أقَلُّ فَعَالي بَلْهَ أكْثَرَهُ مَجْدُ |
وذا الجِدُّ فيهِ نِلْتُ أم لم أنَلْ جَدُّ |
سأطْلُبُ حَقّي بالقَنَا ومَشايخٍ |
كأنّهُمُ من طولِ ما التَثَموا مُرْدُ |
ثِقالٍ إذا لاقَوْا خِفافٍ إذا دُعُوا |
كَثيرٍ إذا اشتَدّوا قَليلٍ إذا عُدّوا |
وطعْنٍ كأنّ الطّعنَ لا طَعنَ عندَهُ |
وضرْبٍ كأنّ النّارَ من حرّهِ بَرْدُ |
إذا شِئتُ حَفّتْ بي على كلّ سابحٍ |
رِجالٌ كأنّ المَوْتَ في فَمِها شَهْدُ |
أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ |
فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ |
وأكرَمُهُمْ كَلْبٌ وأبصرُهُمْ عمٍ |
وأسهَدُهُمْ فَهدٌ وأشجَعُهم قِرْدُ |
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى |
عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ |
بِقَلْبِي وإنْ لم أرْوَ منها مَلالَةٌ |
وبي عن غَوانيها وإن وَصَلتْ صَدُّ |
خَليلايَ دونَ النّاسِ حُزْنٌ وعَبرةٌ |
على فَقْدِ مَن أحبَبتُ ما لهُما فَقْدُ |
تَلَجُّ دُمُوعي بالجُفونِ كأنّما |
جُفُوني لعَيْنيْ كلِّ باكِيَةٍ خَدُّ |
وإنّي لتُغْنيني مِنَ الماءِ نُغْبَةٌ |
وأصبرُ عَنْهُ مثلَما تَصبرُ الرُّبْدُ |
وأمضي كما يَمضي السّنانُ لِطِيّتي |
وأطوَى كما تَطوَى المُجَلِّحةُ العُقدُ |
وأُكْبِرُ نَفسي عَن جَزاءٍ بغِيبَةٍ |
وكلُّ اغتِيابٍ جُهدُ مَن ما لَه جُهدُ |
وأرْحَمُ أقواماً منَ العِيّ والغَبَى |
وأعْذِرُ في بُغضِي لأنّهُمُ ضدُّ |
ويَمْنَعُني ممّن سوَى ابنِ محمّدٍ |
أيادٍ لهُ عندي تَضيقُ بهَا عِنْدُ |
تَوالى بلا وَعْدٍ ولَكِنّ قَبْلَها |
شَمائِلَهُ من غَيرِ وَعْدٍ بها وَعْدُ |
سرَى السّيفُ ممّا تَطبعُ الهندُ صاحبي |
إلى السّيفِ ممّا يطبَعُ الله لا الهِنْدُ |
فَلَمّا رآني مُقْبِلاً هَزّ نَفْسَهُ |
إليّ حُسامٌ كلُّ صَفْحٍ لهُ حَدُّ |
فلم أرَ قَبلي مَن مَشَى البحرُ نحوَهُ |
ولا رَجُلاً قامَتْ تُعانِقُهُ الأُسْدُ |
كأنّ القِسِيّ العاصِياتِ تُطيعُهُ |
هَوًى أو بها في غيرِ أُنْمُلِهِ زُهْدُ |
يكادُ يُصيبُ الشيءَ من قَبلِ رَمْيِهِ |
ويُمْكِنُهُ في سَهْمِهِ المُرْسَلِ الرّدُّ |
ويُنْفِذُهُ في العَقْدِ وهْوَ مُضَيَّقٌ |
من الشّعرَةِ السّوداءِ واللّيلُ مُسوَدُّ |
بنَفسي الذي لا يُزْدَهَى بخَديعَةٍ |
وإنْ كَثُرَتْ فيها الذّرائعُ والقَصْدُ |
ومَنْ بُعدُهُ فَقْرٌ ومَن قُرْبُهُ غنًى |
ومَنْ عِرْضُهُ حُرٌّ ومَن مالُهُ عَبْدُ |
ويَصْطَنِعُ المَعْرُوفَ مُبْتَدِئاً بهِ |
ويَمْنَعُهُ من كلّ مَن ذمُّهُ حَمدُ |
ويَحْتَقِرُ الحُسّادَ عن ذِكْرِهِ لهُمْ |
كأنّهُمُ في الخَلقِ ما خُلِقوا بَعدُ |
وتأمَنُهُ الأعداءُ منْ غيرِ ذِلّةٍ |
ولكن على قَدْرِ الذي يُذنبُ الحِقدُ |
فإنْ يَكُ سيّارُ بنُ مُكرَمٍ انقَضَى |
فإنّكَ ماءُ الوَرْدِ إنْ ذهبَ الوَرْدُ |
مَضَى وبَنُوهُ وانْفَرَدْتَ بفَضْلِهِمْ |
وألفٌ إذا ما جُمّعَتْ واحِدٌ فَرْدُ |
لَهُمْ أوْجُهٌ غُرٌّ وأيْدٍ كريمَةٌ |
ومَعْرِفَةٌ عِدٌّ وألْسِنَةٌ لُدُّ |
وأرْدِيَةٌ خُضْرٌ ومُلْكٌ مُطاعَةٌ |
ومَركوزَةٌ سُمْرٌ ومُقرَبَةٌ جُرْدُ |
وما عِشْتَ ما ماتُوا ولا أبَواهُمُ |
تَميمُ بنُ مُرٍّ وابنُ طابخَةٍ أُدُّ |
فبَعضُ الذي يَبدو الذي أنا ذاكِرٌ |
وبعضُ الذي يخفَى عليّ الذي يَبدو |
ألُومُ بهِ مَنْ لامَني في وِدادِهِ |
وحُقَّ لخَيرِ الخَلْقِ من خَيرِهِ الوُدُّ |
كَذا فَتَنَحّوْا عَن عَليٍّ وطُرْقِهِ |
بني اللّؤمِ حتى يَعبُرَ المَلِكُ الجَعدُ |
فَما في سَجاياكُمْ مُنازَعَةُ العُلَى |
ولا في طِباعِ التُّربَةِ المِسكُ وَالنَّدُّ |