أناةً أيُّها الفَلَكُ المُدارُ | أنَهبٌ ما تَطَرَّفُ أم جُبارُ |
سَتَفنى مِثلَ ما تُفني وَتَبلى | كَما تُبلي فَيُدرَكُ مِنكَ ثارُ |
تُنابُ النائِباتُ إِذا تَناهَت | وَيَدمُرُ في تَصَرُّفِهِ الدَمارُ |
وَما أَهلُ المَنازِلِ غَيرُ رَكبٍ | مَطاياهُم رَواحٌ وَاِبتِكارُ |
لَنا في الدَهرِ آمالٌ طِوالٌ | نُرَجّيها وَأَعمارٌ قِصارُ |
وَأَهوِن بِالخُطوبِ عَلى خَليعٍ | إِلى اللَذاتِ لَيسَ لَهُ عِذارُ |
فَآخِرُ يَومِهِ سُكرٌ تَجَلّى | غَوايَتُهُ وَأَوَّلُهُ خُمارُ |
وَيَومٍ بِالمَطيرَةِ أَمطَرَتنا | سَماءٌ صَوبُ وابِلِها العُقارُ |
نَزَلنا مَنزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهبٍ | وَقَد دَرَسَت مَغانِهِ القِفارُ |
تَلَقَّينا الشِتاءَ بِهِ وَزُرنا | بَناتَ اللَهوِ إِذ قَرُبَ المَزارُ |
أَقَمنا أَكلُنا أَكلُ اِستِلابٍ | هُناكَ وَشُربُنا شُربٌ بِدارُ |
تَنازَعنا المُدامَةَ وَهيَ صِرفٌ | وَأَعجَلنا الطَبائِخَ وَهيَ نارُ |
وَلَم يَكُ ذاكَ سُخفاً غَيرَ أَنّي | رَأَيتُ الشَربَ سُخفُهُمُ الوَقارُ |
رَضينا مِن مُخارِقَ وَاِبنِ خَيرٍ | بِصَوتِ الأَثلِ إِذ مَتَعَ النَهارُ |
تُزَعزِعُهُ الشَمالُ وَقَد تَوافى | عَلى أَنفاسِها قَطرٌ صِغارُ |
غَداةَ دُجُنَّةٍ لِلغَيثِ فيها | خِلالَ الرَوضِ حَجٌّ وَاِعتِمارُ |
كَأَنَّ الريحَ وَالمَطَرَ المُناجي | خَواطِرَها عِتابٌ وَاِعتِذارُ |
كَأَنَّ مُدارَ دِجلَةَ إِذ تَوافَت | بِأَجمَعِها هِلالٌ أَو سِوارُ |
أَما وَأَبي بَني حارِ بنِ كَعبٍ | لَقَد طَرَدَ الزَمانُ بِهِم فَساروا |
أَصابَ الدَهرُ دَولَةَ آلِ وَهبٍ | وَنالَ اللَيلُ مِنهُم وَالنَهارُ |
أَعارَهُمُ رِداءَ العِزِّ حَتّى | تَقاضاهُم فَرَدّوا ما اِستَعاروا |
وَما كانوا فَأَوجُهُهُم بُدورٌ | لِمُختَبِطٍ وَأَيدِهِم بِحارُ |
وَإِنَّ عَوائِدَ الأَيّامِ فيها | لِما هاضَت بَوادِؤُها اِنجِبارُ |