| أوَدُّ مِنَ الأيّامِ مَا لا تَوَدُّهُ | وَأشكُو إلَيهَا بَيْنَنَا وَهْيَ جُنْدُهُ |
| يُباعِدْنَ حِبّاً يَجْتَمِعْنَ وَوَصْلُهُ | فكَيفَ بحِبٍّ يَجْتَمِعنَ وَصَدُّهُ |
| أبَى خُلُقُ الدّنْيَا حَبِيباً تُديمُهُ | فَمَا طَلَبي مِنهَا حَبيباً تَرُدّهُ |
| وَأسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّراً | تَكَلفُ شيءٍ في طِباعِكَ ضِدّهُ |
| رَعَى الله عِيساً فَارَقَتْنَا وَفَوْقَهَا | مَهاً كُلها يُولَى بجَفْنَيْهِ خَدُّهُ |
| بوَادٍ بِهِ مَا بالقُلُوبِ كَأنّهُ | وَقَدْ رَحَلُوا جِيدٌ تَنَاثَرَ عِقدُهُ |
| إذا سَارَتِ الأحداجُ فَوْقَ نَبَاتِهِ | تَفَاوَحَ مِسكُ الغانِياتِ وَرَنْدُهُ |
| وَحالٍ كإحداهُنّ رُمْتُ بُلُوغَهَا | وَمِنْ دونِها غَوْلُ الطريقِ وَبُعدُهُ |
| وَأتْعَبُ خَلْقِ الله مَنْ زَادَ هَمُّهُ | وَقَصّرَ عَمّا تَشتَهي النّفس وَجدُهُ |
| فَلا يَنحَلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلّهُ | فيَنحَلَّ مَجْدٌ كانَ بالمالِ عَقدُهُ |
| وَدَبِّرْهُ تَدْبيرَ الذي المَجْدُ كَفُّهُ | إذا حارَبَ الأعداءَ وَالمَالَ زَنْدُهُ |
| فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ | وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ |
| وَفي النّاسِ مَنْ يرْضَى بميسورِ عيشِهِ | وَمَرْكوبُهُ رِجْلاهُ وَالثّوْبُ جلدُه |
| وَلَكِنّ قَلْباً بَينَ جَنْبَيّ مَا لَهُ | مَدًى يَنتَهي بي في مُرَادٍ أحُدُّهُ |
| يَرَى جِسْمَهُ يُكْسَى شُفُوفاً تَرُبُّهُ | فيَختارُ أن يُكْسَى دُرُوعاً تهُدّهُ |
| يُكَلّفُني التّهْجيرَ في كلّ مَهْمَهٍ | عَليقي مَرَاعِيهِ وَزَاديَ رُبْدُهُ |
| وَأمْضَى سِلاحٍ قَلّدَ المَرْءُ نَفْسَهُ | رَجَاءُ أبي المِسْكِ الكَريمِ وَقصْدُهُ |
| هُما ناصِرَا مَنْ خانَهُ كُلُّ ناصِرٍ | وَأُسرَةُ مَنْ لم يُكثِرِ النّسلَ جَدُّهُ |
| أنَا اليَوْمَ مِنْ غِلْمانِهِ في عَشيرَةٍ | لَنَا وَالِدٌ مِنْهُ يُفَدّيهِ وُلْدُهُ |
| فَمِنْ مَالِهِ مالُ الكَبيرِ وَنَفْسُهُ | وَمِنْ مَالِهِ دَرُّ الصّغِيرِ وَمَهْدُهُ |
| نَجُرّ القَنَا الخَطّيّ حَوْلَ قِبَابِهِ | وَتَرْدي بِنا قُبُّ الرّباطِ وَجُرْدُهُ |
| وَنَمْتَحِنُ النُّشّابَ في كلّ وَابِلٍ | دَوِيُّ القِسِيّ الفَارِسِيّةِ رَعْدُهُ |
| فإنْ لا تَكُنْ مصرُ الشَّرَى أوْ عَرِينَه | فإنّ الذي فيهَا منَ النّاسِ أُسدُهُ |
