تَذَكّرْتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبَارِقِ |
مَجَرَّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السّوَابِقِ |
وَصُحْبَةَ قَوْمٍ يَذبَحُونَ قَنيصَهُمْ |
بفَضْلَةِ ما قد كَسّرُوا في المَفارِقِ |
وَلَيْلاً تَوَسَّدْنَا الثَّوِيّةَ تَحْتَهُ |
كأنّ ثَرَاهَا عَنْبَرٌ في المَرَافِقِ |
بِلادٌ إذا زارَ الحِسانَ بغَيرِهَا |
حَصَى تُرْبِهَا ثَقّبْنَهُ للمَخانِقِ |
سَقَتْني بهَا القُطْرُبُّليَّ مَليحَةٌ |
على كاذِبٍ منْ وَعدِها ضَوْءُ صَادقِ |
سُهادٌ لأجفانٍ وَشَمْسٌ لِنَاظِرٍ |
وَسُقْمٌ لأبدانٍ وَمِسْكٌ لِناشِقِ |
وَأغْيَدُ يَهْوَى نَفْسَهُ كلُّ عاقِلٍ |
عَفيفٍ وَيَهوَى جسمَهُ كلُّ فاسِقِ |
أدِيبٌ إذا ما جَسّ أوْتَارَ مِزْهَرٍ |
بلا كُلَّ سَمْعٍ عن سِواها بعائِقِ |
يُحَدِّثُ عَمّا بَينَ عادٍ وَبَيْنَهُ |
وَصُدْغاهُ في خَدّيْ غُلامٍ مُراهِقِ |
وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفتى شَرَفاً لَهُ |
إذا لم يكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلائِقِ |
وَمَا بَلَدُ الإنْسانِ غَيرُ المُوافِقِ |
وَلا أهْلُهُ الأدْنَوْنَ غَيرُ الأصادِقِ |
وَجائِزَةٌ دَعْوَى المَحَبّةِ وَالهَوَى |
وَإنْ كانَ لا يخفَى كَلامُ المُنافِقِ |
برَأيِ مَنِ انْقادَتْ عُقيلٌ إلى الرّدَى |
وَإشماتِ مَخلُوقٍ وَإسخاطِ خالِقِ |
أرَادوا عَلِيّاً بالذي يُعجِزُ الوَرَى |
وَيُوسِعُ قَتلَ الجحفَلِ المُتَضايِقِ |
فَمَا بَسَطُوا كَفّاً إلى غَيرِ قَاطِعٍ |
وَلا حَمَلُوا رَأساً إلى غَيرِ فَالِقِ |
لَقَد أقدَمُوا لَوْ صادَفُوا غيرَ آخِذٍ |
وَقد هرَبوا لوْ صَادَفوا غيرَ لاحِقِ |
وَلَمَّا كَسَا كَعْباً ثِياباً طَغَوْا بِهَا |
رَمَى كلَّ ثَوْبٍ مِنْ سِنانٍ بخارِقِ |
وَلمّا سَقَى الغَيْثَ الذي كَفَرُوا بِهِ |
سَقَى غَيرَهُ في غَيرِ تلكَ البَوَارِقِ |
وَما يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ حارِمٍ |
كمَا يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ رازِقِ |
أتَاهُمْ بهَا حَشْوَ العَجَاجَةِ وَالقَنَا |
سَنَابِكُهَا تحشُو بُطُونَ الحَمالِقِ |
عَوَابِسَ حَلّى يَابِسُ الماءِ حُزْمَها |
فَهُنّ على أوْساطِها كالمَنَاطِقِ |
فَلَيْتَ أبَا الهَيْجا يرَى خَلْفَ تَدْمُرٍ |
طِوَالَ العَوالي في طِوال السَّمالِقِ |
وَسَوْقَ عَليٍّ مِنْ مَعَدٍّ وَغَيرِها |
