أقِلّي، فَأيّامُ المُحِبّ قَلائِلُ، | وَفي قَلبِهِ شُغلٌ عنِ اللّوْمِ شَاغِلُ |
ولعتِ بعذلِ المستهامِ على الهوى ، | وَأوْلَعُ شَيْءٍ بِالمُحِبّ العَوَاذِلُ |
أريتكِ ، هلْ لي منْ جوى الحبِ مخلصٌ ، | وَقد نَشِبَتْ، للحُبّ فيّ، حَبائِلُ؟ |
وبينَ بنياتِ الخدورِ وبيننا | حروبٌ ، تلظى نارها وتطاولُ |
أغَرْنَ على قَلبي بجَيشٍ مِنَ الهَوَى | وطاردَ عنهنَّ الغزالُ المغازلُ |
تَعَمّدَ بِالسّهْمِ المُصِيبِ مَقَاتِلي، | ألا كُلّ أعضَائي، لَدَيهِ، مَقَاتِلُ |
وواللهِ ، ماقصرتُ في طلبِ العلاَ ؛ | ولكنْ كأنَّ الدهر عني غافلُ |
مواعيدُ آمالٍ ، تماطلني بها | مُرَامَاة ُ أزْمَانٍ، وَدَهْرٌ مُخَاتِلُ |
تدافعني الأيامُ عما أريدهُ ، | كما دفعَ الدَّين الغريمُ المماطلُ |
خليليَّ ، أغراضي بعيدٌ منالها ! | فهلْ فيكما عونٌ على ما أحاولُ ؟ |
خَلِيلَيّ! شُدّا لي عَلى نَاقَتَيْكُمَا | إذا مابدا شيبٌ منَ العجزِ ناصلُ |
فمثليَ منْ نالَ المعالي بسيفهِ ، | وَرُبّتَمَا غَالَتْهُ، عَنْهَا، الغَوَائِلُ |
وَمَا كلّ طَلاّبٍ، من النّاسِ، بالغٌ | ولا كلُّ سيارٍ ، إلى المجدِ ، واصلُ ! |
وإنَّ مقيماً منهجَ العجزِ خائبٌ | وَإنّ مُرِيغاً، خائِبَ الجَهدِ، نَائِلُ |
وَمَا المَرْءُ إلاّ حَيثُ يَجعَلُ نَفْسَهُ | وإني لها ، فوقَ السماكينِ ، جاعلُ |
وَللوَفْرِ مِتْلافٌ، وَللحَمْدِ جَامِعٌ، | وللشرِّ ترَّاكٌ ، وللخيرِ فاعلُ |
وَمَا ليَ لا تُمسِي وَتُصْبحُ في يَدِي | كَرَائِمُ أمْوَالِ الرّجالِ العَقَائِلُ؟ |
أحكمُ في الأعداءِ منها صوارماً | أحكمها فيها إذا ضاقَ نازلُ |
و مانالَ محميُّ الرغائبِ ، عنوة ً ، | سِوَى ما أقَلّتْ في الجُفونِ الحَمائلُ |
سَكِرْتُ مِنْ لحظِهِ لا مِنْ مُدامَتِهِ
سَكِرْتُ مِنْ لحظِهِ لا مِنْ مُدامَتِهِ | و مالَ بالنومِ عنْ عيني تمايلهُ |
وَمَا السُّلافُ دَهَتْني بَلْ سَوَالِفُهُ، | و لا الشمولُ ازدهرني بلْ شمائلهُ |
وَغَالَ صَبْرِيَ مَا تَحوِي غَلائِلُهُ | و غالَ قلبيَ ما تحوي غلائلهُ |
لحبكَ منْ قلبي حمى لا يحلهُ
لحبكَ منْ قلبي حمى لا يحلهُ | سواكَ ، وعقدٌ ليسَ خلقٌ يحلهُ |
وَقَدْ كُنتَ أطْلَقتَ المُنَى لي بمَوْعِدٍ | و قدرتَ لي وقتاً ، وهذا محلهُ ! |
ففي أيِّ حكمٍ ؟ أو على أيِ مذهبٍ | تُحِلّ دَمي؟ وَالله لَيسَ يُحِلّهُ! |
أفرُّ منَ السوء لا أفعلهْ
أفرُّ منَ السوء لا أفعلهْ | وَمِنْ مَوْقِفِ الضّيْمِ لا أقْبَلُهْ |
وَقُرْبَى القَرَابَة ِ أرْعَى لَهَا، | وَفَضْلُ أخي الفَضْلِ لا أجْهَلُهْ |
و أبذلُ عدليَ للأضعفينَ ؛ | و للشامخِ الأنفِ لا أبذلهْ |
وذاك لأني شديد الاباء | آكل لحمي ولا اوكله |
و أحسنُ ما كنت بقيا إذا | أنالني اللهُ ما آملهْ |
وَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ، حَيّ الضِّبابِ، | و أصدقُ قيلِ الفتى أفضلهْ |
