أَجادَ مَطْرانُ كعاداته | وهكذا يُؤْثَرُ عَنْ قُسِّ |
فإنْ أَقِفْ مِنْ بَعْدِه مُنْشِداً | فإنّما مِنْ طِرْسِه طِرْسي |
رَثَى حَبِيباً وَرَثَى بَعْدَه | لذلِكَ المُوفي على الرَّمْسِ |
كانَا إذا ما ظَهَرا مِنْبَراً | حَلاَّ مِنَ السّامِعِ في النَّفْسِ |
فأَصْبَحَا هذا طَواهُ الرَّدَى | وذاكَ نَهْبٌ في يَدِ البُؤْسِ |
لولا سَلِيمٌ لَم يَقُلْ قائِلٌ | ولَمْ يَجُدْ مَنْ جادَ بالأمْسِ |
للهِ ما أَشْجَعَه إنّـه | ذُو مِرَّة ٍ فِينَا وذُو بَأْسِ |
يَقُومُ في مَشْرُوعِهِ نافِذاً | كأنّهعَنْتَرَة ُ العَبْسِي |
تَلْقاهُ في الجِدِّ كما تَبْتَغِي | وتارَة ً تَلْقاهُ في الهَلْسِ |
سَرْكِيسُ إنْ راقَكَ ما قُلْتُه | في مَعْرِضِ الهَزْلِ فَقُلْ مِرْسِيٌ |
أقْسِمُ باللَّـهِ وآلائِـه | بعَرْشِه باللَّوْحِ بالكُرْسِي |
بالخُنَّسِ الكُنَّسِ في سَبْحِها | بالبَدْرِ في مَرْآهُ بالشَّمْسِ |
بأنّ هذا عَمَلٌ صالحٌ | قامُ به هَذا الفَتَى القُدْسِي |
ذَكَّرَنا والمَرْءُ مِنْ نَفْسِه | وعَيْشِه في شاغِلٍ يُنْسِي |
بالواجِبِ الأَقْدَسِ في حَقِّ مَنْ | باعَتْه مِصْرٌ بَيْعَة َ الوَكْسِ |
هذاأبُوا العَدْلِفمَنْ خالَه | حَياً فما خَالَ سِوَى العَكْسِ |
كانت له في حَلْقِه ثَرْوَة ٌ | مِنْ نَبْرَة ٍ تُشْجي ومِنْ جَرْسِ |
فغالَها الدَّهْرُ كما غَالَه | حتّى غَدَا كالطَّلَلِ الدَّرْسِ |
فاكتَسِبُوا الأَجْرَ ولا تَبْتَغُوا | شِراءَه بالثَمَنِ البَخْسِ |
إنِّي أَرى التَّمْثِيلَ في غَمْرَة ٍ | غامِرَة ٍ تَدْعُو إلى اليَأُسِ |
لَم يَرْمِه في شَرْخِه ما رَمى | لو كان مَبْنِياً على أُسٍّ |
أَكُلَّما خَفَّتْ به صَحْوَة ٌ | مِنْ دائِه عُوجِلَ بالنَّكْسِ |
إنْ تُغْفِلُوا دارِسَ آثارِه | عَفَّى عَليْها الدُّهْرُ بالطَّمْسِ |
أَعْجَزَها النُّطْقُ فجاءَتْ بِنا | نَنُوبُ عنْ أَلْسُنِها الخُرْسِ |
لاَ أبالِي أَذَى العدوِّ فَحُطْنِي
لاَ أبالِي أَذَى العدوِّ فَحُطْنِي | انتَ يا رَبِّ منْ ولاَءِ الصَّديِقِ |
أيُّهَا الوَسميُّ زُرْ نبتَ الرُّبَا
أيُّهَا الوَسميُّ زُرْ نبتَ الرُّبَا | واسبِق الفَجْرَ إلى رَوْضِ الزَّهَرْ |
حَيِّهِ وانثرْ على أكمامِه | منْ نطافِ الماءِ أشباهَ الدُّرَرْ |
أَيُّها الزَّهْرُ أَفِقْ مِنْ سِنَة ٍ | واصطَبِحْ مِنْ خَمْرَة ٍ لَم تُعْتَصرْ |
منْ رحيقٍ أمُّه غادية ٌ | ساقَهَا تحتَ الدُّجَى روحُ السَّحَرْ |
وانفحِ الرَّوضَ بنشرٍ طيِّبٍ | عَلَّه يُوقِظُ سُكّانَ الشَّجَرْ |
إنَّ بِي شوقاً إلَى ذِي غُنَّة ٍ | يُؤْنِسُ النَّفْسَ وقدْ نامَ السَّمَرْ |
إيهِ يا طَيْرُ ألاَ مِنْ مُسْعِدٍ | إنّني قد شَفَّني طُولُ السَّهَرْ |