قَبَائِلَ لا تُعْطي القُفِيَّ لِسَائِقِ |
قُشَيرٌ وَبَلْعَجْلانِ فيها خَفِيّةٌ |
كَرَاءَينِ في ألْفاظِ ألثَغَ نَاطِقِ |
تُخَلّيهِمِ النّسْوانُ غَيرَ فَوَارِكٍ |
وَهُمْ خَلّوُا النّسْوانَ غَيرَ طَوَالِقِ |
يُفَرِّقُ ما بَينَ الكُماةِ وَبَيْنَهَا |
بطَعْنٍ يُسَلّي حَرُّهُ كلَّ عاشِقِ |
أتَى الظُّعْنَ حتى ما تَطيرُ رَشاشَةٌ |
منَ الخَيلِ إلاّ في نُحُورِ العَوَاتِقِ |
بكُلّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإنْسَ أرْضُهَا |
ظعائنُ حُمْرُ الحَليِ حمرُ الأيانِقِ |
وَمَلْمُومَةٌ سَيْفِيّةٌ رَبَعِيّةٌ |
تَصيحُ الحَصَى فيها صِياحَ اللّقالِقِ |
بَعيدَةُ أطْرَافِ القَنا مِنْ أُصُولِهِ |
قَريبَةُ بَينَ البَيضِ غُبرُ اليَلامِقِ |
نَهَاهَا وَأغْنَاهَا عَنِ النّهْبِ جُودُه |
فَمَا تَبْتَغي إلاّ حُماةَ الحَقائِقِ |
تَوَهّمَهَا الأعرابُ سَوْرَةَ مُترَفٍ |
تُذَكّرُهُ البَيْداءُ ظِلَّ السُّرادِقِ |
فَذَكّرْتَهُمْ بالمَاءِ ساعَةَ غَبّرَتْ |
سَماوَةُ كَلبٍ في أُنوفِ الحَزَائِقِ |
وكانُوا يَرُوعونَ المُلُوكَ بأنْ بدَوْا |
وَأنْ نَبَتَتْ في المَاءِ نَبْتَ الغَلافِقِ |
فهاجُوكَ أهْدَى في الفَلا من نُجُومه |
وَأبْدَى بُيُوتاً من أداحي النّقانِقِ |
وَأصْبَرَ عَن أمْوَاهِهِ من ضِبابِهِ |
وَآلَفَ منْها مُقْلَةً للوَدائِقِ |
وَكانَ هَديراً مِنْ فُحُولٍ تَرَكتَها |
مُهَلَّبَةَ الأذنابِ خُرْسَ الشّقاشِقِ |
فَما حَرَمُوا بالرّكضِ خَيلَكَ رَاحةً |
وَلَكِنْ كَفَاهَا البَرُّ قَطعَ الشّوَاهقِ |
وَلا شَغَلُوا صُمّ القَنَا بِقُلُوبِهِم |
عنِ الرَّكْزِ لكِنْ عن قلوبِ الدماسقِ |
ألمْ يحذَروا مَسْخَ الذي يَمسَخُ العِدى |
ويجعَلُ أيدي الأُسدِ أيدي الخرانِقِ |
وَقد عايَنُوه في سِواهُمْ وَرُبّمَا |
أرَى مارِقاً في الحَرْبِ مصرَعَ مارِقِ |
تَعَوّدَ أنْ لا تَقْضَمَ الحَبَّ خَيْلُهُ |
إذا الهَامُ لم تَرْفَعْ جُنُوبَ العَلائِقِ |
وَلا تَرِدَ الغُدْرانَ إلاّ وَمَاؤهَا |
منَ الدّمِ كالرّيحَانِ فَوْقَ الشّقائقِ |
لَوَفْدُ نُمَيرٍ كانَ أرْشَدَ منْهُمُ |
وقد طَرَدوا الأظْعانَ طَرْدَ الوَسائقِ |
أعَدّوا رِماحاً مِنْ خُضُوعٍ فطاعَنُوا |
بهَا الجَيشَ حتى رَدّ غَرْبَ الفَيالِقِ |
فَلَمْ أرَ أرْمَى منهُ غَيرَ مُخاتِلٍ |
وَأسرَى إلى الأعداءِ غَيرَ مُسارِقِ |
تُصِيبُ المَجانيقُ العِظامُ بكَفّهِ |
دَقائِقَ قد أعْيَتْ قِسِيَّ البَنَادِقِ |