بِقَومي جَمِعاً لا أُحاشي وَلا أَكني | أَبو جَعفَرٍ بَحرُ العُلا وَحَيا المُزنِ |
فَتى العَرَبِ المَدعُوُّ في السِلمِ لِلنَدى | وَفارِسُها المَدعُوُّ في الحَربِ لِلطَعنِ |
سَحابٌ إِذا أَعطى حَريقٌ إِذا سَطا | لَهُ عِزَّةُ الهِندِيِّ في هِزَّةِ الغُصنِ |
لَجَأنا إِلى مَعروفِهِ فَكَأَنَّنا | لِمَنعَتِنا فيهِ لَجَأنا إِلى حِصنِ |
أَطاعَ العُلا في كُلِّ حُكمٍ أَتَت بِهِ | فَأَقصى الَّذي تُقصي وَأَدنى الَّذي تُدني |
لِشَهرِ رَبيعٍ نِعمَةٌ ما يَفي بِها | ثَناءٌ وَلَو قُمنا بِأَضعافِها نُثني |
أَمِنّا صُروفَ الدَهرِ مِن بَعدِ خَوفِها | لَدَيهِ وَبَعدَ الخَوفِ يُؤنَسُ بِالأَمنِ |
تَرَدَّدَتِ الأَيّامَ فيهِ وَأَقبَلَت | قِباحُ اللَيالي وَهيَ بادِيَةُ الحُسنِ |
غَداةَ غَدا مِن سِجنِهِ البَحرُ مُطلَقاً | وَما خِلتُ أَنَّ البَحرَ يُحظَرُ في سِجنِ |
وَلَيسَت لَهُ إِلّا السَماحَ جِنايَةٌ | إِذا أُخِذَ الجاني بِبَعضِ الَّذي يَجني |
تَقَلقَلُ مِنهُ في الحَديدِ عَزيمَةٌ | يَكِلُّ الحَديدُ عَن جَوانِبِها الخُشنِ |
حُزونَةُ أَيّامٍ مَرَرنَ بِهَضبَةٍ | فَأَقلَعنَ مِثلَ المارِنِ اللَيِّنِ اللَدنِ |
فَما فَلَّ رَيبُ الدَهرِ مِن ذَلِكَ الشَبا | وَلا زَعزَعَ المَكروهُ مِن ذَلِكَ الرُكنِ |
وَلَمّا بَدا صُبحُ اليَقينِ وَكُشِّفَت | بِهِ ظُلمَةُ الطَخياءِ عَن شُبهَةِ الظَنِّ |
تَجَلّى لَنا مِن سِجنِهِ وَهوَ خارِجٌ | خُروجَ شُعاعِ الشَمسِ مِن جانِبِ الدَجنِ |
يَفيضُ كَما فاضَ الغَمامُ تَتابَعَت | شَآبيبُهُ بِالهَطلِ مِنهُ وَبِالهَتنِ |
مُحَمَّدُ عِش لِلمَكرُماتِ الَّتي اِصطَفَت | يَداكَ وَلِلمَجدِ الرَفيعِ الَّذي تَبني |
فَكَم مِن يَدٍ بَيضاءَ مِنكَ بِلا يَدٍ | وَمِن مِنَّةٍ زَهراءَ مِنكَ بِلا مَنِّ |