أعْلى المَمالِكِ ما يُبْنى على الأسَلِ |
والطّعْنُ عِندَ مُحِبّيهِنّ كالقُبَلِ |
وما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها |
حتى تُقَلْقَلَ دَهراً قبلُ في القُلَلِ |
مِثْلُ الأميرِ بَغَى أمراً فَقَرّبَهُ |
طولُ الرّماحِ وأيدي الخيلِ والإبِلِ |
وعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمّةٌ زُحَلٌ |
من تَحتِها بمَكانِ التُّرْبِ من زُحَلِ |
على الفُراتِ أعاصِيرٌ وفي حَلَبٍ |
تَوَحُّشٌ لمُلَقّى النصْرِ مُقْتَبَلِ |
تَتْلُو أسِنّتُهُ الكُتْبَ التي نَفَذَتْ |
ويَجْعَلُ الخَيلَ أبدالاً مِنَ الرُّسُلِ |
يَلقى المُلوكَ فلا يَلقى سوَى جَزَرٍ |
وما أعَدّوا فَلا يَلقَى سوَى نَفَلِ |
صانَ الخَليفَةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ |
صِيانَةَ الذَّكَرِ الهِنْدِيّ بالخِلَلِ |
الفاعِلُ الفِعْلَ لم يُفْعَلْ لِشدّتِهِ |
والقائِلُ القَوْلَ لمْ يُترَكْ ولم يُقَلِ |
والباعِثُ الجَيشَ قد غالَتْ عَجاجَتُه |
ضَوْءَ النّهارِ فصارَ الظُّهرُ كالطّفَلِ |
الجَوُّ أضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها |
ومُقْلَةُ الشّمسِ فيها أحيرُ المُقَلِ |
يَنالُ أبْعَدَ منها وهيَ ناظِرَةٌ |
فَما تُقابِلُهُ إلاّ على وَجَلِ |
قد عرّضَ السّيفَ دونَ النّازِلاتِ بهِ |
وظاهرَ الحزْمَ بينَ النّفسِ والغِيَلِ |
ووَكّلَ الظّنَّ بالأسرارِ فانكَشَفَتْ |
لَهُ ضَمائِرُ أهلِ السّهلِ والجَبَلِ |
هُوَ الشّجاعُ يَعُدّ البُخلَ من جُبُنٍ |
وهْوَ الجَوادُ يَعُدّ الجُبنَ من بَخَلِ |
يَعودُ مِنْ كلّ فَتْحٍ غيرَ مُفْتَخِرٍ |
وقَدْ أغَذّ إلَيهِ غيرَ مُحْتَفِلِ |
ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدّهْرُ بُغْيَتَهُ |
ولا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ البَطَلِ |
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً |
وجَدتُها مِنهُ في أبهَى منَ الحُلَلِ |
بذي الغَباوَةِ مِنْ إنْشادِها ضَرَرٌ |
كمَا تُضِرّ رِياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ |
لَقد رَأتْ كلُّ عينٍ منكَ مالِئَها |
وجَرّدَتْ خيرَ سَيفٍ خيرَةُ الدّوَلِ |
فَما تُكَشّفُكَ الأعداءُ عن مَلَلٍ |
من الحُروبِ ولا الآراءُ عن زَلَلِ |
وكَمْ رِجالٍ بلا أرضٍ لكَثرَتِهِمْ |
ترَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بلا رَجُلِ |
ما زالَ طِرْفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ |
حتى مشَى بكَ مشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ |
يا مَن يَسيرُ وحُكمُ النّاظرَينِ لَهُ |
فيما يَراهُ وحكمُ القلبِ في الجَدَلِ |
إنّ السّعادَةَ فيما أنْتَ فاعِلُهُ |
وُفّقْتَ مُرْتَحِلاً أوْ غَيرَ مُرْتَحِلِ |
أجْرِ الجِيادَ على ما كنتَ مُجرِيَها |
وخُذْ بنَفْسِكَ في أخْلاقِكَ الأُولِ |
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أدمَى أحِجّتَها |
قَرْعُ الفَوارِسِ بالعَسّالَةِ الذُّبُلِ |
فَلا هَجَمْتَ بها إلاّ على ظَفَرٍ |
وَلا وَصَلْتَ بها إلاّ إلى أمَلِ |