بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ |
وحلَّ سماءَها البدرُ التمام |
وزار رياضَ إسماعيلَ غيثٌ |
كوالدِه له المِنَنُ الجِسام |
ثَنَى عِطْفَيْهِمَا الهرمانِ تِيهاً |
وقال الثالثُ الأَدنى : سلام |
حلُمِّي مَنْفُ؛ هذا تاجُ خوفو |
كقرصِ الشمسِ يعرفه الأنام |
نَمتْهُ من بني فِرعَوْنَ هامٌ |
ومن خلفاء إسماعيلَ هام |
تألقَ في سمائكِ عبقرياً |
عليه جلالة ٌ، وله وسام |
ترعرعَتِ الحضارة ُ في حلاهُ |
وشبَّ على جواهرِه النظام |
ونال الفنُّ في أولى الليالي |
وأخراهنَّ عزَّا لا يرام |
مشَى في جيزة الفُسطاط ظِلٌّ |
كظلِّ النيلِ بلَّ به الأوام |
إذا ما مَسّ تُرْباً عاد مِسْكاً |
ونافسَ تحته الذهبَ الرَّغام |
وإنْ هو حَلَّ أرضاً قام فيها |
جِدارٌ للحضارة ِ أَو دِعام |
فمدرسة ٌ لحرب الجهل تبنى |
ومستشفى يذادُ به السقام |
ودارٌ يُستَغاثُ بها فَيَمضي |
إلى الإسعافِ أنجادٌ كرامُ |
أُساة ُ جِراحة ٍ حِيناً وحِيناً |
مَيازيبٌ إذا انفجر الضِّرام |
وأحواضٌ يراضُ النيلُ فيها |
وكلُّ نجيبة ٍ ولها لجام |
أبا الفاروقِ، أقبلنا صفوفاً |
وأَنتَ من الصفوفِ هو الإمام |
طلعتَ على الصعيدِ فهشَّ حتى |
علا شَفَتَيْ أَبي الهول ابتسام |
ركابٌ سارتِ الآمالُ فيه |
وطافَ به التلفُّتُ والزحام |
فماذا في طريقك من كفور |
أجلُّ من البيوتِ بها الرجام |
كأن الراقدين بكل قاعٍ |
همُ الأيقاظُ، واليقظى النِّيام |
لقد أَزَمَ الزمانُ الناسَ، فانظُرْ |
فعندكَ تفرجُ الإزمُ العظام |
وبعدَ غدٍ يفارقُ عامُ بؤسٍ |
ويَخلُفه من النَّعماءِ عام |
يَدورُ بمصرَ حالاً بعدَ حالٍ |
زمانٌ ما لحاليهِ دوام |
ومصرُ بناءُ جدَّكَ لم يتممْ |
أليس على يديكَ له تمام؟ |
فلسنا أمة ً قعدتْ بشمسٍ |
ولا بلداً بضاعتُه الكلام |
ولكنْ هِمَّة ٌ في كلِّ حينٍ |
يَشُدُّ بِناءَها المَلِكُ الهُمام |
نرومُ الغاية َ القصوى ، فنمضي |
وأنت على الطريقِ هو الزمام |
ونقصر خطوة ً، ونمدُّ أخرى |
وتلجئنا المسافة والمرام |
ونَصبرُ للشدائدِ في مقامٍ |
ويغلبنا على صبر مقام |
فقوِّ حضارة َ الماضي بأخرى |
لها زَهْوٌ بِعصرِكَ واتّسامُ |
ترفُّ صحائفُ البرديِّ فيها |
وينطقُ في هياكلها الرُّخام |
رَعَتك ووادياً ترعاه عنَّا |
من الرحمنِ عينٌ لا تنام |
فإن يك تاجُ مصرَ لها قواماً |
فمصرُ لتاجها العالي قوام |
لِتهنأ مصرُ، ولْيَهْنأ بَنوها |
فبينَ الرأْسِ والجِسمِ التئام |