الحلم الأبدي
-المقدمة-
في البداية أحب أن أنوه أن هذه القصة من خيال الكاتب ولا تمت للواقع بصلة, وكل مافيها من أحداث مجرد خيال وأفكار غير حقيقية.
-البداية-
يشتاق الإنسان لكل من يفقده وهذه فطرة طبيعية لأن الإنسان له مشاعر وأحاسيس وعاطفة.
بحثت وتعمقت بالبحث حتى توصلت لطريقة تصلني بشخص أحبه كثيراً وقد توفي منذ أكثر من عشرين عام, فوجدت نفسي في لحظات أجلس في المقعد الخلفي لسيارة بونتياك مصنوعة في الثمانينات الميلادية ووجدتها جديدة, يجلس بجواري الحبيب الفقيد, لكم أن تتصوروا مشاعري حينها لقد أجهشت بالبكاء وهو يناظرني بابتسامة واستغراب, رأيته في سن الشباب رغم أنه توفي وهو في الستينات من عمره, كان بكامل زينته يلبس ثوبه وغترته.
كان يقود السيارة فقيد آخر لاتقل معزته عن الفقيد الأول, قاد بنا حتى وصلنا لشارع قابل في جدة, وتوقف بنا عند عمارة الملكة, وكانت الشوارع والمحلات تدل على أننا في فترة الثمانينات الميلادية, حيث كانت تنتشر محلات الساعات السويسرية والكاميرات في تلك المنطقة, توقفت السيارة فانتقلت للمقعد الأمامي ونظرت بغرابة لذلك الحبيب الفقيد واخرجت من جيبي هاتفي الأيفون وقلت له (اقترب مني لألتقط سيلفي معك) نظر إلي نظرة ريبة لأنه لم يفهم ماقلت! فقلت له أريد أن أخذ صورة معك لن يصدق الناس أني قد تصورت معك وأنا وأنت بهذا السن, تجاهلني وعاد بالسيارة للخلف وتوقف عند معرض للأقلام الفاخرة وشاهدت علامة باركر المعروفة.
كنت أشاهد رجالا يمشون في الشارع وكلهم في سن الشباب وكلهم يلبسون الثياب بطريقة متشابهة, فعلمت أني في العالم الموازي وكل هؤلاء أموات يعيشون في نفس المدينة ولكن في عالم موازي يختلف عن عالمنا, الغريب أني لم أشاهد أي نساء في الشوارع ولم أشاهد أطفال ولم أرى كبار السن, كانوا كلهم رجال في سن الشباب وتحديدا في العشرينات من العمر.
عدت لأتحدث مع ذلك الفقيد الحبيب في المقعد الخلفي وسألته هل تذكر فلان, وهو أحد الأقارب من الدرجة الثانية, فكر قليلا وقال لا أذكر هذا الإسم! عرفت حينها أن الأشخاص في العالم الموازي لايتذكرون سوى أقاربهم من الدرجة الأولى فقط, وكانوا سعيدين ولم يبك منهم أحد عند رؤيتي, فأخبرتهم أننا نتألم لفراقهم ونبكي كثيرا عند تذكرهم, وقلت لهم أني فعلت المستحيل للوصول لكم وتحقيق حلمي بالجلوس والتحدث معكم, فنظروا لي نظرة عطف وشفقة وربما لم يصدقوني!
عندما انتهيت من الحديث مع الأحباب الغائبين, حاولت أن أتذكر طريقتي التي أوصلتني لهم لكي أعود مجددا لعالمي الطبيعي مع أبنائي وزوجتي, فلم أستطع تذكرها, ضللت أحاول وأصابني الرعب, فأمسك بيدي ذلك الحبيب وقال لي: لا تقلق ولاتخف أنت منا الأن, فأدركت أني قد توفيت وانتقلت لعالمهم وأن ما أشاهده الان هو الواقع الجديد لحياتي وعليّ انتظار وفاة الأحباب لأستقبلهم, تسائلت في قرارة نفسي هل كنت رجلا صالحا في دنياي لكي أعيش في هذا العالم بسعادة؟ وهل سيسمح لي أن ألتقي من أحب مجدداً؟ تكاثرت الأسئلة حتى أصابني صداع شديد وزادت نبضات قلبي حتى استيقضت من النوم الساعة الثالثة فجرا لأكتشف أن كل ذلك كان حلماً استثنائيا أيقظ في داخلي الكثير من الأمور التي كنت غافلا عنها, كان درسا وليس حلما عادياً.
-النهاية-
كان هذا الحلم القاسي درسا لي بأن لا أكثر من وجبة العشاء قبل النوم وأن لا أشاهد أفلام الرعب والتشويق كثيراً, فقد كان لها تأثيرا كبيرا على أحلامي الغريبة.
كتبها: محمد باريان في ١-٩-٢٠٢١م