قُمْ وصَفِّقْ واستَحِرْ واسجَعْ ونُحْ | واروِ عنْ إسحاقَ مأثورَ الخبرْ |
ظَهَرَ الفَجْرُ وقد عَوَّدْتَني | أنْ تُغَنِّينِي إذَا الفَجْرُ ظَهَرْ |
غَنِّني كَمْ لكَ عِندي مِنْ يَدٍ | سَرَّتِ الأَشْجانَ عَنِّي والفِكَرْ |
اخْرِق السَّمْعَ سِوَى مِنْ نَبَأٍ | خَرَقَ السَّمعَ فأدمَى فوَقَرْ |
كُلَّ يَوْمٍ نَبْأَة ٌ تَطْرُقُنا | بعجيبٍ منْ أعاجيبِ العِبَرْ |
أممٌ تفنَى وأركانٌ تهِي | وعُرُوشٌ تتهاوَى وسُرُرْ |
وجُيُوشٌ بجيوشٍ تلتقِي | كسُيُولٍ دَفَقَتْ في مُنْحَدَرْ |
ورجالٌ تتبارَى للرَّدَى | لا تُبالي غابَ عنها أمْ حَضَرْ |
منْ رآهَا في وغَاهَا خالهَا | صِبْيَة ً خَفَّتْ إلَى لِعبِ الأُكَرْ |
وحُرُوبٌ طاحِناتٌ كلَّما | أُطْفئتْ شَبَّ لَظاها واسْتَعَرْ |
ضَجَّتِ الأَفْلاكُ مِنْ أَهْوالِها | واستعاذَ الشمسُ منهَا والقَمَرْ |
في الثَّرَى في الجَوِّ في شُمِّ الذُّرَا | في عُبابِ البَحْرِ ، في مَجْرَى النَّهَرْ |
أسرفتْ في الخلقِ حتَّى أوشكوُا | أنْ يبيدُوا قبلَ ميعادِ البَشَرْ |
فاصْمِدوا ثمَّ احمدُوا اللَّه عَلَى | نِعْمَة الأَمْن وطِيبِ المُسْتَقَرّ |
نعمة الأمنِ وما أدراكَ ما | نِعمة الأمن إذَا الخطبُ اكفهرْ |
واشْكُروا سُلْطانَ مِصْرٍ واشكُرُوا | صاحبَ الدّولة محمودَ الأَثَرْ |
نحن في عَيْشٍ تَمَنَّى دُونَه | أممٌ في الغربِ أشقاهَا القدَرْ |
تَتَمَنَّى هَجْعَة ً في غِبْطَة ٍ | لمْ تُساوِرْهَا اللَّيالِي بالكَدَرْ |
إنّ في الأَزْهَرِ قوماً نالَهُمْ | مِنْ لَظَى نِيرانِها بَعْض الشَّرَرْ |
أَصْبَحُوا – لا قَدَّرَ اللهُ لنا- | في عناءٍ وشقاءٍ وضجرْ |
نُزلاءٌ بيننَا إنْ يُرْهَقُوا | أوْ يُضامُوا إنّهَا إحدَى الكُبَرْ |
فأعينُوهُمْ فهُمْ إخْوانُكُمْ | مُسَّهُمْ ضُرٌّ ونابَتْهُمْ غيَرْ |
أَقْرِضُوا اللهَ يُضاعِفْ أَجْرَكُمْ | إنّ خَيْرَ الأَجْرِ أَجْرٌ مُدَّخَرْ |
قَضَّيْتُ عَهْدَ حداثتِي
قَضَّيْتُ عَهْدَ حداثتِي | ما بينَ ذُلٍ واغترابْ |
لَم يُغنِ عَنّي بَينَ مَشْـ | رِقِهَا ومغْرِبِهَا اضطرابْ |
صَفِرَتْ يَدِي فحَوَى لها | رأسِي وجَوفِي والوِطابْ |
وأنا ابنُ عَشْرٍ ليس في | طَوقِي مُكافحة ُ الصِّعابْ |
لمْ يبقَ منْ أهلِي سِوَى | ذِكْرٍ تَناساهُ الصِّحابْ |
أَمْشي يُرَنِّحُني الأَسَى | والبؤسُ ترنيحَ الشَّرابْ |
فلَكَمْ ظَلِلْتُ على طَوَى | يومِي وبِتُّ علّى تبابْ |
والجُوعُ فَرَّاسٌ له | ظُفْرٌ يَصُولُ به ونَابْ |
فكأنّه في مُهجتَي | نَصْلٌ تغلغلَ للنِّصابْ |
أَعِيدُوا مَجْدَنا دُنْيا ودِينَا
أَعِيدُوا مَجْدَنا دُنْيا ودِينَا | وذُودُوا عن تُراثِ المُسْلمِنَا |
فمنْ يَعْنُو لغيرِ اللهِ فينا | ونحنُ بَنُو الغُزاة ِ الفاتحِينَا |