| سَبَائِكُ كافُورٍ وَعِقْيانُهُ الذي | بصُمّ القَنَا لا بالأصَابعِ نَقْدُهُ |
| بَلاهَا حَوَالَيْهِ العَدُوُّ وَغَيْرُهُ | وَجَرّبَهَا هَزْلُ الطّرَادِ وَجِدّهُ |
| أبو المِسْكِ لا يَفْنى بذَنْبِكَ عفوُهُ | وَلَكِنّهُ يَفْنى بعُذْرِكَ حِقدُهُ |
| فَيَا أيّها المَنْصُورُ بالجَدّ سَعْيُهُ | وَيَا أيّها المَنْصُورُ بالسّعيِ جَدّهُ |
| تَوَلّى الصِّبَى عَنّي فأخلَفتَ طِيبَهُ | وَمَا ضَرّني لمّا رَأيْتُكَ فَقدُهُ |
| لَقَدْ شَبّ في هذا الزّمانِ كُهُولُهُ | لَدَيْكَ وَشابَتْ عندَ غَيرِكَ مُرْدُهُ |
| ألا لَيْتَ يَوْمَ السّيرِ يُخبرُ حَرُّهُ | فَتَسْألَهُ وَاللّيْلَ يُخْبرُ بَرْدُهُ |
| وَلَيْتَكَ تَرْعاني وَحَيرَانُ مُعرِضٌ | فتَعْلَمَ أنّي من حُسامِكَ حَدّهُ |
| وَأنّي إذا باشَرْتُ أمراً أُريدُهُ | تَدانَتْ أقاصِيهِ وَهَانَ أشَدُّهُ |
| وَمَا زَالَ أهلُ الدّهرِ يَشْتَبِهونَ لي | إلَيْكَ فَلَمّا لُحْتَ لي لاحَ فَرْدُهُ |
| يُقالُ إذا أبصَرْتُ جَيْشاً وَرَبَّهُ | أمامكَ رَبٌّ رَبُّ ذا الجيشِ عبدُهُ |
| وَألْقَى الفَمَ الضّحّاكَ أعلَمُ أنّهُ | قَريبٌ بذي الكَفّ المُفَدّاةِ عهدُهُ |
| فَزَارَكَ مني مَنْ إلَيْكَ اشتِياقُهُ | وَفي النّاسِ إلاّ فيكَ وَحدَكَ زُهدُهُ |
| يُخَلِّفُ مَنْ لم يَأتِ دارَكَ غَايَةً | وَيأتي فيَدري أنّ ذلكَ جُهْدُهُ |
| فإنْ نِلْتُ ما أمّلْتُ منكَ فرُبّمَا | شَرِبْتُ بمَاءٍ يُعجِزُ الطّيرَ وِرْدُهُ |
| وَوَعْدُكَ فِعْلٌ قَبلَ وَعْدٍ لأنّهُ | نَظيرُ فَعَالِ الصّادِقِ القوْلِ وَعدُهُ |
| فكنْ في اصْطِناعي مُحسِناً كمُجرِّبٍ | يَبِنْ لَكَ تَقرِيبُ الجَوَادِ وَشَدُّهُ |
| إذا كنتَ في شَكٍّ من السّيفِ فابْلُهُ | فإمّا تُنَفّيهِ وَإمّا تُعِدّهُ |
| وَمَا الصّارِمُ الهِندِيُّ إلاّ كَغَيرِهِ | إذا لم يُفارِقْهُ النِّجادُ وَغِمْدُهُ |
| وَإنّكَ لَلْمَشْكُورُ في كُلّ حالَةٍ | وَلَوْ لم يكُنْ إلاّ البَشاشَةَ رِفْدُهُ |
| فكُلُّ نَوَالٍ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ | فلَحظَةُ طَرْفٍ منكَ عنديَ نِدّهُ |
| وَإنّي لَفي بَحْرٍ منَ الخَيرِ أصْلُهُ | عَطَاياكَ أرْجُو مَدّهَا وَهيَ مَدُّهُ |
| وَمَا رَغْبَتي في عَسْجَدٍ أستَفيدُهُ | وَلَكِنّها في مَفْخَرٍ أسْتَجِدّهُ |
| يَجُودُ بِهِ مَن يَفضَحُ الجودَ جودُهُ | وَيحمَدُهُ مَن يَفضَحُ الحمدَ حمدُهُ |
| فإنّكَ ما مرّ النُّحُوسُ بكَوْكَبٍ | وَقَابَلْتَهُ إلاّ وَوَجْهُكَ سَعدُهُ |