينا الفاضِلُ الهَرِمُ |
ولمْ يفضلْ ” عقيلاً ” في ولادتهِ | عَلى عَليٍّ أخِيهِ، السّنُّ وَالقِدَمُ |
وكيفَ يفضلُ منْ أزرى بهِ بخلُ | وقعدة ُ اليدِ ، والرجلينِ ، والصممُ |
لا تنكروا ، يا بنيهِ ، ما أقولُ فلنْ | تُنسَى التِّرَاتُ وَلا إن حالَ شَيخُكُمُ |
كادَتْ مَخَازِيهِ تُرْدِيهِ فَأنْقَذَهُ | منها ، بحسنِ دفاعٍ عنهُ ، عمكمُ |
أسْتَوْدِعُ الله قَوْماً، لا أُفَسّرُهُمْ | الظالمينَ ، ولوْ شئنا لما ظلموا |
القائلينَ ، ونغضي عن جوابهمُ | وَالجَائِرِينَ، وَنَرْضَى بالذي حكَموا |
إني ، على كلِّ حالٍ ، لستُ أذكرهمْ | إلاّ وَللشّوقِ دَمعي وَاكِفٌ، سَجِمُ |
الأنفسُ اجتمعتْ يوماً ، أو افترقتْ | إذا تَأمّلتَ، نَفسٌ، وَالدّمَاءُ دَمُ |
رَعَاهُمُ الله، مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَة ٌ | وَحاطَهُمْ، أبَداً، مَا أوْرَقَ السَّلَمُ |