مَلَكْنا الأمرَ فوق الأرضِ دَهْراً | وخَلَّدْنَا علَى الأيَّامِ ذِكْرَى |
أنَّى عُمَرٌ فأنسَى عدلَ كِسْرَى | كذلك كانَ عَهدُ الرَّاشِدِينا |
جَبَيْنا السُّحْبَ في عَهْدِ الرَّشيدِ | وباتَ الناسُ في عيشٍ رغيدِ |
وطَوَّقت العَوارفُ كلَّ جِيدِ | وكان شِعارُنا رِفْقاً ولِينا |
سَلُوا بغدادَ والإسلام دِين | أكانَ لها على الدُّنيا قَرينُ |
رِجالٌ للحوادِثِ لاَ تَلينُ | وعِلْمٌ أيَّدَ الفَتْحَ المُبِينا |
فلسنَا مِنهمُ والشَّرقُ عانَى | إذا لمْ نَكْفِه عَنَتَ الزَّمانِ |
ونَرّفَعُه إلى أعْلَى مَكانِ | كما رَفَعُوه أو نَلقَى المَنُونا |
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـ
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـ | شُ ولمْ تُحسِنُوا عليه القيامَا |
عزت السِّلْعَة ُ الذَّلِيلة ُ حتَّى | باتَ مَسْحُ الحِذاءِ خَطْباً جُساما |
وغَدَا القُوتُ في يَدِ النّاسِ كاليا | قُوتِ حتى نَوَى الفَقيرُ الصِّياما |
يَقْطَع اليومَ طاوِياً وَلَدَيْه | دُونَ ريحِ القُتارِ ريحُ الخُزامَى |
ويخالُ الرَّغيفَ منْ بَعْدِ كَدٍّ | صاحَ : مَن لي بأنْ أُصِيبَ الإداما |
أيّها المُصْلِحُونَ أصْلَحْتُمُ الأرْ | ضَ وبِتُّمْ عن النُّفوسِ نيامَا |
أصْلِحوا أنفُسَا أضرَّ بِهَا الفقْ | رُ وأحْيا بمَوتِها الآثاما |
ليس في طَوقِها الرَّحيلُ ولا الجِـ | ـدُّ ولا أن تُواصلَ الإقْداما |
تُؤثِرُ الموتَ في رُبَا النِّيلِ جُوعاً | وتَرَى العارَ أنْ تَعافَ المُقاما |
ورِجالُ الشَّآمِ في كُرَة ِ الأرْ | ضِ يُبارُونَ في المسيرِ الغَماما |
رَكِبُوا البَحْرَ ، جَاوَزُوا القُطْبَ ، فاتُوا | ويَظُنُّ اللُّحُومَ صَيْداً حَراما |
يَمْتطُون الخُطُوبَ في طَلَبِ العَيـ | شِ ويبرونَ للنضالِ السهامَا |
وبَنُو مِصْرَ في حِمَى النِّيلِ صَرْعَى | يَرْقُبونَ القَضاءَ عاماً فَعاما |
أيهَا النِّيلُ كيفَ نُمسِي عِطاشاً | في بلادٍ روِّيتَ فيهَا الأوامَا |
إنَّ لِينَ الطِّباعِ أورثنَا الذُّ | لَّ وأغرَى بِنا الجُناة َ الطَّغاما |
إنَّ طِيبَ المُناخِ جرَّعلينَا | في سَبيلِ الحَياة ِ ذاكَ الزِّحاما |
أيُّها المُصْلِحُونَ رِفْقاً بقَومٍ | قَيَّدَ العَجْزُ شَيْخَهُمْ والغُلاما |
وأغيثُوا منَ الغَلاءِ نفوساً | قد تمنَّتْ مع الغَلاءِ الحِمامَا |
أَوْشَكَتْ تأكُلُ الهَبِيدَ مِنَ الفَقْـ | رِ وكادتْ تذُودُ عنه النَّعامَا |
فأعيدُوا لنَا المُكُوسَ فإنَّا | قد رأَيْنا المُكُوسَ أرْخَى زِماما |
ضاقَ في مصرَ قِسْمُنَا فاعذرُونَا | إنْ حَسَدْنَا علَى الجَلاَءِ الشَّآمَا |
قد شَقِينا – ونحنُ كرَّمنا اللّـ | هُ بعَصْرٍ يُكَرِّمُ الأنعامَا |