قَد نَغَّصَ المَوتُ عَلَيَّ الحَياة | إِذ لا أَرى مِنهُ لِحَيٍّ نَجاة |
مَن جاوَرَ المَوتى فَقَد أَبعَدَ ال | دارَ وَ قَد جاوَرَ قَوماً جُفاة |
ما أَبيَنَ الأَمرَ وَلَكِنَّني | أَرى جَميعَ الناسِ عَنهُ عُماة |
لَو عَلِمَ الأَحياءُ ما عايَنَ ال | مَوتى إِذاً لَم يَستَلِذّوا الحَياة |
أبو العتاهية
قصائد أبو العتاهيه وهو إسماعيل بن القاسم بن سُويد العنزي أبو العتاهية كنية غلبت عليه لما عرف به في شبابه من مجون وهو من شعراء العصر العباسي.
إن كان يعجبك السكوت فإنه
إِن كانَ يُعجِبُكَ السُكوتُ فَإِنَّهُ | قَد كانَ يُعجِبُ قَبلَكَ الأَخيارا |
وَلَئِن نَدِمتَ عَلى سُكوتِكَ مَرَّةً | فَلَقَد نَدِمتَ عَلى الكَلامِ مِرارا |
إِنَّ السُكوتَ سَلامَةٌ وَلَرُبَّما | زَرَعَ الكَلامُ عَداوَةً وَضِرارا |
وَإِذا تَقَرَّبَ خاسِرٌ مِن خاسِرٍ | زادا بِذاكَ خَسارَةً وَتَبارا |
يضطرب الخوف والرجاء إذا
يَضطَرِبُ الخَوفُ وَالرَجاءُ إِذا | حَرَّكَ موسى القَضيبَ أَو فَكَّر |
ما أَبَينَ الفَضلَ في مُغَيَّبِ ما | أَورَدَ مِن رَأيِهِ وَما أَصدَر |
فَكَم تَرى عَزَّ عِندَ ذَلِكَ مِن | مَعشَرِ قَومٍ وَذَلَّ مِن مَعشَر |
يُثمِرُ مِن مَسِّهِ القَضيبُ وَلَو | يَمَسُّهُ غَيرُهُ لَما أَثمَر |
مَن مِثلُ موسى وَمِثلُ والِدِهِ الـ | مَهدِيِّ أَو جَدِّهِ أَبي جَعفَر |
ليس للإنسان إلا ما رزق
لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما رُزِق | أَستَعينُ اللَهَ بِاللَهِ أَثِق |
عَلِقَ الهَمُّ بِقَلبي كُلُّهُ | وَإِذا ما عَلِقَ الهَمُّ عَلِق |
بِأَبي مَن كانَ لي مِن قَلبِهِ | مَرَّةً وُدٌّ قَليلٌ فَسُرِق |
يا بَني الإِسلامِ فيكُم مَلِكٌ | جامِعُ الإِسلامِ عَنهُ يَفتَرِق |
لَنَدى هارونَ فيكُم وَلَهُ | فيكُمُ صَوبٌ هَطولٌ وَوَرِق |
لَم يَزَل هارونُ خَيراً كُلُّهُ | قُتِلَ الشَرُّ بِهِ يَومَ خُلِق |
يا عتب ما شاني وما شانك
يا عُتبَ ما شاني وَما شانِك | تَرَفَّقي أُختي بِسُلطانِك |
لَما تَبَدَّيتِ عَلى بَغلَةٍ | أَشرَقَتِ الأَرضُ لِبُرهانِك |
حَتّى كَأَنَّ الشَمسَ مَخفوفَةٌ | بَينَ جَواريكِ وَخِصيانِك |
يا عُتبُ ما شاني وَماشانِك | تَرَفَّقي سِتّي بِسُلطانِك |
أَخَذتِ قَلبي هَكَذا عَنوَةً | ثُمَّ شَدَدتيهِ بِأَشطانِك |
اللَهَ في قَتلِ فَتىً مُسلِمٍ | ما نَقَضَ العَهدَ وَما خانِك |
حَرَمتِني مِنكِ دُنوٌّ فَيا | وَيلِيَ ما لي وَلِحِرمانِك |
يا جَنَّةَ الفِردَوسِ جودي فَقَد | طابَت ثَناياكِ وَأَردانِك |
وَاللَهِ لَولا أَن أَخافَ الرَدى | لَقُلتُ لَبَّيكِ وَسُبحانِك |
إمام الهدى أصبحت بالدين معنيا
إِمامَ الهُدى أَصبَحتَ بِالدينِ مَعنِيا | وَأَصبَحتَ تَسقي كُلَّ مُستَمطِرٍ رِيّا |
لَكَ اسمانِ شُقّا مِن رَشادٍ وَمِن هُداً | فَأَنتَ الَّذي تُدعى رَشيداً وَمُهدِيّا |
إِذا ما سَخِطتَ الشَيءَ كانَ مُسَخَّطاً | وَإِن تَرضَ شَيئاً كانَ في الناسِ مَرضِيّا |
بَسَطتَ لَنا شَرقاً وَغَرباً يَدَ العُلا | فَأَوسَعتَ شَرقِيّاً وَأَوسَعتَ غَربِيّا |
وَوَشَّيتَ وَجهَ الأَرضِ بِالجودِ وَالنَدى | فَأَصبَحَ وَجهُ الأَرضِ بِالجودِ مَوشِيّا |
وَأَنتَ أَميرَ المُؤمِنينَ فَتى التُقى | نَشَرتَ مِنَ الإِحسانِ ما كانَ مَطوِيّا |
قَضى اللَهُ أَن يَبقى لِهارونَ مُلكُهُ | وَكانَ قَضاءُ اللَهِ في الخَلقِ مَقضِيّا |
تَحَلَّبَتِ لدُنيا لِهارونَ بِالرِضا | وَأَصبَحَ نَقفورٌ لِهارونَ ذِمِّيّا |