أنا لائمي إنْ كنتُ وقتَ اللّوائِمِ |
عَلِمتُ بما بي بَينَ تلكَ المَعالِمِ |
ولَكِنّني مِمّا شُدِهْتُ مُتَيَّمٌ |
كَسالٍ وقَلبي بائحٌ مثلُ كاتِمِ |
وقَفْنا كأنّا كُلُّ وَجْدِ قُلُوبِنَا |
تَمَكّنَ مِن أذْوادنا في القَوائِمِ |
ودُسْنا بأخْفافِ المَطي تُرابَهَا |
فَما زِلْتُ أستَشفي بلَثْمِ المَناسِمِ |
دِيارُ اللّواتي دارُهُنّ عَزيزَةٌ |
بِطُولَى القَنا يُحفَظنَ لا بالتّمائِمِ |
حِسانُ التّثَنَّي يَنقُشُ الوَشْيُ مثلَهُ |
إذا مِسْنَ في أجسامِهِنّ النّواعِمِ |
ويَبسِمْنَ عَن دُرٍّ تَقَلَّدْنَ مثلَهُ |
كأنّ التّراقي وُشّحَتْ بالمَباسِمِ |
فما لي وللدّنْيا! طِلابي نُجومُها |
ومَسعايَ منها في شُدوقِ الأراقِمِ |
من الحِلمِ أنْ تَستَعمِلَ الجهلَ دونَه |
إذا اتّسعتْ في الحِلمِ طُرْقُ المظالِمِ |
وأنْ تَرِدَ الماءَ الذي شَطْرُهُ دَمٌ |
فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ |
ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ مَعرِفتي بها |
وبالنّاسِ رَوّى رُمحَهُ غيرَ راحِمِ |
فَلَيسَ بمَرْحُومٍ إذا ظَفِروا بهِ |
ولا في الرّدى الجاري عَلَيهم بآثِمِ |
إذا صُلْتُ لم أترُكْ مَصالاً لفاتِكٍ |
وإنْ قُلتُ لم أترُكْ مَقالاً لعالِمِ |
وإلاّ فخانَتْني القَوافي وعاقَني |
عنِ ابنِ عُبيدِالله ضُعْفُ العَزائِمِ |
عَنِ المُقْتَني بَذْلَ التِّلادِ تِلادَهُ |
ومُجْتَنِبِ البُخلِ اجتِنابَ المَحارِمِ |
تَمَنّى أعاديهِ مَحَلَّ عُفاتِهِ |
وتَحْسُدُ كَفّيْهِ ثِقالُ الغَمائِمِ |
ولا يَتَلَقّى الحرْبَ إلاّ بمُهْجَةٍ |
مُعَظَّمَةٍ مَذْخُورَةٍ للعَظائِمِ |
وذي لجَبٍ لا ذو الجَناحِ أمَامَهُ |
بنَاجٍ ولا الوَحشُ المُثارُ بسالِمِ |
تَمُرّ عَلَيْهِ الشّمسُ وهْيَ ضَعيفَةٌ |
تُطالِعُهُ من بَينِ رِيش القَشاعِمِ |
إذا ضَوْؤُها لاقَى منَ الطّيرِ فُرْجَةً |
تَدَوّرَ فَوْقَ البَيضِ مثلَ الدراهِمِ |
ويَخْفى عَلَيكَ الرّعدُ والبرْقُ فوْقَهُ |
منَ اللّمعِ في حافاتِهِ والهَماهِمِ |
أرَى دونَ ما بَينَ الفُراتِ وبَرْقَةٍ |
ضِراباً يُمِشّي الخَيلَ فوْقَ الجماجمِ |
وطَعنَ غَطارِيفٍ كأنّ أكُفّهُمْ |
عَرَفنَ الرُّدَيْنِيّاتِ قبلَ المَعاصِمِ |
حَمَتْهُ على الأعداءِ من كلّ جانبٍ |
سُيوفُ بني طُغجَ بن جُفّ القَماقِمِ |
هُمُ المُحسنونَ الكرَّ في حومةِ الوَغى |
وأحْسَنُ منهُ كَرُّهُمْ في المَكارِمِ |
وهم يحسنُونَ العَفْوَ عن كلّ مُذنبٍ |
ويحتَمِلونَ الغُرْمَ عن كلّ غارِمِ |
حَيِيّونَ إلاّ أنّهُمْ في نِزالِهِمْ |
أقَلُّ حَيَاءً مِنْ شِفارِ الصّوارِمِ |
ولَوْلا احتِقارُ الأُسدِ شَبّهتُهمْ بها |
ولكِنّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ |
سرَى النّوْمُ عني في سُرايَ إلى الذي |
صَنائِعُهُ تَسرِي إلى كلّ نائِمِ |
إلى مُطلِقِ الأسرَى ومُختَرِمِ العِدى |
ومُشكي ذوي الشّكوَى ورَغمِ المُراغمِ |
كريمٌ لَفَظتُ النّاسَ لمّا بَلَغْتُهُ |
كأنّهُمُ ما جَفّ مِنْ زادِ قادِمِ |
وكادَ سروري لا يَفي بنَدامَتي |
على تَرْكِهِ في عُمْرِيَ المُتَقَادِمِ |
وفارَقْتُ شرّ الأرْضِ أهْلاً وتُرْبَةً |
بها عَلَوِيٌّ جَدُّهُ غيرُ هاشِمِ |
بَلا الله حُسّادَ الأميرِ بحِلْمِهِ |
وأجْلَسَهُ مِنهُمْ مكانَ العَمائِمِ |
فإنّ لهمْ في سُرْعَةِ المَوْتِ راحَةً |
وإنّ لهُمْ في العَيشِ حَزَّ الغَلاصِمِ |
كأنّكَ ما جاوَدْتَ مَن بانَ جودُهُ |
عَلَيكَ ولا قاوَمْتَ مَنْ لم تُقاوِمِ |