ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي |
وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي
|
وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ |
قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ
|
وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه |
ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ
|
دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ |
ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ
|
وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا |
من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ
|
وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا |
بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ
|
لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً |
وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال
|
ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني |
كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي
|
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ |
وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
|
وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَة ٍ |
بِآنِسَة ٍ كَأنّهَا خَطُّ تِمْثَالِ
|
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها |
كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
|
كأنَّ على لباتها جمرَ مُصطل |
أصاب غضى جزلاً وكفِّ بأجذال
|
وَهَبّتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلَفِ الصُّوَا |
صباً وشمال في منازلِ قفّال
|
ومِثْلِكِ بَيضاءِ العوارِضِ طَفْلة ٍ |
لعوبٍ تُنَسِّيني، إذا قُمتُ، سِربالي
|
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابها |
تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَة ً غَيرَ مِجْبالِ
|
كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه |
بما احتسبا من لين مس وتسهال
|
لَطِيفَة ُ طَيّ الكَشْح غيرُ مُفَاضَة ٍ |
إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتجّة ً غَيرَ مِثقالِ
|
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها |
بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ
|
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها |
مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ
|
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها |
سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ
|
فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي |
أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي
|
فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِداً |
وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي
|
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ |
لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ
|
فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت |
هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ
|
وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا |
وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ
|
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها |
عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ
|
يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ |
لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ
|
أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي |
وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ
|
وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ |
وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ
|
أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها |
كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي
|
وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها |
بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ
|
وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً |
كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ
|
وَبَيتِ عَذارى يَومَ دَجنٍ وَلَجتُهُ |
يَطُفنَ بِجَبّاءِ المَرافِقِ مِكسالِ
|
سِباطُ البَنانِ وَالعَرانينِ وَالقَنا |
لِطافَ الخُصورِ في تَمامٍ وَإِكمالِ
|
نَواعِمُ يُتبِعنَ الهَوى سُبُلَ الرَدى |
يَقُلنَ لِأَهلِ الحِلمِ ضُلَّ بِتِضلالِ
|
صَرَفتُ الهَوى عَنهُنَّ مِن خَشيَةِ الرَدى |
وَلَستُ بِمُقليِّ الخِلالِ وَلا قالِ
|
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً لِلَذَّةٍ |
وَلَم أَتَبَطَّن كاعِباً ذاتَ خِلخالِ
|
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَويَّ وَلَم أَقُل |
لِخَيلِيَ كُرّي كَرَّةً بَعدَ إِجفالِ
|
وَلَم أَشهَدِ الخَيلَ المُغيرَةَ بِالضُحى |
عَلى هَيكَلٍ عَبلِ الجُزارَةِ جَوّالِ
|
سَليمَ الشَظى عَبلَ الشَوى شَنَجَ النَسا |
لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ عَلى الفالِ
|
وَصُمٌّ صِلابٌ ما يَقينَ مِنَ الوَجى |
كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِنهُ عَلى رَألِ
|
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها |
لِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ رائِدُهُ خالِ
|
تَحاماهُ أَطرافُ الرِماحِ تَحامِياً |
وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
|
بِعَجلَزَةٍ قَد أَترَزَ الجَريُ لَحمَها |
كَميتٍ كَأَنَّها هِراوَةُ مِنوالِ
|
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً جُلودُهُ |
وَأَكرُعُهُ وَشيُ البُرودِ مِنَ الخالِ
|
كَأَنَّ الصُوارَ إِذ تَجَهَّدَ عَدوُهُ |
عَلى جَمَزى خَيلٍ تَجولُ بِأَجلالِ
|
فَجالَ الصُوارُ وَاِتَّقَينَ بِقَرهَبٍ |
طَويلِ الفِرا وَالرَوقِ أَخنَسَ ذَيّالِ
|
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ |
وَكانَ عِداءُ الوَحشِ مِنّي عَلى بالِ
|
كَأَنّي بِفَتخاءِ الجَناحَينِ لَقوَةٍ |
صَيودٍ مِنَ العِقبانِ طَأطَأتُ شِملالي
|
تَخَطَّفُ خَزّانَ الشُرَيَّةِ بِالضُحى |
وَقَد حَجَرَت مِنها ثَعالِبُ أَورالِ
|
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ رَطباً وَيابِساً |
لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي
|
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ |
كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ
|
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ |
وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي
|
وَطا المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ |
بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ وَلا آلي |