| نَرَى عِظَماً بالبَينِ والصّدُّ أعظَمُ | ونَتّهِمُ الواشِينَ والدّمْعُ مِنْهُمُ |
| ومَنْ لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ | ومَنْ سِرّهُ في جَفْنِهِ كيفَ يُكتَمُ |
| ولمّا التَقَيْنا والنّوَى ورَقيبُنا | غَفُولانِ عَنّا ظِلْتُ أبكي وتَبسِمُ |
| فلَمْ أرَ بَدراً ضاحِكاً قبلَ وجْهِها | ولم تَرَ قَبْلي مَيّتاً يَتَكَلّمُ |
| ظَلومٌ كمَتنَيْها لِصَبٍّ كَخَصْرِها | ضَعِيفِ القُوَى مِن فِعلِها يَتَظلَّمُ |
| بفَرْعٍ يُعيدُ اللّيْلَ والصّبْحُ نَيّرٌ | ووَجهٍ يُعيدُ الصّبحَ واللّيلُ مُظلِمُ |
| فلَوْ كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً | ولكنّ جَيشَ الشّوْقِ فيهِ عرَمرَمُ |
| أثَافٍ بها ما بالفُؤادِ مِنَ الصَّلَى | ورَسْمٌ كَجسمي ناحِلٌ مُتَهَدّمُ |
| بَلَلْتُ بها رُدْنَيَّ والغَيمُ مُسْعِدي | وعَبْرَتُهُ صِرْفٌ وفي عَبرَتي دَمُ |
| ولَوْ لم يكُنْ ما انهَلّ في الخدّ من دمي | لمَا كانَ مُحْمَرّاً يَسيلُ فأسْقَمُ |
| بنَفْسِي الخَيَالُ الزّائري بعد هجعَةٍ | وقوْلَتُهُ لي بعدَنا الغُمضَ تَطعَمُ |
| سَلامُ فلَوْلا الخَوْفُ والبُخلُ عندَهُ | لقُلتُ أبو حَفْصٍ عَلَينا المُسَلّمُ |
| مُحِبُّ النّدَى الصّابي إلى بَذْلِ ماله | صُبُوّاً كمَا يَصْبُو المُحبُّ المُتَيَّمُ |
| وأُقْسِمُ لَوْلا أنّ في كلّ شَعْرَةٍ | لَهُ ضَيغَماً قُلنا لهُ أنتَ ضَيغَمُ |
| أنَنْقُصُهُ من حَظّهِ وهْوَ زائِدٌ | ونَبْخَسُهُ والبَخْسُ شيءٌ مُحَرَّمُ |
| يَجِلُّ عنِ التّشبيهِ لا الكَفُّ لُجّةٌ | ولا هوَ ضِرْغامٌ ولا الرّأيُ مِخذَمُ |
| ولا جُرْحُهُ يُؤسَى ولا غَوْرُهُ يُرَى | ولا حَدُّهُ يَنْبُو ولا يَتَثَلّمُ |
| ولا يُبْرَمُ الأمْرُ الذي هوَ حالِلٌ | ولا يُحْلَلُ الأمْرُ الذي هوَ مُبْرِمُ |
| ولا يَرْمَحُ الأذْيالَ مِنْ جَبَرِيّةٍ | ولا يَخْدُمُ الدّنْيَا وإيّاهُ تَخدُمُ |
| ولا يَشْتَهي يَبْقَى وتَفْنى هِبَاتُهُ | ولا تَسْلَمُ الأعداءُ منْهُ ويَسْلَمُ |
| ألَذُّ مِنَ الصّهْبَاءِ بالماءِ ذِكْرُهُ | وأحْسَنُ مِنْ يُسرٍ تَلَقّاهُ مُعدِمُ |
| وأغْرَبُ من عَنقاءَ في الطّيرِ شكلُهُ | وأعْوَزُ مِنْ مُسْتَرْفِدٍ منه يُحرَمُ |
| وأكثرُ من بَعدِ الأيادي أيادِياً | من القَطرِ بعد القَطْرِ والوَبلُ مُثجِمُ |
| سَنيُّ العَطايا لوْ رَأى نَوْمَ عَيْنِهِ | منَ اللّؤمِ آلى أنّهُ لا يُهَوِّمُ |
| ولو قالَ هاتُوا دِرْهَماً لم أجُدْ بهِ | على سائِلٍ أعْيا على النّاسِ دِرْهَمُ |
| ولَوْ ضَرّ مَرْأً قَبْلَهُ ما يَسُرّهُ | لأثَّرَ فيهِ بأسُهُ والتّكَرّمُ |
| يُرَوّي بكالفِرْصادِ في كلّ غارَةٍ | يَتامَى منَ الأغمادِ تُنضَى فتُوتِمُ |
| إلى اليَوْمِ ما حَطّ الفِداءُ سُرُوجَهُ | مُذُ الغَزْوِ سارٍ مُسرَجُ الخيل مُلجَمُ |
| يَشُقّ بلادَ الرّومِ والنّقْعُ أبْلَقٌ | بأسْيافِهِ والجَوُّ بالنّقْعِ أدْهَمُ |
| إلى المَلِكِ الطّاغي فكَمْ من كَتيبَةٍ | تُسايِرُ منهُ حَتْفَها وهيَ تَعْلَمُ |
| ومِنْ عاتِقٍ نَصرانَةٍ بَرَزَتْ لَهُ | أسيلَةِ خَدٍّ عَنْ قَليلٍ سيُلْطَمُ |
| صُفُوفاً للَيْثٍ في لُيُوثٍ حُصُونُها | مُتُونُ المَذاكي والوَشيجُ المُقَوَّمُ |
| تَغيبُ المَنَايا عَنْهُمُ وهْوَ غائِبٌ | وتَقْدَمُ في ساحاتِهِمْ حينَ يَقدَمُ |
| أجدَّكَ ما تَنفَكّ عانٍ تَفُكّهُ | عُمَ بنَ سُلَيْمانٍ ومالٌ تُقَسِّمُ |
| مُكافيكَ مَنْ أولَيْتَ دينَ رَسولِهِ | يداً لا تُؤدّي شُكرَها اليَدُ والفَمُ |
| على مَهَلٍ إنْ كنتَ لَستَ براحِمٍ | لنَفْسِكَ مِنْ جُودٍ فإنّكَ تُرْحَمُ |
| مَحَلُّكَ مَقْصُودٌ وشانيكَ مُفحَمٌ | ومِثْلُكَ مَفقودٌ ونَيلُكَ خِضرِمُ |
| وزارَكَ بي دونَ المُلوكِ تَحَرُّجٌ | إذا عَنّ بَحْرٌ لم يَجُزْ لي التّيَمّمُ |
| فعِشْ لوْ فدى المَملوكُ رَبّاً بنفسِهِ | من الموْتِ لم تُفقَدْ وفي الأرض مُسلمُ |