أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا |
وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا |
لَنَا ولأهْلِهِ أبَداً قُلُوبٌ |
تَلاقَى في جُسُومٍ ما تَلاقَى |
ومَا عَفَتِ الرّياحُ لَهُ مَحَلاًّ |
عَفَاهُ مَنْ حَدَا بِهِمِ وَسَاقَا |
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً |
فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا |
نَظَرْتُ إلَيْهِمِ والعَينُ شَكْرَى |
فَصارَتْ كُلّهَا للدّمعِ مَاقَا |
وَقَدْ أخَذَ التّمامَ البَدْرُ فيهِمْ |
وَأعْطاني مِنَ السّقَمِ المُحاقَا |
وَبَينَ الفَرْعِ والقَدَمَينِ نُورٌ |
يَقُودُ بِلا أزِمّتِهَا النّياقَا |
وَطَرْفٌ إنْ سَقَى العُشّاقَ كأساً |
بهَا نَقْصٌ سَقانِيهَا دِهَاقَا |
وَخَصْرٌ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ |
كأنّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقَا |
سَلي عَنْ سِيرَتي فَرَسي ورُمحي |
وَسَيْفي والهَمَلَّعَةَ الدِّفَاقَا |
تَرَكْنَا من وَرَاءِ العِيسِ نَجْداً |
وَنَكّبْنَا السّماوَةَ والعِراقَا |
فَمَا زالَتْ تَرَى واللّيلُ داجٍ |
لِسَيفِ الدّوْلَةِ المَلِكِ ائتلافَا |
أدِلّتُهَا رِياحُ المِسْكِ مِنْهُ |
إذا فَتَحَتْ مَناخِرَهَا انتِشاقَا |
أبَاحَكِ أيّهَا الوَحْشُ الأعَادي |
فَلِمْ تَتَعَرّضِينَ لَهُ الرّفَاقَا |
وَلَوْ تَبّعْتِ ما طَرَحَتْ قَنَاهُ |
لَكَفّكِ عَن رذَايَانَا وَعَاقَا |
وَلَوْ سِرْنَا إلَيْهِ في طَرِيقٍ |
مِنَ النّيرانِ لمْ نَخَفِ احتِرَاقَا |
إمَامٌ للأئِمّةِ مِنْ قُرَيْشٍ |
إلى مَنْ يَتّقُونَ لَهُ شِقَاقَا |
يَكونُ لهُمْ إذا غَضِبُوا حُساماً |
وَللهَيْجاءِ حينَ تَقُومُ سَاقَا |
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً |
إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا |
فَقَدْ ضَمِنَتْ لَهُ المُهَجَ العَوَالي |
وَحَمّلَ هَمَّهُ الخَيْلَ العِتَاقَا |
إذا أُنْعِلْنَ في آثَارِ قَوْمٍ |
وَإنْ بَعُدُوا جَعَلْنهُمُ طِرَاقَا |
وَإنْ نَقَعَ الصّريخُ إلى مَكَانٍ |
نَصَبْنَ لَهُ مُؤلَّلَةً دِقَاقَا |
فَكَانَ الطّعْنُ بَيْنَهُمَا جَوَاباً |
وَكانَ اللّبْثُ بَيْنَهُما فُوَاقَا |
مُلاقِيَةً نَواصِيهَا المَنَايَا |
مُعاوِدَةً فَوَارِسُهَا العِنَاقَا |
تَبِيتُ رِمَاحُهُ فَوْقَ الهَوَادي |
وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِوَاقَا |
تَميلُ كأنّ في الأبْطالِ خَمْراً |
عُلِلْنَ بها اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقَا |
تَعَجّبَتِ المُدامُ وَقَدْ حَسَاهَا |
فَلَمْ يَسكَرْ وَجادَ فَما أفَاقَا |
أقامَ الشِّعْرُ يَنْتَظِرُ العَطَايَا |
فَلَمّا فَاقَتِ الأمْطارَ فَاقَا |
وَزَنّا قِيمَةَ الدّهْمَاءِ مِنْهُ |
وَوَفّيْنا القيَانَ بِهِ الصَّداقَا |
وَحاشا لارْتِياحِكَ أنْ يُبارَى |
وَللكَرَمِ الذي لَكَ أنْ يُبَاقَى |
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنْكَ قَرْماً |
تَرَاجَعَتِ القُرُومُ لَهُ حِقَاقَا |
فَتًى لا تَسْلُبُ القَتْلَى يَداهُ |
ويَسْلُبُ عَفْوُهُ الأسرَى الوِثَاقَا |
وَلم تَأتِ الجَميلَ إليّ سَهْواً |
وَلم أظْفَرْ بهِ مِنْكَ استِراقَا |
فَأبْلِغْ حاسِدِيّ عَلَيْكَ أنّي |
كَبَا بَرْقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقَا |
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ |
إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا |
إذا ما النّاسُ جَرّبَهُمْ لَبِيبٌ |
فإنّي قَدْ أكَلْتُهُمُ وَذاقَا |
فَلَمْ أرَ وُدّهُمْ إلاّ خِداعاً |
وَلم أرَ دينَهُمْ إلاّ نِفَاقَا |
يُقَصّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بحْرٍ |
وَعَمّا لم تُلِقْهُ مَا ألاقَا |
وَلَوْلا قُدْرَةُ الخَلاّقِ قُلْنَا |
أعَمْداً كانَ خَلْقُكَ أمْ وِفَاقَا |
فَلا حَطّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجاً |
وَلا ذاقَتْ لَكَ الدّنْيَا فِراقَا |