مَنْ لَمْ يَرَ المعرضَ في اتِّساعِ | وفاتَهُ ما فيِهِ مِنْ إبداعِ |
فمَعرِضُ القَومِ بلا نِزاعِ | في نَفْثَة ٍ مِنْ ذلكَ اليَرَاعِ |
حافظ إبراهيم
محمد حافظ ابراهيم ولقبه شاعر النيل هو شاعر مصري كبير ولد في اسيوط وتوفي في القاهرة, وايضا يلقب بشاعر الشعب.
تَناءَيْتُ عنكمْ فحُلَّتْ عُرَا
تَناءَيْتُ عنكمْ فحُلَّتْ عُرَا | وضاعتْ عُهودٌ علَى ما أَرَى |
وأصبحَ حَبلُ اتِّصالي بكم | كخيطِ الغزالة ِ بعدَ النَّوَى |
لي كِساءٌ أنعِمْ به من كِساءِ
لي كِساءٌ أنعِمْ به من كِساءِ | أنا فيه أتيهُ مثلَ الكِسائي |
حاكَهُ العِزُّ من خُيوطِ المَعالي | وسَقاهُ النَّعيمُ ماءَ الصَّفاءِ |
وتَبَدّي في صِبْغَة ٍ مِنْ أَدِيم | اللَّيْلِ مَصْقولَة ٍ بحُسْنِ الطِّلاءِ |
خاطَهُ رَبُّه بإبرة ِ يُمنٍ | أوجَرُوا سَمَّها خُيوطَ الهَناءِ |
فكأنِّي- وقد أحاطَ بجِسمي- | في لِباسٍ من العُلا والبَهاءِ |
تُكْبِرُ العَيْنُ رُؤيتَي وتَرانِي | في صُفوفِ الوُلاة ِ والأمَراءِ |
ألِفَ الناسُ- حيث كنتُ- مَكاني | أُلفَة َ المُعدِمينَ شَمسَ الشِّتاء |
يا رِدائِي وأنتَ خَيْرُ رِداءٍ | أَرْتَجِيهِ لزِينة ٍ وازدِهاءِ |
لا أحالَتْ لكَ الحَوادِثُ لَوناً | وتعَدتك ناسِجاتَ الجِواءِ |
غَفَلَتْ عنكَ للبِلى نَظَراتٌ | وتَخَطَّتْكَ إبْرَة ُ الرَّفّاءِ |
صَحِبَتْنِي قَبلَ اصطِحابِكَ دَهْراً | بِدْلَة ٌ في تَلَوُّنِ الحِرْباءِ |
نَسَبُوها لطَيْلَسانِ ابنِ حَرْبٍ | نِسبَة ً لَم تَكُنْ بذاتِ افتراءِ |
كنتُ فيها إذا طَرَقتُ أُناساً | أنكَرُوني كطارق مِن وَباءِ |
كَسَفَ الدهرُ لَونَها واستعارَتْ | لَوْنَ وَجْهِ الكَذُوبِ عند اللِّقاءِ |
يا رِدائِي جَعَلْتَنِي عند قَوْمِي | فوقَ ما أَشْتَهِي وفوقَ الرَّجاءِ |
إنّ قومِي تَرُوقُهُمْ جِدَّة ُ الثَّوْ | بِ ولا يَعشَقُون غيرَ الرُّواءِ |
قيمة ُ المرءِ عندَهُم بين ثوبٍ | باهِرٍ لَوْنُه وبينَ حِذاءِ |
قَعَدَ الفَضْلُ بي وقُمْتَ بِعِزِّي | بين صَحبي، جُزيتَ خيرَ الجَزاءِ |
هذا الظَّلامُ أثارَ كامِنَ دائي
هذا الظَّلامُ أثارَ كامِنَ دائي | يا ساقِيَيَّ عَلَيَّ بالصَّهباءِ |
بالكاسِ أو بالطّاسِ أو بآثْنَيْهِما | أو بالدِّنانِ فإنّ فيه شِفائي |
مَشْمُولَة لولا التُّقَى لعَجِبْتُ مِنْ | تَحْرِيمِها والذَّنْبُ للقُدَماءِ |
قَرِبُوا الصَّلاة َ وهُم سُكارى بعدَما | نَزَلَ الكِتابُ بحِكْمَة ٍ وجَلاءِ |