بأني كففتُ ، وأني عففتُ ، | و إنْ كرهَ الجيشُ ما أفعلهْ |
وَقَدْ أُرْهِقَ الحَيّ، مِنْ خَلفِهِ | و أوقفَ، خوفَ الردى ، أولهْ |
فعادتْ ” عديُّ ” بأحقادها ، | وَقَدْ عَقَلَ الأمْرُ مَنْ يَعْقِلُهْ |
يا حَسرَةً ما أَكادُ أَحمِلُها
يا حَسرَةً ما أَكادُ أَحمِلُها | آخِرُها مُزعِجٌ وَأَوَّلُها |
عَليلَةٌ بِالشَآمِ مُفرَدَةٌ | باتَ بِأَيدي العِدى مُعَلِّلُها |
تُمسِكُ أَحشاءَها عَلى حُرَقٍ | تُطفِئُها وَالهُمومُ تُشعِلُها |
إِذا اِطمَأَنَّت وَأَينَ أَو هَدَأَت | عَنَّت لَها ذُكرَةٌ تُقَلقِلُها |
تَسأَلُ عَنّا الرُكبانَ جاهِدَةً | بِأَدمُعٍ ماتَكادُ تُمهِلُها |
يامَن رَأى لي بِحِصنِ خِرشَنَةٍ | أُسدَ شَرىً في القُيودِ أَرجُلُها |
يامَن رَأى لي الدُروبَ شامِخَةً | دونَ لِقاءِ الحَبيبِ أَطوَلُها |
يامَن رَأى لي القُيودَ موثَقَةٌ | عَلى حَبيبِ الفُؤادِ أَثقَلُها |
يا أَيُّها الراكِبانِ هَل لَكُما | في حَملِ نَجوى يَخِفُّ مَحمَلُها |
قولا لَها إِن وَعَت مَقالَكُما | وَإِنَّ ذِكري لَها لَيُذهِلُها |
يا أُمَّتا هَذِهِ مَنازِلُنا | نَترِكُها تارَةً وَنَنزِلُها |
يا أُمَّتا هَذِهِ مَوارِدُنا | نَعُلُّها تارَةً وَنُنهَلُها |
أَسلَمَنا قَومُنا إِلى نُوَبٍ | أَيسَرُها في القُلوبِ أَقتَلُها |
وَاِستَبدَلوا بَعدَنا رِجالَ وَغىً | يَوَدُّ أَدنى عُلايَ أَمثَلُها |
لَيسَت تَنالُ القُيودُ مِن قَدَمي | وَفي اِتِّباعي رِضاكَ أَحمِلُها |
ياسَيِّداً ماتُعَدُّ مَكرُمَةٌ | إِلّا وَفي راحَتَيهِ أَكمَلُها |
لاتَتَيَمَّم وَالماءُ تُدرِكُهُ | غَيرُكَ يَرضى الصُغرى وَيَقبَلُها |
إِنَّ بَني العَمِّ لَستَ تَخلُفُهُم | إِن عادَتِ الأُسدُ عادَ أَشبُلُها |
أَنتَ سَماءٌ وَنَحنُ أَنجُمُها | أَنتَ بِلادٌ وَنَحنُ أَجبُلُها |
أَنتَ سَحابٌ وَنَحنُ وابِلُهُ | أَنتَ يَمينٌ وَنَحنُ أَنمُلُها |
بِأَيِّ عُذرٍ رَدَدتَ والِهَةً | عَلَيكَ دونَ الوَرى مُعَوَّلُها |
جاءَتكَ تَمتاحُ رَدَّ واحِدِها | يَنتَظِرُ الناسُ كَيفَ تُقفِلُها |
سَمَحتَ مِنّي بِمُهجَةٍ كَرُمَت | أَنتَ عَلى يَأسِها مُؤَمَّلُها |
إِن كُنتَ لَم تَبذِلِ الفِداءَ لَها | فَلَم أَزَل في رِضاكَ أَبذِلُها |
تِلكَ المَوَدّاتُ كَيفَ تُهمِلُها | تِلكَ المَواعيدُ كَيفَ تُغفِلُها |
تِلكَ العُقودُ الَّتي عَقَدتَ لَنا | كَيفَ وَقَد أُحكِمَت تُحَلِّلُها |
أَرحامُنا مِنكَ لِم تُقَطِّعُها | وَلَم تَزَل دائِباً تُوَصِّلُها |
أَينَ المَعالي الَّتي عُرِفتَ بِها | تَقولُها دائِماً وَتَفعَلُها |
ياواسِعَ الدارِ كَيفَ توسِعُها | وَنَحنُ في صَخرَةٍ نُزَلزِلُها |
ياناعِمَ الثَوبِ كَيفَ تُبدِلُهُ | ثِيابُنا الصوفُ مانُبَدِّلُها |
