حَيّاكُمُ اللهُ أَحْيُوا العِلْمَ والأَدَبا |
إنْ تَنْشُرُوا العِلْمَ يَنْشُرْ فيكُم العَرَبا |
ولا حَياة لكمْ إلاّ بجامِعَة ٍ |
تكونُ أمَّا لطُلاّبِ العُلاَ وأَبَا |
تَبْنِي الرِّجالَ وتَبنِي كلَّ شاهِقَة ٍ |
مِنَ المَعاِلي وتَبْنِي العِزَّ والغَلَبا |
ضَعُوا القُلُوبَ أَساساً لا أقولُ لكمْ |
ضَعُوا النُّضارَ فإنِّي أَصْغِرُ الذَّهَبا |
وابْنُوا بأَكْبَادِكُمْ سُوراً لها وَدَعُوا |
قيلَ العَدُوِّ فإنِّي أَعْرِفُ السَّببَا |
لا تَقْنَطُوا إنْ قَرَأتُمْ ما يُزَوِّقُه |
ذاكَ العَمِيدُ ويَرْمِيكُمْ به غَضَبا |
وراقِبُوا يومَ لا تُغني حَصائِدُه |
فكلُّ حَيٍّ سيُجْزَى بالّذي اكتَسَبا |
بَنَى على الإفْكِ أَبْرَاجاً مُشَيَّدَة ً |
فابْنُوا على الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُّهُبا |
وجاوِبُوه بفِعْلٍ لا يُقَوِّضُه |
قُوْلُ المُفَنِّدِ أنَّى قال أو خَطَبا |
لا تَهْجَعُوا إنّهمْ لَنْ يَهْجَعُوا أَبداً |
وطالِبُوهُمْ ولكنْ أجمِلُوا الطَّلَبا |
هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا |
وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا |
عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت |
فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا |
وَالحَربُ في لَهَبٍ وَالقَومُ في حَرَبٍ |
قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا |
وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ |
لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا |
هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذي بَخِلَت |
بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذي وَجَبا |
جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً |
وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا |
رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت |
وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذي ذَهَبا |
وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ |
تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا |
وَبَرثَرانِ الَّذي حاكَ الإِباءُ لَهُ |
ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا |
أَقامَ في الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ |
أَلَم يَئِن أَن تُفَدّي المَجدَ وَالحَسَبا |
قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم |
إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا |
خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً |
يَخورُ خازِنُكُم في عَدِّها تَعَبا |
قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ |
حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا |
فَقالَ وَاللَهِ ما في الحَيِّ غازِلَةٌ |
مِنَ الحِسانِ تَرى في فِديَتي نَصَبا |
لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها |
لَآثَرَتني وَصَحَّت قوتَها رَغَبا |
هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقي فَلا تَقِفوا |
عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا |
وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ |
فيكُم وَفي مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا |
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ |
كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا |
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ |
نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا |
فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ |
يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ سَغَبا |
يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ |
لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا |
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ |
يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا |
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ |
مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا |
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً |
هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى |
أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت |
بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا |
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا |
أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ مُنتَحِبا |
هَذي دُموعي عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ |
حُزناً وَهَذا فُؤادي يَرتَعي لَهَبا |
أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا |
كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا |
أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى |
مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفي لَكُم دَأَبا |
إِن تُقرِضوا اللَهَ في أَوطانِكُم فَلَكُم |
أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذي اِكتَتَبا |