يا زَوْجَة َ ابِن المُزْنِ يا أُخْتَ الهَنا | يا ضَرّة َ الأحزانِ في الأحشاءِ |
يا طِبَّجالِينُوسَ في أَنْواعِه | مالي أراكِ كثيرة َ الأعداءِ |
عَصَرُوكِ مِنْ خَدَّيْ سُهَيْلٍ خُلْسَة ً | ثم اختَبَأتِ بمُهجَة ِ الظَّلماءِ |
فلَبِثتِ فيها قبلَ نُوحٍ حِقبَة ً | وتَداوَلَتْكِ أنامِلُ الآناءِ |
حتَّى أَتاحَ اللهُ أنْ تَتَجَمّلي | بيَدِ الكريمِ وراحَة ِ الأُدباءِ |
يا صاحبي كيفَ النُّزُوعُ عن الطِّلا | ولقد بُلِيتُ مِن الهُموِم بِداءِ |
واللَّيْلُ أَرْشَدَهُ أَبُوهُ لِشَقْوَتِي | وكذا البَنُونَ على هَوَى الآباءِ |
ألَّفتُ بين ابنِ السَّحابِ وبينَها | فرأيتُ صَحّة َ ما حَكاهُ الطّائي |
صَعُبَتْ وراضَ المَزْجُ سيءَ خُلْقِها | فتَعَلَّمَتْ مِنْ حُسْنِ خُلْقِ الماءِ |
أوشَكَ الدِّيكُ أن يَصيحَ ونَفسي
أوشَكَ الدِّيكُ أن يَصيحَ ونَفسي | بين هَمٍّ وبين ظَنٍّ وحَدسِ |
يا غلامُ، المُدامَ والكاسَ، والطّا | سَ، وهَيِّءْ لَنا مَكاناً كأَمْسِ |
أطلِقْ الشمسَ من غَياهِبِ هذا الدَّ | نِّ وامَلأ من ذلك النُّورِ كأسي |
وأذنِ الصُّبْحَ أنْ يَلُوحَ لعَيْنِي | من سَناها فذاكَ وَقتُ التَّحَسِّي |
وادْعُ نَدمانَ خَلوتي وائتِناسي | وتَعَجَّلْ واسْبِلْ سُتُورَ الدِّمَقْسِ |
واسقِنا يا غُلامُ حتّى تَرانا | لا نُطِيقُ الكَلامَ إلاّ بهَمْسِ |
خَمرة ً قيلَ إنّهم عصَرُوها | من خُدودِ المِلاحِ في يَومِ عُرسِ |
مُذْ رآها فَتَى العَزِيزِ مَناماً | وهو في السِّجْنِ بَيْنَ هَمٍّ ويَأْسِ |
أعْقَبَتْهُ الخَلاصَ مِنْ بَعْدِ ضيقٍ | وحَبَتْهُ السُّعودَ من بَعدِ نَحسِ |
يا نَديمِي باللهِ قُل لِي لِماذا | هَذه الخَنْدَرِيسُ تُدْعَى برِجْسِ؟ |
هيَ نَفْسٌ زَكيَّة ٌ وأَبُوها | غَرسُه في الجِنانِ أكرَمُ غَرسِ |
هيَ نَفْسٌ تَعَلَّمَتْ حُسْنَ أخْلا | قِ المُولحِيِّ في صَفاءٍ وأُنسِ |
خَصّه اللهُ حيثُ يُصْبِحُ بالإقْـ | ـبالِ، والعِزِّ والعُلا، حيثُ يُمسي |
وفِتيانِ أُنسٍ أقسَمُوا أن يُبَدِّدُوا
وفِتيانِ أُنسٍ أقسَمُوا أن يُبَدِّدُوا | جُيوشَ الدُّجى مابينَ أنسٍ وأفراحِ |
فهَبُّوا إلى خَمّارَة ٍ قيلَ إنّها | قَعيدَة ُ خَمرٍ تَمزُجُ الرُّوحَ بالرّاحِ |
وقالوا لها : إنّا أتَيْنا على ظَماً | نُحاوِلُ وِردَ الرّاحِ رَغماً عن اللاّحي |
فقامت وفي أَجْفانِها كَسَلُ الكَرَى | وفي رِدْفِها واستَعْرَضَتْ جَيْشَ أقْداحِ |