طالَ الحديثُ عليكُمْ أيُّهَا السَّمَرُ | ولاحَ للنَّومِ في أجفانِكُمْ أَثَرُ |
وذلك اللَّيلُ قد ضاعَتْ رَواحِلُه | فليسَ يُرْجَى لهُ منْ بَعْدِهَا سَفَرُ |
هذي مَضاجِعُكُم يا قَومُ فالتَقِطوا | طِيبَ الكَرَى بعيونٍ شابهَا السَّهَرُ |
هل يُنْكِرُ النَّوْمَ جَفْنٌلو أتيحَ لهُ | إلاَّ أنا ونجُومُ اللَّيلِ والقَمَرُ |
أَبِيتُ أَسْأَلٌ نَفْسِي كيفَ قاطعنِي | هذَا الصَّديقُ ومالِي عنهُ مُصْطَبَرُ |
فما مُطَوَّقَة ٌ قدْ نالهَا شَرَكَ | عند الغُروبِ إليه ساقَها القَدَرُ |
باتتْ تُجاهِدُ هَمَّاً وهي آيِسَة ٌ | من النَّجاة ِ وجُنِحُ اللَّيلِ مُعتَكِرُ |
وباتَ زُغلولُها في وَكرِها فَزِعاً | مُرَوَّعاً لرُجوعِ الأمِّ ينتظرُ |
يُحَفِّزُ الخَوفُ أَحشاهُ وتُزْعِجهُ | إذا سَرَتْ نَسمَة ٌ أو وَسَوسَ الشَّجَرُ |
مِنِّي بأسْوَأَ حالاً حِينَ قاطعنِي | هذا الصَّديقُ فهَلاَّ كان يَذَّكِرُ |
يا بنَ الكِرامِ أتَنسى أنّني رَجُل | لِظِلِّ جاهِكَ بعدَ اللهِ مُفتَقِرُ |
إنِّي فتاكَ فلاَ تقطعْ مواصلتِي | هَبني جَنيتُ فقُلْ لي كيفَ أعتَذِرُ |
يا كاتِبَ الشَّرقِ ويا خَيرَ مَن
يا كاتِبَ الشَّرقِ ويا خَيرَ مَن | تَتْلُو بَنُو الشَّرقِ مَقاماتِهِ |
سافرْ وعُدْ يحفظكَ رَبُّ الوَرَى | وابعَثْ لنا عيسى بآياتِهِ |
مَنْ لَمْ يَرَ المعرضَ في اتِّساعِ
مَنْ لَمْ يَرَ المعرضَ في اتِّساعِ | وفاتَهُ ما فيِهِ مِنْ إبداعِ |
فمَعرِضُ القَومِ بلا نِزاعِ | في نَفْثَة ٍ مِنْ ذلكَ اليَرَاعِ |
تَناءَيْتُ عنكمْ فحُلَّتْ عُرَا
تَناءَيْتُ عنكمْ فحُلَّتْ عُرَا | وضاعتْ عُهودٌ علَى ما أَرَى |
وأصبحَ حَبلُ اتِّصالي بكم | كخيطِ الغزالة ِ بعدَ النَّوَى |
لي كِساءٌ أنعِمْ به من كِساءِ
لي كِساءٌ أنعِمْ به من كِساءِ | أنا فيه أتيهُ مثلَ الكِسائي |
حاكَهُ العِزُّ من خُيوطِ المَعالي | وسَقاهُ النَّعيمُ ماءَ الصَّفاءِ |
وتَبَدّي في صِبْغَة ٍ مِنْ أَدِيم | اللَّيْلِ مَصْقولَة ٍ بحُسْنِ الطِّلاءِ |
خاطَهُ رَبُّه بإبرة ِ يُمنٍ | أوجَرُوا سَمَّها خُيوطَ الهَناءِ |
فكأنِّي- وقد أحاطَ بجِسمي- | في لِباسٍ من العُلا والبَهاءِ |
تُكْبِرُ العَيْنُ رُؤيتَي وتَرانِي | في صُفوفِ الوُلاة ِ والأمَراءِ |
