أرى شجراً في السماء احتجبْ |
وشقّ العَنانَ بمَرْأَى عَجبْ |
مآذنُ قامت هنا أو هناكَ |
ظواهرها درجٌ من شذب |
وليس يؤذِّنُ فيها الرجالُ |
ولكن تصبح عليها الغرب |
وباسقة ٍ من بناتِ الرمالِ |
نَمتْ ورَبتْ في ظلالِ الكُثُب |
كسارية ِ الفُلْكِ، أَو كالمِسـلَّة ِ |
أَو كالفَنارِ وراءَ العَبَب |
تطولُ وتقصرُ خلفَ الكثيبِ |
إذا الريحُ جاءَ به أَو ذهب |
تُخالُ إذا اتَّقدَتْ في الضُّحَى |
وجرَّ الأصيلُ عليها اللهب |
وطافَ عليها شعاع النهارِ |
من الصحوِ، أو منْ حواشي السحب |
وصيفة َ فرعونَ في ساحة ٍ |
من القصر واقفة ً ترتقب |
قد اعتصبتْ بفصوص العقيقِ |
مُفصَّلة ً بِشُذورِ الذهب |
وناطتْ قلائدَ مَرْجانِها |
على الصدر، واتَّشَحَتْ بالقَصَب |
وشَدَّتْ على ساقِها مِئْزَراً |
تعقَّدَ من رأسها للذنب |
أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ |
أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب |
طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيِّ |
وزادُ المسافِر والمُغْتَرِب |
فيا نخلة َ الرملِ، لم تبخلي |
ولا قصَّرتْ نخلاتُ الترب |
وأعجبُ: كيف طوى ذكركنَّ |
ولم يحتفلْ شعراءُ العرب |
أليس حراماً خلوُّ القصائدِ |
من وصفكنّ، وعطلُ الكتب |
وأنتنّ في الهاجراتِ الظِّلالُ |
كأَنّ أَعالِيَكُنَّ العَبَب |
وأنتنّ في البيد شاة ُ المعيلِ |
جناها بجانبِ أخرى حلبَ |
وأنتنّ في عرصاتِ القصورِ |
حسانُ الدُّمى الزائناتُ الرّحب |
جناكنّ كالكرمِ شتى المذاقِ |
وكالشَّهدِ في كل لون يُحَبّ |