آخِرُ مَا المَلْكُ مُعَزّىً بِهِ |
هذا الذي أثّرَ في قَلْبِهِ |
لا جَزَعاً بَلْ أنَفاً شابَهُ |
أنْ يَقْدِرَ الدّهْرُ على غَصْبِهِ |
لَوْ دَرَتِ الدّنْيَا بمَا عِنْدَهُ |
لاستَحيَتِ الأيّامُ من عَتبِهِ |
لَعَلّهَا تَحْسَبُ أنّ الذي |
لَيسَ لَدَيهِ لَيسَ من حِزْبِهِ |
وَأنّ مَنْ بَغدادُ دارٌ لَهُ |
لَيسَ مُقيماً في ذَرَا عَضْبِهِ |
وَأنّ جَدّ المَرْءِ أوْطانُهُ |
مَن لَيسَ منها لَيسَ من صُلبِهِ |
أخَافُ أنْ تَفْطَنَ أعْداؤهُ |
فيُجْفِلُوا خَوْفاً إلى قُرْبِهِ |
لا بُدّ للإنْسانِ من ضَجعَةٍ |
لا تَقْلِبُ المُضْجَعَ عن جَنبِهِ |
يَنسى بها ما كانَ مِن عُجْبِهِ |
وَمَا أذاقَ المَوْتُ من كَرْبِهِ |
نحنُ بَنُو المَوْتَى فَمَا بالُنَا |
نَعَافُ مَا لا بُدّ من شُرْبِهِ |
تَبْخَلُ أيْدينَا بِأرْوَاحِنَا |
على زَمَانٍ هيَ من كَسْبِهِ |
فَهَذِهِ الأرْوَاحُ منْ جَوّهِ |
وَهَذِهِ الأجْسامُ مِنْ تُرْبِهِ |
لَوْ فكّرَ العاشِقُ في مُنْتَهَى |
حُسنِ الذي يَسبيهِ لم يَسْبِهِ |
لم يُرَ قَرْنُ الشّمسِ في شَرْقِهِ |
فشَكّتِ الأنْفُسُ في غَرْبِهِ |
يَمُوتُ رَاعي الضّأنِ في جَهْلِهِ |
مِيتَةَ جَالِينُوسَ في طِبّهِ |
وَرُبّمَا زَادَ على عُمْرِهِ |
وَزَادَ في الأمنِ على سِرْبِهِ |
وَغَايَةُ المُفْرِطِ في سِلْمِهِ |
كَغَايَةِ المُفْرِطِ في حَرْبِهِ |
فَلا قَضَى حاجَتَهُ طالِبٌ |
فُؤادُهُ يَخفِقُ مِنْ رُعْبِهِ |
أستَغْفِرُ الله لشَخْصٍ مضَى |
كانَ نَداهُ مُنْتَهَى ذَنْبِهِ |
وَكانَ مَنْ عَدّدَ إحْسَانَهُ |
كأنّمَا أفْرَطَ في سَبّهِ |
يُرِيدُ مِنْ حُبّ العُلَى عَيْشَهُ |
وَلا يُريدُ العَيشَ من حُبّهِ |
يَحْسَبُهُ دافِنُهُ وَحْدَهُ |
وَمَجدُهُ في القبرِ مِنْ صَحْبِهِ |
وَيُظْهَرُ التّذكيرُ في ذِكْرِهِ |
وَيُسْتَرُ التأنيثُ في حُجْبِهِ |
أُخْتُ أبي خَيرِ أمِيرٍ دَعَا |
فَقَالَ جَيشٌ للقَنَا: لَبّهِ |
يا عَضُدَ الدّوْلَةِ مَنْ رُكْنُها |
أبُوهُ وَالقَلْبُ أبُو لُبّهِ |
وَمَنْ بَنُوهُ زَينُ آبَائِهِ |
كأنّهَا النّوْرُ عَلى قُضْبِهِ |
فَخْراً لدَهْرٍ أنْتَ مِنْ أهْلِهِ |
وَمُنْجِبٍ أصْبَحتَ منْ عَقْبِهِ |
إنّ الأسَى القِرْنُ فَلا تُحْيِهِ |
وَسَيْفُكَ الصّبرُ فَلا تُنْبِهِ |
ما كانَ عندي أنّ بَدْرَ الدّجَى |
يُوحِشُهُ المَفْقُودُ من شُهْبِهِ |
حاشاكَ أن تَضْعُفَ عن حَملِ ما |
تَحَمّلَ السّائِرُ في كُتْبِهِ |
وَقَدْ حَمَلْتَ الثّقلَ من قَبْلِهِ |
فأغنَتِ الشّدّةُ عَنْ سَحْبِهِ |
يَدْخُلُ صَبرُ المَرْءِ في مَدْحِهِ |
وَيَدْخُلُ الإشْفَاقُ في ثَلْبِهِ |
مِثْلُكَ يَثْني الحُزْنَ عن صَوْبِهِ |
وَيَستَرِدّ الدّمعَ عن غَرْبِهِ |
إيمَا لإبْقَاءٍ عَلى فَضْلِهِ؛ |
إيمَا لتَسْليمٍ إلى رَبّهِ |
وَلم أقُلْ مِثْلُكَ أعْني بِهِ |
سِواكَ يا فَرْداً بِلا مُشْبِهِ |