ألِفَ الناسُ- حيث كنتُ- مَكاني | أُلفَة َ المُعدِمينَ شَمسَ الشِّتاء |
يا رِدائِي وأنتَ خَيْرُ رِداءٍ | أَرْتَجِيهِ لزِينة ٍ وازدِهاءِ |
لا أحالَتْ لكَ الحَوادِثُ لَوناً | وتعَدتك ناسِجاتَ الجِواءِ |
غَفَلَتْ عنكَ للبِلى نَظَراتٌ | وتَخَطَّتْكَ إبْرَة ُ الرَّفّاءِ |
صَحِبَتْنِي قَبلَ اصطِحابِكَ دَهْراً | بِدْلَة ٌ في تَلَوُّنِ الحِرْباءِ |
نَسَبُوها لطَيْلَسانِ ابنِ حَرْبٍ | نِسبَة ً لَم تَكُنْ بذاتِ افتراءِ |
كنتُ فيها إذا طَرَقتُ أُناساً | أنكَرُوني كطارق مِن وَباءِ |
كَسَفَ الدهرُ لَونَها واستعارَتْ | لَوْنَ وَجْهِ الكَذُوبِ عند اللِّقاءِ |
يا رِدائِي جَعَلْتَنِي عند قَوْمِي | فوقَ ما أَشْتَهِي وفوقَ الرَّجاءِ |
إنّ قومِي تَرُوقُهُمْ جِدَّة ُ الثَّوْ | بِ ولا يَعشَقُون غيرَ الرُّواءِ |
قيمة ُ المرءِ عندَهُم بين ثوبٍ | باهِرٍ لَوْنُه وبينَ حِذاءِ |
قَعَدَ الفَضْلُ بي وقُمْتَ بِعِزِّي | بين صَحبي، جُزيتَ خيرَ الجَزاءِ |
هذا الظَّلامُ أثارَ كامِنَ دائي
هذا الظَّلامُ أثارَ كامِنَ دائي | يا ساقِيَيَّ عَلَيَّ بالصَّهباءِ |
بالكاسِ أو بالطّاسِ أو بآثْنَيْهِما | أو بالدِّنانِ فإنّ فيه شِفائي |
مَشْمُولَة لولا التُّقَى لعَجِبْتُ مِنْ | تَحْرِيمِها والذَّنْبُ للقُدَماءِ |
قَرِبُوا الصَّلاة َ وهُم سُكارى بعدَما | نَزَلَ الكِتابُ بحِكْمَة ٍ وجَلاءِ |
يا زَوْجَة َ ابِن المُزْنِ يا أُخْتَ الهَنا | يا ضَرّة َ الأحزانِ في الأحشاءِ |
يا طِبَّجالِينُوسَ في أَنْواعِه | مالي أراكِ كثيرة َ الأعداءِ |
عَصَرُوكِ مِنْ خَدَّيْ سُهَيْلٍ خُلْسَة ً | ثم اختَبَأتِ بمُهجَة ِ الظَّلماءِ |
فلَبِثتِ فيها قبلَ نُوحٍ حِقبَة ً | وتَداوَلَتْكِ أنامِلُ الآناءِ |
حتَّى أَتاحَ اللهُ أنْ تَتَجَمّلي | بيَدِ الكريمِ وراحَة ِ الأُدباءِ |
يا صاحبي كيفَ النُّزُوعُ عن الطِّلا | ولقد بُلِيتُ مِن الهُموِم بِداءِ |
واللَّيْلُ أَرْشَدَهُ أَبُوهُ لِشَقْوَتِي | وكذا البَنُونَ على هَوَى الآباءِ |
ألَّفتُ بين ابنِ السَّحابِ وبينَها | فرأيتُ صَحّة َ ما حَكاهُ الطّائي |
صَعُبَتْ وراضَ المَزْجُ سيءَ خُلْقِها | فتَعَلَّمَتْ مِنْ حُسْنِ خُلْقِ الماءِ |