ياراكِبَ الخَيلِ لَو بَصُرتَ بِنا | نَحمِلُ أَقيادُنا وَنَنقُلُها |
رَأَيتَ في الضُرِّ أَوجُهاً كَرُمَت | فارَقَ فيكَ الجَمالَ أَجمَلُها |
قَد أَثَّرَ الدَهرُ في مَحاسِنِها | تَعرِفُها تارَةً وَتَجهَلُها |
فَلا تَكِلنا فيها إِلى أَحَدٍ | مُعِلُّها مُحسِناً يُعَلِّلُها |
لايَفتَحُ الناسُ بابَ مَكرُمَةٍ | صاحِبُها المُستَغاثُ يُقفِلُها |
أَيَنبَري دونَكَ الكِرامُ لَها | وَأَنتَ قَمقامُها وَأَحمَلُها |
وَأَنتَ إِن عَنَّ حادِثٌ جَلَلٌ | قُلَّبُها المُرتَجى وَحُوَّلُها |
مِنكَ تَرَدّى بِالفَضلِ أَفضَلُها | مِنكَ أَفادَ النَوالَ أَنوَلُها |
فَإِن سَأَلنا سِواكَ عارِفَةً | فَبَعدَ قَطعِ الرَجاءِ نَسأَلُها |
إِذا رَأَينا أولى الكِرامِ بِها | يُضيعُها جاهِداً وَيُهمِلُها |
لَم يَبقَ في الناسِ أُمَّةٌ عُرِفَت | إِلّا وَفَضلُ الأَميرِ يَشمَلُها |
نَحنُ أَحَقُّ الوَرى بِرَأفَتِهِ | فَأَينَ عَنّا وَأَينَ مَعدِلُها |
يامُنفِقَ المالِ لايُريدُ بِهِ | إِلّا المَعالي الَّتي يُؤَثِّلُها |
أَصبَحتَ تَشري مَكارِماً فُضُلاً | فِداؤُنا قَد عَلِمَت أَفضَلُها |
لايَقبَلُ اللَهُ قَبلَ فَرضِكَ ذا | نافِلَةً عِندَهُ تُنَفِّلُها |
أي اصطبارٍ ليسَ بالزائلِ ؟
أي اصطبارٍ ليسَ بالزائلِ ؟ | و أيُّ دمعٍ ليسَ بالهاملِ ؟ |
إنا فجعنا بفتى ” وائلٍ | لمَّـا فجعنا ” بأبي وائلِ “ |
المشتري الحمدَ بأموالهِ ، | والبائعِ النائلَ بالنائلِ |
مَاذا أرَادَتْ سَطَوَاتُ الرّدَى | بِالأسَدِ ابنِ الأسَدِ، البَاسِلِ؟ |
السّيّد ابنِ السّيّدِ، المُرْتَجَى ، | والعالمِ ابنِ العالمِ ، الفاضلِ! |
أقسمتُ : لو لمْ يحكهِ ذكرهُ | رجعنَ عنهُ بشبا ثاكلِ |
كَأنّما دَمْعِي، مِنْ بَعْدِهِ | صوبُ سحابٍ واكفٍ ، وابلِ |
مَا أنَا أبْكِيهِ، وَلَكِنّمَا | تبكيهِ أطرافُ القنا الذابلِ |
ما كانَ إلاَّ حدثاً نازلاً ، | موكلاً بالحدثِ النازلِ |
دَانٍ إلى سُبْلِ النّدَى وَالعُلا، | نَاءٍ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالبَاطِلِ |
أرى المعالي ، إذْ قضى نحبهُ ، | تبكي بكاءَ الوالهِ ، الثاكلِ |
الأسَدُ البَاسِلُ، وَالعَارِضُ الـ | ـهاطلُ ، عندَ الزمنِ الماجلِ |
لوْ كانَ يفدي معشرٌ هالكاً | فَدَاهُ مِنْ حافٍ، وَمِنْ نَاعِلِ |
فَكَمْ حَشَا قَبرَكَ مِنْ رَاغِبٍ! | وَكَمْ حَشَا تُرْبَكَ مِنْ آمِلِ! |
سقى ثرى ، ضمَّ ” أبا وائلٍ ” ، | صوبُ عطايا كفهِ الهاطلِ ! |
لا درَّ درُّ الدهرِ – ما بالهُ | حمّلَني مَا لَسْتُ بِالحَامِلِ؟ |
كانَ ابنُ عَمّي، إنّ عَرَا حادثٌ، | كاللّيْثِ، أوْ كالصّارِم الصّاقِلِ |
كَانَ ابنُ عَمّي عالِماً، فاضِلاً، | والدهرُ لا يبقي على فاضلِ |
كانَ ابنُ عَمّي بَحرَ جُودٍ طمى | لكنهُ بحرٌ بلا ساحلِ |
منْ كانَ أمسى قلبهُ خالياً | فَإنّني في شُغُلٍ شَاغِلِ |