يسلم المرء أخوه

يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُلِلمَنايا وَأَبوهُ
وَأَبو الأَبناءِ لا يَبقى وَلا يَبقى بَنوهُ
رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍغابَ عَنهُم فَنَسوهُ
وَإِذا أَفنى سِنيهِ المَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ
وَكَأَن بِالمَرءِ قَد يَبكي عَلَيهِ أَقرَبوهُ
وَكَأَنَّ القَومَ قَد قاموا فَقالوا أَدرِكوهُ
سائِلوهُ كَلِّموهُحَرِّكوهُ لَقِّنوهُ
فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ القَومُ قالوا حَرِّفوهُ
حَرِّفوهُ وَجِّهوهُمَدِّدوهُ غَمِّضوهُ
عَجِّلوهُ لِرَحيلٍعَجِّلوا لا تَحبِسوهُ
اِرفَعوهُ غَسِّلوهُكَفِّنوهُ حَنِّطوهُ
فَإِذا ما لُفَّ في الأَكفانِ قالوا فَاحمِلوهُ
أَخرِجوهُ فَوقَ أَعوادِ المَنايا شَيِّعوهُ
فَإِذا صَلّوا عَلَيهِقيلَ هاتوا وَاقبِروهُ
فَإِذا ما اِستَودَعوهُ الأَرضَ رَهناً تَرَكوهُ
خَلَّفوهُ تَحتَ رَدمٍأَوقَروهُ أَثقَلوهُ
أَبعَدوهُ أَسحَقوهُأَوحَدوهُ أَفرَدوهُ
وَدَّعوهُ فارَقوهُأَسلَموهُ خَلَّفوهُ
وَاِنثَنَوا عَنهُ وَخَلَّوهُ كَأَن لَم يَعرِفوهُ
وَكَأَنَّ القَومَ فيماكانَ فيهِ لَم يَلوهُ
اِبتَنى الناسُ مِنَ البُنيانِ ما لَم يَسكُنوهُ
جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَموالِ ما لَم يَأكُلوهُ
طَلَبَ الناسُ مِنَ الآمالِ ما لَم يُدرِكوهُ
كُلُّ مَن لَم يَجعَلِ الناسَ إِماماً تَرَكوهُ
ظَعَنَ المَوتى إِلى ماقَدَّموهُ وَجَدوهُ
طابَ عَيشُ القَومِ ما كانَ إِذا القَومُ رَضوهُ
عِش بِما شِئتَ فَمَن تَسرُرهُ دُنياهُ تَسوهُ
وَإِذا لَم يُكرِمِ الناسَ امرُؤٌ لَم يُكرِموهُ
كُلُّ مَن لَم يَحتَجِ الناسُ إِلَيهِ صَغَّروهُ
وَإِلى مَن رَغِبَ الناسُ إِلَيهِ أَكبَروهُ
مَن تَصَدّى لِأَخيهِبِالغِنى فَهوَ أَخوهُ
فَهوَ إِن يَنظُر إِلَيهِيَرءَ مِنهُ ما يَسوهُ
يُكرَمُ المَرءُ وَإِن أَملَقَ أَقصاهُ بَنوهُ
لَو رَأى الناسُ نَبِيّاًسائِلاً ما وَصَلوهُ
وَهُمُ لَو طَمِعوا فيزادِ كَلبٍ أَكَلوهُ
لا تَراني آخِرَ الدَهرِ بِتَسآلٍ أَفوهُ
إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَحمَنِ يَكثُر حارِموهُ
وَالَّذي قامَ بِأَرزاقِ الوَرى طُرّاً سَلوهُ
وَعَنِ الناسِ بِفَضلِ اللَهِ فَاغنوا وَاحمِدوهُ
تَلبَسوا أَثوابَ عِزٍّفَاِسمَعوا قَولي وَعوهُ
إِنَّما يُعرَفُ بِالفَضلِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ
أَفضَلُ المَعروفِ ما لَمتُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ
أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صاحِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ
فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِساعَةً مَجَّكَ فوهُ
أبو العتاهية