| نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ | ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ |
| وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ | أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ |
| وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ | قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ |
| وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني | فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي |
| تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ | وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي |
| وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا | وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ |
| فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ | فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي |
| يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي | فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي |
| تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي | نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ |
| وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا | عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ |
| وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً | وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ |
| إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ | أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ |
| يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي | تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ |
| وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ | يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ |
| يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ | وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ |
| كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ | فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ |
| إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ | كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ |
| كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ | فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ |
| لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ | وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ |
| رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ | بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ |
| تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ | تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ |
| وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً | وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ |
| وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا | إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ |
| إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ | أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ |
| فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه | فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ |
| وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً | فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي |
| يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى | بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ |
| إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ | كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي |
| وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ | وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ |
| يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ | من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ |
| حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ | فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ |
| فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ | فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي |
| يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ | وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ |
| هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ | أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ |
| أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ | وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ |
| وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً | على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ |
| تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا | فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ |
| جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ | جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ |
| وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني | يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي |
| وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي | أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي |
| فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني | مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي |
| وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها | لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ |