أرى ذلك القرب صار ازورارا

أَرى ذَلِكَ القُربَ صارَ ازوِرارا – وَصارَ طَويلُ السَلامِ اختِصارا
تَرَكتَني اليَومَ في خَجلَةٍ – أَموتُ مِرارًا وَأَحيا مِرارا
أُسارِقُكَ اللَحظَ مُستَحيِيًا – وَأَزجُرُ في الخَيلِ مُهري سِرارا
وَأَعلَمُ أَنّي إِذا ما اعتَذَرتُ – إِلَيكَ أَرادَ اعتِذاري اعتِذارا
وَلَكِن حَمى الشِعرَ إِلّا القَليلَ – هَمٌّ حَمى النَومَ إِلّا غِرارا
كَفَرتُ مَكارِمَكَ الباهِراتِ – إِن كانَ ذَلِكَ مِنّي اختِيارا
وَما أَنا أَسقَمتُ جِسمي بِهِ – وَما أَنا أَضرَمتُ في القَلبِ نارا
فَلا تُلزِمَنّي ذُنوبَ الزَمانِ – إِلَيَّ أَساءَ وَإِيّايَ ضارا
وَعِندي لَكَ الشُرُدُ السائِراتُ – لا يَختَصِصنَ مِنَ الأَرضِ دارا
قَوافٍ إِذا سِرنَ عَن مِقوَلي – وَثَبنَ الجِبالَ وَخُضنَ البِحارا
وَلي فيكَ ما لَم يَقُل قائِلٌ – وَما لَم يَسِر قَمَرٌ حَيثُ سارا
فَلَو خُلِقَ الناسُ مِن دَهرِهِمْ – لَكانوا الظَلامَ وَكُنتَ النَهارا
أَشَدُّهُمُ في النَدى هِزَّةً – وَأَبدُهُمْ في عَدُوٍّ مُغارا
سَما بِكَ هَمِّيَ فَوقَ الهُمومِ – فَلَستُ أَعُدُّ يَسارًا يَسارا
وَمَن كُنتَ بَحرًا لَهُ يا عَلِييُ – لَم يَقبَلِ الدُرَّ إِلّا كِبارا
قصيدة لأبو الطيب المتنبي